أحلام «مصلعة»
التنمية عرس لم يحضره المواطن، ولم يشهد تفاصيله من «طق طق» تنمية البشر إلى «سلام عليكم» تنمية الحجر، بلادنا لم تصبح مركزاً مالياً، بل أصبحت مركز «أمالي»، والتنمية تحولت إلى «مجرد تمنيات»، ودرة الخليج أصبحت «للخلف در» في التعليم والصحة والبنى التحتية!
سأل صحافي ثلاثة أفارقة عن رأيهم في أكل اللحمة؟ فكان جواب الأول: ما هو الأكل؟! بينما أجاب الثاني: ماذا تقصد باللحمة؟! أما الأخير فكان جوابه: ماذا تعني بالرأي؟!وسبحان الله، من عاب ابتلي! فعلى قدر ما أضحكتني هذه النكتة في "الزمانات"، صرت أخشى اليوم أن تحلو بلادنا في عين الصحافي إياه، فيزورنا ليسألنا كما سأل ذوي إفريقش!
تصوروا لو جمع أخونا ثلاثة من مواطنينا، وسألهم: ما هو رأيكم في فوائض التنمية؟ أتوقع، والله أعلم، أن يكون جواب المواطن الأول: ماذا تقصد بالتنمية؟ بينما سيهز الثاني رأسه، ويقول: ماذا تعني بالفوائض؟ أما الثالث طبعاً فسيكون جوابه: ما هو الرأي؟ولا تلوموا الثلاثي المواطني على إجاباتهم المستفهمة "فالنكتة لابسانا لابسانا"، ومع سبق الإصرار و"التبسم"! ومجاعة إفريقيا لا تقل تأثيراً عن مجاعتنا التنموية، كلتاهما حلها الوحيد تلخصه جملة: "يجيب لله مطر"! التنمية عرس لم يحضره المواطن، ولم يشهد تفاصيله من "طق طق" تنمية البشر إلى "سلام عليكم" تنمية الحجر، بلادنا لم تصبح مركزاً مالياً، بل أصبحت مركز "أمالي"، والتنمية تحولت إلى "مجرد تمنيات"، ودرة الخليج أصبحت "للخلف دور" في التعليم والصحة والبنى التحتية!الفوائض سقى الله ملياراتها، زارتنا وخرجت خفيفة كالنسمة، مرت سريعاً إلى درجة أن نسماتها لم تشعر بها خدود المليون نسمة من المواطنين، حتى الساسة من وزراء ونواب يتكلمون عنها بصيغة المجهول، ولا يريدون حتى الاعتراف بأنها كانت موجودة أصلاً، أنا عن نفسي اقتنعت بأن الفوائض فعلاً أسطورة تضاف إلى أساطيرنا مثل الغول والعنقاء والخل الوفي وكاس آسيا!أما الرأي، فقد صار شارعاً ذا مسارين، مسار "إن لم تكن معي" ومسار "فأنت ضدي"، ومن يرد عبوره فليعبره على مسؤوليته الشخصية، وكم من مذيع دهسته على شارع الرأي شكوى مسرعة يقودها متنفذ كان مشغولاً بموبايله يغرد عن الإنجازات، وكم من مغرد التقطت أرقام حروفه كاميرا مرور اللئام فشوهوا سمعته ظلماً لمجرد رأي طرحه، وكم من كاتب سقط على رأسه عموده الصحافي في الجريدة، فهشم أضلاع مقاله!أدعو الله أن يسكن أخانا الصحافي إياه مساكنه ويكفينا شره وشر أسئلته وأن يحفظ لنا "شعرة الأمل" الوحيدة التي مازالت تستر أحلامنا التنموية المصلعة!