سرطان البروستات: ما الخطر؟
إذا كنت ممّن يقرأ أخبار الصحة بانتظام، فأنت ربما على دراية بسيل الدراسات التي تدّعي اكتشاف عوامل خطر جديدة تؤدّي إلى سرطان البروستات، وهي أمورٌ تميّز الرجال الذين هم من الناحية الإحصائية، أكثر عرضةً لتطور هذا المرض. ويتعدّد المرشّحون بين من يأكل منتجات الألبان، أو من يشرب المشروبات السُكَرية، أو الأصلع (صدّق أو لا تصدّق!)، أو من يعمل سائقَ شاحنات.
لكن بالنسبة إلى سرطان البروستات، تبقى أكثر العوامل تأثيراً هي العمر، وتاريخ العائلة، والعرق أو الإثنية.
لكن بالنسبة إلى سرطان البروستات، تبقى أكثر العوامل تأثيراً هي العمر، وتاريخ العائلة، والعرق أو الإثنية.
إذا كان والدك أو أخوك على سبيل المثال مصاباً بسرطان البروستات، فإنّ الخطر المحدق بك كبير. ويجزم الدكتور مارك ب. غارنيك، أستاذ الطبّ في غورمان بروذرز ورئيس تحرير التقرير السنوي عن أمراض البروستات الذي تنشره كلية الطبّ في جامعة هارفارد: إذا كان تاريخ عائلتك حافلاً بسرطان البروستات، فأنت معرّضٌ من دون أدنى شكّ لخطر أكبر من المعدّل}.في حال كان خطر إصابتك بسرطان البروستات مرتفعاً، فمن البديهي أن تجري فحصاً لاكتشاف المرض المستتر باللجوء إلى اختبار المستضد البروستاتي المحدّد، وإذا جاءت نتيجة الأخير مرتفعةً وأكّدت الخزعة وجود السرطان، فيمكنك أن تخضع للعلاج فوراً، بيد أنّ هذه الاستراتيجية قد تأتي بنتائج عكسية. فالفحص الروتيني من شأنه، إذا ما تبعه التشخيص والعلاج، أن يحول دون الوفاة بسبب سرطان البروستات لدى عددٍ قليل نسبياً من الرجال. لكن غالباً ما ترافقه مشاكل في المسالك البولية أو في الانتصاب.
ما الذي يحدّد الخطر؟يصل احتمال أن يتسبّب سرطان البروستات بوفاة رجل في أميركا إلى 3%، أي واحد على 33. أمّا إمكان أن يُشخّص المرء مصاباً بسرطان البروستات، فأعلى بأشواط، وتصل إلى معدّل حالة من أصل ستّ حالات تقريباً. ويمكن أن يشكّل العمر، وتاريخ العائلة، والعرق أو الإثنية عواملَ تزيد من هذه الأخطار أو تحدّ منها.• العمر: يعتبر العمر أقوى عامل خطر في الإصابة بسرطان البروستات. تتمتّع خلايا رجالٍ كثيرين بنموٍّ غير طبيعي في غدد البروستات، ويمكن أن تمسي هذه الخلايا في ما بعد ورمَ بروستات شديد الخطر لدى قلّةٍ من الرجال. وتشير هذه الدراسة إلى أنّ 46% من الرجال في الخمسينيات من عمرهم قد يحملون مثل هذه الخلايا السرطانية، وترتفع هذه النسبة إلى 83% لدى الرجال في سبعينياتهم. ولهذا السبب غالباً ما يُقال إنّ الرجال بأغلبهم سيُصابون بسرطان البروستات إذا ما عاشوا عمراً طويلاً بما يكفي لذلك.• تاريخ العائلة: الرجل الذي أصيب والده أو أخوه بسرطان البروستات في أيّ سنةٍ من عمره معرّض مرّتين أكثر من المعدّل للإصابة بالمرض عينه. ومن شأن هذا الخطر أن يرتفع مع ازدياد عدد الأقارب الذين تمّ تشخيص حالاتهم ومع مدى القربى التي تجمعهم بالمرء. بمعنى آخر، أن يكون والدك مصاباً بسرطان البروستات يعني خطراً أعظم مقارنة بإصابة عمّك به. بالإضافة إلى ذلك، كلّما تمّ تشخيص أحد أفراد عائلتك باكراً، ازداد الخطر المحدق بك، فإذا شُخّص والدك مثلاً في خمسينياته، يعتبر الخطر المحدق بك أعظم.• أبقِ التالي أيضاً أمام ناظريك: يصل معدّل خطر الوفاة بفعل سرطان البروستات إلى 3%. وتزيد عوامل خطرٍ إضافية الخطر الضئيل نسبياً والكامن عند الرجال كلّهم تقريباً.• العرق والإثنية: يعتبر سرطان البروستات أكثر شيوعاً لدى الرجال الأميركيين من أصلٍ أفريقي مقارنةً بالرجال البيض من أصلٍ غير إسباني، أو بالرجال الأميركيين من أصلٍ إسباني أو آسيوي. وفي إحدى الدراسات، تمّ تشخيص 1،6% من الرجال الأميركيين من أصول أفريقية في أوائل سبعينياتهم مصابين بسرطان البروستات، مقارنةً بـ 1% من الرجال البيض. وقد سجّل الرجال الأميركيون من أصلٍ أفريقي عند إجراء التشخيص مستوياتٍ أعلى من المستضد البروستاتي المحدّد ومرحلةً أكثر تقدّماً في تفشّي السرطان. بيد أنّ العرق بمفرده ليس إلّا جزءاً من الصورة. عموماً، تختلف المجموعات العرقية والإثنية بطرقٍ يمكن أن تسهم في خطر الإصابة بالسرطان، بما فيها النظام الغذائي، وأسلوب الحياة (كعادة ممارسة التمارين الرياضة والتدخين)، والانتفاع من الرعاية الصحية، والوضع الاجتماعي والاقتصادي. لا تستطيع أن تغيّر عمرك، أو تاريخ عائلتك، أو عرقك، لكن يسعك تحسين نظامك الغذائي. وقد أظهرت دراساتٌ عدة أنّ الرجال الذين يعتمدون نظاماً غذائياً صحياً ويمارسون التمارين الرياضية بانتظام أقلّ عرضةً للإصابة بسرطان البروستات. إليك إذاً أنماط الأكل هذه التي يبدو أنّ الرجال أصحاب الخطر المنخفض يعتمدونها:• استبدل الأطعمة القائمة على الكربوهيدرات المصنّعة، كالمشروبات المحلّاة بالسكر، والخبز الأبيض، والأرزّ الأبيض بالأطعمة القائمة على الحبوب الكاملة، مثل خبز القمح الكامل، والأرزّ الأسمر، والكينوا.• استبدل الدهون الحيوانية بالأطعمة التي تحتوي على زيوتٍ نباتية أكثر صحة، كالأفوكادو، والجوز، وزيوت فول الصويا، والكانولا، والزيتون (يميل الرجال الذين يستهلكون أكبر كمية من الدهون الحيوانية إلى تسجيل أعلى نسب إصابة بسرطان البروستات وبسرطاناتٍ أخرى).• قلّل من استهلاك اللحوم الحمراء والمصنّعة، إذ يميل الناس الذين يتّبعون نظاماً غذائياً غربياً تقليدياً يحتوي على كمّيات مهمّة من اللحوم الحمراء والمصنّعة إلى تسجيل نسبٍ أعلى من سرطان البروستات والسرطانات الأخرى.خطر مرتفعفي حال كان الخطر المحدق بك مرتفعاً...إنّه لخبرٌ رائعٌ أن يعلمك أحدهم بأنّ فحص الرجال الذين يسجّلون خطراً مرتفعاً كفيلٌ بأن يحدّ من احتمال أن يتوفّوا بفعل سرطان البروستات، وليس واضحاً إلى الآن أنّ الأمر كذلك.ما نعلمه، استناداً إلى تجربتين سريريتين أساسيتين، هو أنّ الفحص يحول دون الوفاة بفعل سرطان البروستات في حالة واحدة من أصل ألف رجل تمّ فحصهم. مردّ ذلك إلى أنّ معظم سرطانات البروستات ينمو ببطءٍ ويُستبعد أن يتسبّب بأيّ مرضٍ أو يقصّر من عمر الرجل. وبسبب القلق من مضاعفات العلاج، لا توصي المبادئ التوجيهية الطبية بالفحص الروتيني للرجال كافةً.وعلى الرغم من المردود غير المؤكّد، يستمرّ رجالٌ كثيرون بإجراء اختبار المستضد البروستاتي المحدّد على نحوٍ منتظمٍ. في حال تعتقد أنّك تواجه خطراً أكبر من المعدّل لأيّ سببٍ من الأسباب، تحدّث في هذا الموضوع مع طبيبك. وعليك قبل إجراء الفحص أن تكون على أكمل دراية بالمخاطر المحتملة لاختبار المستضد البروستاتي المحدّد، والخزعة، والعلاج.ويختم د. غارنيك: {بالنسبة إلى الرجال الذين يودّون الخضوع لفحصٍ ويتفهّمون الفوائد المحدودة للغاية والمخاطر المهمّة، من المعقول إجراؤه. وإذا انتهت الحال بأحدهم مصاباً بالسرطان، يمكننا إذاً تطبيق عددٍ كبير من الوسائل المختلفة لمساعدته على أن يقرّر إذا ما يريد أن يُعالج أم لا}.