آخر مهازل السياسة في العراق

نشر في 02-05-2015
آخر تحديث 02-05-2015 | 00:01
 أنس محمود الشيخ مظهر شهد العراق قبل أيام فضيحة سياسية جديدة يمكن وصفها بفضيحة الموسم لبرلمانيين عراقيين جُبِلوا على إثارة الفتن والأزمات، فلا يكادون يسمعون جعجعة حتى يبدأوا بالزعيق وكَيل التهم لهذا الطرف أو ذاك للنيل من منافسيهم حتى لو كان من ينتقدونه يمثل نقطة الضوء الوحيدة في الواقع العراقي المعتم، فقد خرج أصحاب هذه الأصوات النشاز منذ أيام على الإعلام ليدّعوا قيام "داعش" بمذبحة في ناظم الثرثار، قُتل فيها حسب زعمهم مئة وثلاثون من الجنود العراقيين، متهمين حكومة العبادي بالتقصير، ومطالبين باستجواب وزير الدفاع بل تقديم استقالته، ولم يكتفوا بهذا الحد بل طالبوا بمنعه من السفر إلى حين الانتهاء من التحقيق في الموضوع.

ولم يكد هذا الزعيق يملأ فضاء العراق السياسي حتى ظهر أن الخبر عار من الصحة تماماً، وهو من تلفيق الشرذمة التي كانت تحكم العراق طوال السنوات الثماني الماضية، بغية إضعاف حكومة العبادي وإفشال جهودها في ترميم ما أفسدوه في العراق.

ولا نعرف هل فبركة هذا الخبر كانت لجهلهم السياسي أم أنهم أصبحوا أبواقاً لـ"داعش" من حيث يعلمون أو لا يعلمون، فأصل الخبر كان تسريبات لمواقع تابعة لتنظيم "داعش" نشرت صور جثث ادّعت أنها لجنود عراقيين في ناظم الثرثار قُتلوا بعد أن سيطر "داعش" على الناظم.

إن كان تبني جوقة الفتن للخبر هذا ناتجاً عن جهلهم السياسي، فذلك هو المضحك المبكي في أن تنحدر مجموعة كانت تحكم العراق ثماني سنوات إلى هذا المستوى الضحل من الإدراك والوعي بأن تستقي معلوماتها الخبرية من صفحات الإنترنت، وتكون مصادرها الخبرية هي صفحات التواصل الاجتماعي، مثلها مثل أي مواطن عراقي عادي بدلاً من أن تكون على اتصال دائم بالمؤسسات الحكومية في الدولة والمطبخ السياسي فيه، وتستقي معلوماتها منهما مباشرة.

 ولو قبلنا من ساسة المصادفة هؤلاء أن يأخذوا أخبارهم من صفحات الإنترنت ومواقعها أفلا يجدر بهم التأكد من هذه الأخبار قبل تبنيها، كما يطلبون هم أنفسهم من الإعلام التأكد من الأخبار التي يذيعها؟

 يبدو أن في العراق ساسة فضائيين ليست لديهم مهمة سوى الجلوس في بيوتهم و"التسمر" أمام أجهزة الكمبيوتر، أما إذا كانوا يتقصدون نشر هذه الأخبار الملفقة رغم علمهم بكذبها، فهم بذلك متورطون بشكل أو بآخر مع أهداف وتوجهات "داعش" الإعلامية، ومتناسقون معها في إحباط معنويات المؤسسة العسكرية العراقية وإثارة البلبلة في صفوف العراقيين الذين هم بأمسّ الحاجة الآن إلى الثقة بقدرات جيشهم، وإمكانات مؤسستهم العسكرية، وفي هذه الحالة فإن عذرهم أقبح من الذنب نفسه.

كيف يمكن للمواطن العراقي الذي ارتكب غلطة عمره في انتخاب هؤلاء أن يثق من اليوم فصاعدا بادعاءات هذه الجوقة التي لم تدخر جهداً في إشاعة روح البلبلة والكراهية، وانعدام الثقة بين العراقيين أولاً، وبين العراقيين وأجهزة الحكومة ثانيا؟

الغريب في الأمر أن جميع الأصوات المزعجة التي تلقفت هذا الخبر وتبنته هي نفسها التي كانت أيام ترؤسها للحكومة تعيش على إثارة الأزمات وما زالت تتبنى نظرية الأزمات نفسها.

والآن وبعد اكتشاف فضيحة ناظم الثرثار فإن جوقة الفتن مطالبة بالاعتذار رسمياً للشعب العراقي أولاً ورئيس الوزراء العبادي ثانياً، وكذلك وزير الدفاع على وجه الخصوص، والذي حاولوا اتهامه بالتقصير والتعمد، وتجب محاسبتهم في الدفع بالأمور إلى التشنج وزيادة الشرخ بين أبناء الوطن الواحد في فتنة كادت تؤدي إلى إفشال كل الجهود الرامية لمحاربة "داعش".

* كردستان العراق – دهوك

back to top