كيف تتفاعل نجمات التمثيل مع الشخصيات التي يجسدنها؟

نشر في 17-01-2015 | 00:01
آخر تحديث 17-01-2015 | 00:01
الأدوار في حياة الممثل مثل الخبز في حياة الأشخاص، فبدونها لا يستطيع العيش وبفضلها يحقق ذاته ويبيّن قدراته وإمكاناته... لذا يتفاعل معها ويندمج مع بعضها إلى حد يجد فيه المشاهدون التباساً بين الواقع والتمثيل، فيدفع أحياناً ثمن الدور الذي يؤديه، خصوصاً إذا كان شريراً، إذ قد يظن البعض ان الشر من طبيعة الممثل، ويصل به الأمر إلى حد كرهه.
في المقابل، تؤدي الشخصية التي يجسدها الفنان دوراً إيجابياً بالنسبة إليه، وذلك من خلال مساهمتها في تغيير الكثير من طباعه في الواقع، وتهذيب مشاعره، فيبدو بعد انتهاء التصوير كأنه ولد من جديد.
هنا مجموعة من الممثلات في العالم العربي يتحدثن عن تفاعلهن مع شخصيات جسدنها.
رسالة حقيقية وهادفة

فادي عبدالله

زهرة الخرجي

{أطلق مسلسل «مدينة الرياح» (عُرض عام 1988 على شاشة تلفزيون الكويت)  شهرتي، وشكل أول بطولة حقيقية لي في الدراما التلفزيونية»،  تقول الفنانة المتألقة زهرة الخرجي، إذ  جسدت فيه شخصية حيزبونة، شيطان على هيئة امرأة عجوز شمطاء تتحول إلى فتاة جميلة.

تنشر حيزبونة وشقيقها علقم (خالد العبيد) ووالدهما الحيزبون الأكبر (ماجد سلطان) الفتنة والفساد في المجتمع من خلال التأثير على الشاب الطيب عجاج (عبدالرحمن العقل)،  وما زالت تلك الشخصية تحقق صدى طيباً حتى اليوم.

تضيف أن أكثر أدوارها نجاحاً تلك التي أدّتها في مسلسلات: {القرار الأخير} (1997)، {درات الأيام} (1998)، {دروب الشك} (1999)، {جرح الزمن} (2001)، فضلا عن دور الشقيقة الكبرى في {يوم آخر} (2003)،  خصوصاً أنه مع الثلاثي الناجح: المؤلفة المبدعة وداد الكواري، الفنان الكبير عبدالعزيز جاسم، والمخرج المتميز أحمد المقلة، معتبرة إياه نقلة مهمة في مشوارها الفني، وهو أول مسلسل خليجي بطولته نسائية ويجمع هذا الكم من الممثلات.

أما دورها الرومنسي في {كريمو} فيشكل محوراً رئيساً ونقلة لأحداث المسلسل،

إذ أضافت من خلاله بصمة جديدة على رصيدها الفني، شاكرة الفنان داود حسين لاختيارها لتجسيده.

كذلك أبدت سعادتها بنيلها لقب أفضل ممثلة في الدراما الرمضانية عن دوريها في مسلسلي {ثريا} و{للحب كلمة}، من خلال تصويت الجمهور، وتكريمها الرسمي في {مهرجان أيام المسرح للشباب العاشر}.

عبير الجندي

«ليس من الضروري أن تعكس الشخصيات الدرامية التي جسدتها ملامح من شخصيتي في الواقع، يجب أن يفصل المتلقي بين الاثنين، سواءً في التلفزيون أو المسرح أو الإذاعة أو السينما»، تشير الفنانة د. عبير الجندي، لافتة إلى أنه من الأهمية بمكان الفصل بين الأدوار المتميزة  التي يؤديها الفنان في الدراما وشخصيته الحقيقية.

تضيف أن ثمة أدواراً محببة إلى قلبها، أدتها بمصداقية كي تصل إلى المشاهدين، وتحمل رسالة إيجابية، من بينها الشخصية التي جسدتها في مسلسلي «جرح الزمن» و{الحريم»، وتتمحور حول امرأة ضعيفة وحزينة، مكسورة الجناح ومكتئبة، لافتة  إلى الجهد المبذول في أدائهما، والصعوبة في تحويل الشخصية المكتوبة على الورق إلى شخصية نابضة بالحياة لها مشاعر وأحاسيس، لكن ردود الفعل والأصداء الطيبة بددت كل هذا التعب. المحامية في «نقطة تحوّل»، أحد أبرز أدوارها، إذ تجسد شخصية امرأة تدافع عن بيتها، حكيمة، تحمل فكراً، وشخصية الشيخة مريم في «إخوان مريم»، الأقرب إلى قلبها. تعتز بمشاركتها في «باب الفتوح» إخراج أحمد عبدالحليم، وتجسد فيه شخصيتين متناقضتين هما سارة اليهودية والمرأة المناضلة.

كذلك تفتخر بأدائها في مسلسل «الدار»، خصوصاً مشهد الحوار بينها وبين الأم (أمينة القفاص) التي تركها ابنها على باب دار المسنين وهرب، لافتة إلى أنه بعد عرض المسلسل عمدت إحدى النساء  المتزوجات إلى إخراج والدتها من دار المسنين، مؤكدة أن هذه رسالة الفن الحقيقية والهادفة.

حنان المهدي

«معظم مشاركاتي في مهرجانات «أبو الفنون» متميزة، وتحتل موقعاً مهماً في مشواري المسرحي»،  تؤكد حنان المهدي موضحة أنها تبحث دائماً عن أدوار جديدة، كي لا تدخل في دائرة التكرار، خصوصاً أنها تحبذ المشاركة في أعمال نوعية، بعيداً عن المسرح التجاري، ومشيرة  إلى أن نجاحها فيها، جعلها تشعر بالخوف، لذا تسعى إلى أدوار مختلفة، لكن ضمن إطار التميز، حتى لا تهدم ما بنته في أعمالها السابقة مثل «مونولوج غربة».

تعتز بدور «الليدي ماكبث» الذي أدته منذ ايام في مسرحية «من منهم هو؟» لفرقة المسرح الشعبي على هامش «المهرجان العربي للمسرح» في المغرب.

كذلك  تثمن مشاركتها مع مسرح الشارقة الوطني في «صهيل الطين»، إذ جسدت شخصية  ابنة تعيش في سجن والدها الطاعن في السن، وهو قبو لصناعة التماثيل، مكبلة بسلاسل طغيانه وجبروته واستبداده، محرومة من شمس الحرية.

تضيف أن سعادتها لا توصف عندما يتوج الأداء اللافت بجوائز، على غرار نيلها جائزة أفضل ممثلة واعدة في مهرجان الكويت المسرحي الثامن (2005) عن دورها في {الهشيم} لفرقة المسرح الكويتي، وأفضل ممثلة دور أول في الدورة الحادية عشرة من المهرجان نفسه عن دورها في {طقوس وحشية} للمسرح الكويتي، وأفضل ممثلة دور أول في مهرجان الخرافي المسرحي السابع 2010 عن دورها في {دماء بلا ثمن} لفرقة مسرح الشباب.

بين التطابق والتناقض

بيروت  -   ربيع عواد

رولا حمادة

{ثمة مدرستان في التمثيل، واحدة تنادي بالغاء الذات خدمة للشخصية وأخرى تنادي بأن ينطلق الممثل من أحاسيسه لتجسيد الشخصية مع تعديلها وتغييرها بما يتناسب مع الدور}، توضح رولا حمادة التي تميّزت بأدوار اختارتها بعناية ودقة، ولا تتوانى عن الاحتجاب بعد  الانتهاء من أي عمل لها، في حال لم تجد دوراً يستحق مسيرتها الدرامية المشرقة، مؤكدة: {لا أقبل إلا بالدور الذي يرضيني معنوياً وفنياً}.  آخر أدوار حمادة {دينا} و{ديانا} في مسلسل {جذور}، و{ياسمين} و{قمر} في مسلسل {وأشرقت الشمس}.  تعتبر أن {ياسمين} صورة عن المرأة القوية المناضلة، وهي تشبهها لناحية تحمّل المرأة مسؤولية كبيرة في حياتها من دون أن يدرك الآخرون ذلك،  تضيف: {شخصيتي في هذا العمل تشبهني كونها قوية حيناً ومنكسرة حيناً آخر، إنما بذكاء، كالعشبة التي تميل مع الريح ولا تنكسر}.  تتابع أنها تتحمس لتجسيد شخصية المرأة القوية المناضلة، لأن ثورة تتأجج في داخلها وتقول: {المرأة هي من يبني العائلة ومن خلالها يُبنى المجتمع، إنها الأم التي تزرع العنفوان والكرامة في قلوب أولادها لينشأوا على الشهامة وعزة النفس، ورفض اغتصاب الغير لأرضهم وبيتهم وكرامتهم}.  تشير إلى استحالة أن يؤدي الممثل أدواراً تشبه شخصيته الحقيقية، بل يكمن الشغف بالتمثيل في الخروج من الذات وإقناع المشاهد بشخصية هو أبعد ما يكون عنها،  {لكل شخصية خصوصية معينة، فضلا عن أنني أرفض التكرار في أدواري، وإذا تشابهت الشخصية الجديدة  مع إحدى شخصياتي السابقة، أضيف إليها أموراً وأعدّل فيها لئلا أكرر نفسي}.

ورد الخال

{لكل شخصية قدمتها خلال مسيرتي الدرامية وجهان: {أحدهما يعكس جزءاً منّي والثاني يناقض شخصيتي}  تؤكد ورد الخال التي جسدت أخيراً شخصيتين على الشاشة: {غادة قابلة قانونية في {عشق النساء}، ونورا صاحبة مكتب للزواج في {عروس وعريس}. في كلا الوجهين تميز أداؤها  بالإتقان والصدق في المشاعر، إلى درجة أنها تشرك المشاهد بحزن الشخصية التي تجسدها وآلامها وآمالها.

تضيف أنها أقرب إلى شخصية المرأة القويّة في ضعفها إجمالاً، والمنتفضة ضد واقعها غير مكسورة أو ضحيّة. تتابع: «غادة في «عشق النساء» لا تشبهني تماماً لأنها مثالية وتذهب إلى أبعد الحدود بصدقها وطيبتها، فيما أنا لست كذلك رغم  ميلي إلى المثالية في بعض المواقف،  مع ذلك لا أنفي تأثري بها، إذ أخذت منها بعض الصفات والمميزات  وصممت على أداء الدور لأن  تركيبة غادة النفسية صعبة، فتحديت نفسي بهذه الشخصية وبهذا المسلسل». 

تعتبر أن للخبرة دوراً  في الفصل بين الشخصية المجسدة وشخصية الممثل الحقيقية. {لطالما صرحت بأن  شخصية  المرأة المطلّقة التي تثور على تقاليد المجتمع البالية والتي جسدتها في مسلسل «أجيال»  تشبهني إلى حد بعيد كونها ترفض السكوت على ظلم الآخرين فكيف على نفسها}.

توضح:» أحببت هذه الشخصية لأنها تجسد صورة المرأة التي أحبّها، ولو مررت بالظروف نفسها لكنت تعاطيت معها بالسلوك نفسه. لست امرأة ضعيفة، بطبعي، بل أحبّ المواجهة والتحدّي وأرفض حرق حياتي لأسباب سخيفة».

كارلا بطرس

«لم أجسد شخصية تشبهني  تماماً لكني في كل واحدة أضع بعضاً من ذاتي ومن إحساسي، وأضمّنها صورة مصغّرة عن شخصيتي الحقيقية ولو بحزء بسيط منها»، تؤكد كارلا بطرس التي جسّدت، خلال مسيرتها الفنية، أنماطاً وشخصيات مختلفة، وأدواراً مركبة، آخرها رحاب في مسلسل «الإخوة»، وهي فذّة لا تكفّ عن الصراخ ، وسناء في فيلم {فيتامين}.

كونها عارضة أزياء سابقة لا تسعى بطرس في أعمالها إلى عرض مفاتنها بل إلى إقناع المشاهد بإحساسها، وتضيف: «سناء صاحبة فندق في قرية «بير المير»، وهي سيدة تعشق القرية وترفض مغادرتها رغم معاناة السكان، من الفقر والموت وهجرة الشباب، حتى حبيبها تركها ورحل، لكنها رفضت الذهاب معه، سناء هي المرأة المناضلة التي تحافظ على الناس والقرية والوطن، وفي هذه النقطة بالتحديد تشبهني كثيراً».

تتابع: «حتى الأدوار التي لا تشبهني أجتهد في أن يكون فيها نفس ولو بسيط من شخصيتي،  فرحاب في «الإخوة» لا تشبهني، لكن عملت على أن تكون قريبة من حقيقتي، من خلال خفة ظلها وعفويتها، وهما صفتان أضفتهما من عندي لجعلها قريبة إلى واقعنا ليس أكثر».

توضح أن على كل ممثل أن يجري بحثاً حول الشخصية التي يقدمها، ويلبسها ما يناسبها، على طريقته، لكن  ثمة نصاً ننطلق منه وهو الأساس في صناعة الشخصية، ثم أضيف إليه  خبرتي وإحساسي.

دور جديد ومواقف خاصة

القاهرة  –  بهاء عمر

 «وادي الملوك» الذي أدّت فيه دور البطولة مع سمية الخشاب ومجدي كامل، و{أم كلثوم» من أقرب المسلسلات  إلى قلب صابرين، نظراً إلى صعوبة التركيبة النفسية للشخصية التي جسدتها في الأول، وحجم التحدي الذي واجهته في تجسيد شخصية كوكب الشرق في الثاني، لذا تعتبرهما من أهم العلامات في مشوارها الفني.

توضح أن السيناريو والحوار الذي كتبه الشاعر عبد الرحمن الأبنودي لـ «وادي الملوك» أحد أهم عوامل نجاح الدور والعمل ككل، بسبب معرفة الأبنودي الوثيقة بالمجتمع في صعيد مصر، وحساسيته كشاعر مهتم بالتفاصيل الدقيقة بكل شخصية.

بدورها تعتبر غادة عبد الرازق أن دور المحامية في «مع سبق الإصرار»،  وزوجة الرئيس في «السيدة الأولى» من أقرب الأدوار إليها، نظراً إلى طبيعة الشخصية التي أدتها في المسلسلين وتضمنت تناقضات نفسية، وهو ما تعتبره تحدياً فنياً لإظهار الشخصية على الشاشة، وخروجاً من نطاق السيدة الجميلة التي يلتفت الرجال إليها.

تضيف أن الدور الجيد لا يحسب بعدد مشاهده، فضلا عن وجود دور يمثل نقلة في كل مرحلة، مشيرة إلى أنها أدّت في فيلم «عن العشق والهوى» أحد أبرز أدوارها في مسيرتها الفنية سينمائياً، ما جعلها تتميز في أعمال لاحقة، لكن من دون أن تنفي  صعوبة اختيار الممثل دوراً واحداً ليكون أبرز ما قدمه.

تشابه وجرأة

تعتبر بسمة دورها في مسلسل {الداعية}، الأقرب  إليها نفسياً، خصوصاً  أن طبيعة الشخصية التي جسّدتها تشبه، إلى حد كبير، شخصيتها الحقيقية كونها فنانة وثورية وصاحبة آراء سياسية ومشاركة فعالة.

تضيف أنها، على المستوى الشخصي، ترتبط نفسياً بـ {الداعية}، لأنها أدت دورها فيه، بينما كانت حاملاً بابنتها ناديا التي ولدتها بعد انتهاء التصوير بفترة قصيرة، فارتبط بذكرى أسعد أحداث حياتها.

دور رابعة العدوية الذي أدته في فيلم {رابعة}، أحد  أقرب الأدوار إلى نبيلة عبيد، كونه قدمها في شكل مختلف  عن الأدوار التي كانت تقدمها آنذاك، لافتة إلى أن فيلم {الراقصة والسياسي} أحد أهم أعمالها لجرأة طرحه السياسي، وهو ما لم يكن موجوداً  في تلك الفترة.

بالنسبة إلى هالة صدقي، دورها في  {هي فوضى}، الأقرب إلى نفسها، ليس لتعاونها مع المخرج العالمي يوسف شاهين في آخر أعماله فحسب، إنما لكون الفيلم  يعبر عن الواقع المصري بشكل حقيقي، بل وتنبأ بالثورة المصرية في نهايته، وصور أحداثاً وصلت إلى حد التطابق مع ما حدث على الأرض في ثورة يناير.

دورها في فيلم {ليلة ساخنة} أحد أجمل الأدوار التي تعتز بها لبلبة سينمائيا ليس بسبب كمّ الجوائز التي حصلت عليها من خلاله، بل لتعاونها مع المخرج عاطف الطيب الذي قدمها بصورة مختلفة أهلتها لخوض مرحلة فنية جديدة، واستمرارها سينمائياً. تضيف أن دورها في فيلم {ضد الحكومة} الأقرب إلى نفسها، إذ تقاسمت  بطولته مع أحمد زكي، مؤكدة أن أفلامها مع عادل إمام تشكل نقطة تحول بالنسبة إليها، نظراً إلى النجاح الكاسح الذي تحققه.  

back to top