مقدمات السكري... أكثر من مجرد سؤال
هل من الممكن شفاء مقدمات السكري (prediabetes) أم أن تشخيص هذه الحالة يعني أنك ستعانيها دوماً أو أنك ستُصاب بالداء السكري في النهاية؟
لا يعني تشخيص مقدمات السكري تلقائياً أنك ستُصاب بالداء السكري لا محالة. لكن هذه الحالة تشكل إنذاراً. فإن لم تقم بالتغييرات اللازمة، يكون خطر أن تتحول مقدمات السكري إلى داء السكري عالياً. ولكن باتخاذ بعض الخطوات، مثل تحسين نظامك الغذائي والتمرن بانتظام، قد يكون التأثير الإيجابي كبيراً.يظهر الداء السكري عندما تعاني كمية كبيرة من السكر، الذي يُدعى أيضاً الغلوكوز، في الدم. عندما يهضم الجسم عادةً الطعام، يدخل السكر مجرى الدم ومن ثم الخلايا، حيث يشكل وقوداً لهذه الخلايا. ويدخل السكر الخلايا بواسطة هرمون الإنسولين.
عندما تتناول الطعام، يفرز البنكرياس الإنسولين في مجرى الدم. وفيما ينتقل هذا الهرمون في الدم، يؤدي دوراً أساسياً يسمح للسكر بدخول الخلايا ويخفض معدل السكر في دمك. ولكن في حالة مَن يعانون الداء السكري ومقدمات السكري، لا تسير هذه العملية بالطريقة الصحيحة. فبدل تغذية الخلايا، يتراكم السكر في مجرى الدم.يمكن تحديد الداء السكري ومقدمات السكري بواسطة فحص يحلل مقدار الغلوكوز في الدم. يتراوح معدل الغلوكوز الطبيعي في الدم بعد الصوم بين 70 و100 مليغرام في الديسيلتر. ويشخص الأطباء إصابتك بالداء السكري إن كان معدل الغلوكوز في دمك بعد الصوم يبقى باستمرار أعلى من 126 مليغراماً في الديسيلتر.أما المنطقة الوسطى بين 100 و126 مليغراماً في الديسيلتر، فتشير إلى مقدمات السكري. وتُعتبر النقطة الأساس التي يجب التنبه إليها في هذه المنطقة الرقم 110. فقد أظهرت الدراسات أن مَن يظل معدل السكر في دمهم بعد الصوم أعلى دوماً من 110 يُصابون بالداء السكري خلال السنوات العشر التالية. الدهن المفرطلا نعرف بالتحديد أسباب مقدمات السكري، إلا أن الدهن المفرط، وخصوصاً في منطقة البطن، ونمط الحياة الخامل يُشكلان على ما يبدو عاملين مهمين في الإصابة بمقدمات السكري. كذلك كشفت الدراسات أن نظام الغذاء والتمرن يشكلان العلاج الأكثر فاعلية لمحاربة مقدمات السكري والحؤول دون تطور هذه الحالة إلى الداء السكري.على سبيل المثال، تناولت إحدى الدراسات الشاملة بعنوان {برنامج الوقاية من الداء السكري} حالة عدد من الناس يعانون مقدمات السكري. فقسمت المشاركين إلى ثلاث مجموعات. تلقت المجموعة الأولى الدواء للوقاية من الداء السكري. ونُصحت المجموعة الثانية بالحد من كمية الطعام التي تتناولها والإكثار من التمرن، إلا أنها لم تُعطَ توجيهات محددة حول ما يجب أن يشمل ذلك ولم تتناول أي أدوية. أما المجموعة الثالثة، فلم تُعطَ الأدوية أيضاً، غير أنها اضطرت إلى اتباع خطة نشاط محددة فرضت عليهم التمرن ما لا يقل عن 30 دقيقة خمس مرات في الأسبوع. كذلك حصلت هذه المجموعة على نصائح غذائية على أساس شهري بغية مساعدتها في تعديل عاداتها الغذائية والحد من استهلاك الطعام.أظهرت النتائج أن المجموعة الثالثة قللت خطر الإصابة بالداء السكري إلى حد كبير. فقد حققت نتائج أفضل من المجموعة التي تناولت الدواء للوقاية من هذا المرض. ففي هذه المجموعة الأخيرة، تراجعت حالة المشاركين لتصبح مشابهة لمن لم يتلقوا أي تدخل، ما إن توقفوا عن أخذ الدواء. ويشير هذا إلى أن الأدوية لم تبدل التاريخ الطبيعي لمقدمات السكري. بدلاً من ذلك، عالجت بكل بساطة الداء السكري في حالة المشاركين الذين أُصيبوا به خلال الدراسة.يُعتبر اتخاذ الخطوات الملائمة لمنع مقدمات السكري من التحول إلى داء سكري بالغ الأهمية بالنسبة إلى صحتك. للداء السكري انعكاسات خطيرة واسعة النطاق. فيُعتبر هذا المرض راهناً السبب الرئيس للعمى في حالة مَن تتراوح أعمارهم بين العشرين والرابعة والسبعين. كذلك يشكل السبب الرئيس وراء أمراض الكلى والسبب الأول لبتر أحد الطرفين السفليين. علاوة على ذلك، يزيد الداء السكري إلى حد كبير خطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية.إن كنت تعاني مقدمات السكري، فاستشر طبيبك. ويمكنك أن تتعاون معه لوضع خطة بهدف الحؤول دون ازدياد حالتك سوءاً. وتُعتبر الرياضة، النظام الغذائي، وأحياناً الدواء، فضلاً عن تغييرات أخرى في نمط الحياة، الوسيلة الأكثر فاعلية لإعادة معدلات السكر في الدم إلى مداها الطبيعي وحماية صحتك في المستقبل.