صورة لها تاريخ: الجهراء... قرية يفوق عمرها عمر الكويت

نشر في 09-01-2015 | 00:05
آخر تحديث 09-01-2015 | 00:05
قلنا في الأسبوع الماضي إن الجهراء كان بها قصر له أبراج، وكان بها مربط خيل للتاجر الكبير يوسف البدر وعدة بيوت مبنية، وذلك طبقاً لرواية حاجي أحمد في يومياته التي تناولنا جزءاً منها في الأسابيع الماضية. ويدل وجود القصر ومربط الخيل والمنازل المبنية أن هذه القرية كانت مأهولة بالسكان في ذلك العام، وهو عام 1863م، والسؤال الذي يدعونا إلى التفكير والبحث في هذا الصدد هو إلى أي عام يعود اسم الجهراء؟ ومتى سكنها العرب؟ والجواب عن هذا السؤال لا يمكن أن أضعه أمام القارئ الكريم في مقال صغير مثل هذا، كما أنني لا أعرف الإجابة الشافية والشاملة لمثل هذا التساؤل، لكنني أستطيع أن أقول إن تاريخ الجهراء يعود إلى ما قبل القرن الثامن عشر على أقل تقدير، فاسمها أورده الحاج السوري مرتضى بن علوان في عام 1709م، وأشارت إليها بعض كتب التاريخ في عام 1793م عندما أقام سعود بن عبدالعزيز السعود معسكره فيها وهو متعقب عربان بني خالد الذين كانوا مجتمعين في الجهرة آنذاك. ويشير بعض الكتاب والمؤرخين إلى أن اسم الجهراء  ورد في مصادر قديمة، وذكروا أنه يعود زمنياً إلى أكثر من ألف عام، والله أعلم. يقول الأستاذ خالد طعمة الشمري في إحدى تغريداته إن الجهراء ذكرها الشاعر هارون بن زكريا الهجري (توفي عام 300 هجرية) في قصيدة منها الأبيات التالية:

هل تعرف الدار بالجهراء قاويةً

بين البحار وبين الهُضب ذي الجِـــمــم

جرّت بها الريح أذيالا تُنسّـــــفها

    بحاصبٍ من تراب المؤْر مُلتــــحم

من فيض جَرْعاء جاد الغيث باطنها

نوّ الربيع ونوّ الصائـــفِ النَّجِم

  ما يعنينا هنا هو أن الجهراء اسم قديم لقرية صغيرة كانت معبراً للكثير من القوافل المتجهة من الجزيرة العربية إلى العراق والعكس، بقصد التجارة أو زيارة بيت الله الحرام، نظراً لأن الجهراء واحة جميلة تتوافر فيها مياه الشرب الجوفية، وهي قريبة جداً من البحر. وربما كانت الجهراء هي "كاظمة" التي سكنها بنو العنبر بن عمرو بن تميم قبل الإسلام، ووقعت فيها معركة "ذات السلاسل" الشهيرة عام 12 بعد الهجرة النبوية بين العرب بقيادة خالد بن الوليد والفرس بقيادة هرمز، وكان النصر حليف العرب. في المقال القادم سأتحدث عن نشأة الجهراء بعد نزوح مجموعة من رجال أسرة السعيد إليها في منتصف القرن التاسع عشر، ولكن قبل أن أنهي مقال اليوم أقدم للقراء الكرام صورة جوية للجهراء في الستينيات (كما اعتقد) توضح العديد من المعالم الرئيسية والمنازل والمزارع، وهي من أرشيف شركة نفط الكويت، ونشرتها قبل عدة سنوات في كتابي "الكويت بالأبيض والأسود" الجزء الأول.

back to top