بلد المليون عطلة

المهم أن كل هذه الأمور تحدث بسبب عيد يخص الحجاج بالدرجة الأولى ولا يخص جميع الناس كما هي الحال مع عيد الفطر!حتى لو كان هناك مبرر لإقرار مثل هذه العطلة الطويلة، فليت أن الدولة قد سهلت مسبقا أمور الناس الحياتية حتى لا يحسوا بأثر هذه العطلة السلبي عليهم، وليت أن معاملاتهم تقضى بسهولة ويسر دون المرور بألف إجراء وألف توقيف واعتياد سماع عبارة (تعال باجر) عند مراجعة الوزارات! وليت أن من يريد فتح رخصة تجارية يستطيع فعل ذلك عن طريق الإيميل وهو جالس في بيته وخلال يوم واحد فقط كما هي الحال في سنغافورة، بدلا من قضاء أسابيع في دهاليز وزارة التجارة أو دفع مبالغ لمخلصي المعاملات حتى يضمن إصدار رخصته التجارية خلال أيام وربما عن طريق الرشوة! وليت أن البلد مليء بالمنتجعات ومدن الملاهي الجديدة، ومزدهر بالسياحة الداخلية بدلا من الاعتماد على مدينة ترفيهية أكل عليها الدهر وشرب، وعلى منتزه واحد يجب أن تحجز عنده قبل ستة أشهر من الموعد الذي تريده!عن أي تنمية نتحدث والحكومة وبكل سهولة تمنح هذه العطل الطويلة من غير معنى ولقطاع عام يعاني أصلاً البطالة المقنعة والتخلف وعدم الإنتاج؟ وكيف لنا أن نتطور ونخرج من وضعنا المزري والحكومة تشجع على الكسل والبطر والصرف دون أي مسؤولية فيما سعر برميل النفط في نزول مستمر (عساه ينزل أكثر حتى يستفيق الجميع من سباتهم العميق)؟! لقد بات واضحا أن الحكومة تتعمد إعطاء الناس المزيد من إبر التخدير لأنها عاجزة عن إدارة البلد وانتشاله من مشاكله الكثيرة، ولأنها تريد تحويل الأنظار عما يجري فيها من محسوبيات و"واسطات" لشراء الولاءات السياسية على حساب البلد، والمصيبة الكبرى أن شعب الله المخدر يفرح لمثل هذه القرارات لأنه تعود على عدم الإحساس بالمسؤولية، وهو أمر سيدفع ثمنه غاليا يوما ما.