تقرير اقتصادي: الأسعار تكشف فشل «أوبك» في تحقيق أهدافها

نشر في 19-03-2015 | 00:08
آخر تحديث 19-03-2015 | 00:08
No Image Caption
توالي الانخفاضات مرشح للتحول إلى حرب حصص بين المنتجين
شركات النفط الصخري، التي تعتبر في معظمها صغيرة ومتوسطة، قادرة على ضبط عملياتها ونفقاتها وفقاً لتحديات أسعار النفط الجديدة في العالم، فضلاً عن أن الحديث عن التكلفة العالية لاستخراج النفط الصخري ليس دقيقاً تماماً، لأن هذه التكلفة تتنوع حسب المناطق.

منذ ان اعتمدت منظمة أوبك في نهاية نوفمبر الماضي قرار عدم تخفيض إنتاجها تراجعت اسعار النفط العالمية بنحو 25 في المئة، في وقت انخفض سعر برميل النفط الكويتي خلال نفس الفترة بما يوازي 27 في المئة، في حين تتضح الصورة بأن دول أوبك، وخصوصا الخليجية، توجه ضغوطات سعرية وتنافسية، مثلها مثل المنتجين الآخرين خارج المنظمة.

فبعد أكثر من 3 اشهر على اجتماع اوبك لم تحقق دول الخليج الكثير من اهدافها على مستوى السوق، كالضغط على روسيا وإيران في ملفات شرق أوسطية متعددة، إلى جانب إزاحة منتجي النفط الصخري ذي الكلفة العالية من السوق، بل إن الصراع في المنطقة يسير في اتجاه يخدم موسكو وطهران أكثر مما يخدم بقية دول الخليج، فضلا عن ان شركات النفط الصخري، والتي تعتبر في معظمها صغيرة ومتوسطة، قادرة على ضبط عملياتها ونفقاتها وفقاً لتحديات اسعار النفط الجديدة في العالم، إلى جانب أن الحديث عن الكلفة العالية لاستخراج النفط الصخري ليس دقيقا تماما، لأن تكلفة الاستخراج تتنوع حسب المناطق، إذ نراها في منطقة يصل الى 80 دولاراً للبرميل، وفي منطقة اخرى 40 دولاراً، وبالتالي فإن انخفاض الأسعار لن يزيح النفط الصخري من السوق كليا.

تحديث المنصات

وحتى انخفاض عدد منصات الحفر للشركات الأميركية، والذي بلغ منذ تراجع أسعار النفط نحو 1200 منصة، يعود بشكل اساسي الى استبدال المنصات القديمة بأخرى احدث وأكثر قدرة على الإنتاج وتكاليفه، لدرجة ان الفائض من الانتاج الاميركي فاق 600 مليون برميل، مما جعل برميل النفط وفق برنت يهبط هذا الأسبوع نحو 6 في المئة من قيمته... وهذه التراجعات تتزامن مع إعلان وزارة المالية الكويتية انخفاض الإيرادات النفطية بـ 20 مليار دولار خلال 11 شهرا، وهو أمر يشير الى حجم الضغط الذي تتعرض اقتصادات الدول الخليجية نتيجة تراجع الأسعار.

وإذا نظرنا إلى أثر النفط في الناتج المحلي الإجمالي لمجموعة من الدول فسنجد ان نفط روسيا يشكل نحو 8 في المئة من اجمالي ناتجها، وبالنسبة إلى إيران يشكل 17 في المئة، أما بالنسبة لدول الخليج فنجد ان الكويت تعتمد على النفط في الناتج المحلي الاجمالي بنسبة تبلغ نحو 59 في المئة، والسعودية 44 في المئة، والامارات 33 في المئة، وقطر 31 في المئة، أما عموم دول «اوبك» فيشكل النفط نحو 32 في المئة من ناتجها المحلي، وهذه البيانات حسب عام 2013.

عوامل الضعف

الأهم هنا ان معظم العوامل التي تضغط على سوق النفط تتعلق بتخمة المعروض، وهي لا تزال ضاغطة على السوق، خصوصا في ظل تراجع النمو في الصين والانكماش في دول الاتحاد الاوروبي الى جانب نمو المعروض في الولايات المتحدة، فضلا عن صعود سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية... هذه العوامل تحتاج الى تجاوب من داخل منظمة اوبك وخارجها لتخفيض الانتاج لإعادة التوازن في الاسعار بما يخفف وطأة التراجع، خصوصا على الدول الخليجية التي تصل نسبة الاعتماد على النفط فيها إلى نحو 93 في المئة كما في حالة الكويت.

دور الخليج

وجود ملاحظات من دول الخليج على عمل أوبك، أهمها عدم التزام العديد من الدول الأخرى في المنظمة بقرارات سابقة لخفض الانتاج، مما يؤدي الى خفض حصة الملتزمين في السوق، يمكن التعامل معه قبل الاجتماع المقبل في يونيو بوضع ضوابط على الحصص لكل دولة، ومطلوب من دول الخليج ان تدعم اتخاذ موقف موحد يدعم توجهاتها في إلزام المنظمة بمتابعة الانتاج، وعدم تجاوز الحصص كي لا يعاقب الملتزم على التزامه بقرارات الغرض منها حماية السوق النفطي، وبالتالي عندما يكون الموقف من مجموعة دول لها ثقلها في الانتاج النفطي فلا بد أنه سيكون أقوى وأكثر إلزاما من موقف دولة بعينها.

فدول الخليج تستحوذ على أكبر احتياطي نفطي في العالم يقدر بـ485 مليار برميل، أي ما يعادل 35.7 في المئة من إجمالي الاحتياطي العالمي من النفط الخام، وما نسبته 70 في المئة من إجمالي الاحتياطي العالمي لمنظمة أوبك، وهذه الكميات تحملها مسؤولية اتخاذ المبادرة تجاه السوق للتعاطي مع الأوضاع الجديدة التي يفرضها الطلب العالمي.

فرص إصلاح

إذا كان في انخفاض اسعار النفط فرصة للكويت ودول الخليج، فهي ليست لاستخدمها لضغط سياسي او لتنحية منتجين اخرين او ازاحة نفوط غير تقليدية، بل لاتخاذ اجراءات عاجلة تستهدف تقليل الاعتماد على النفط في الميزانية والاقتصاد وزيادة حجم الإيرادات غير النفطية من إجمالي الإيرادات، والأهم على المديين المتوسط والطويل العمل على تنويع الاقتصاد واستقطاب الاستثمارات وتوفير فرص عمل خارج القطاع الحكومي، فالوفرة والفوائض التي تحققت منذ عام 2000 يبدو أنها لن تكون متاحة على المدى القريب، وبالتالي لا بد من قرارات جدية نتخذها اليوم في وضع مريح افضل من اتخاذها في أوضاع صعبة.

حرب أسعار

التوافق في مواقف دول أوبك، وخصوصاً الخليجية منها، تجاه السوق والإنتاج والاسعار مرشح الى ان يتحول الى حرب حصص بدأت فعليا بين الكويت والسعودية والعراق، في ظل تصاعد المنافسة على السوق الآسيوي وتقديم الخصومات للمشترين وفق اسعار تفضيلية، لاسيما مع تراجع الطلب وزيادة المعروض، وهنا يمكن أن نشاهد اسعاراً جديدة أكثر انخفاضا، وبالتالي فإن المعالجة لسوق النفط يجب ان تكون في اساسيات السوق المتعلقة بالعرض والطلب، لا لأي سبب اخر.

back to top