اعتقالات في أوروبا... وتظاهرات في العالم الإسلامي
● 20 «خلية نائمة» لضرب أوروبا ● كيري في باريس للعزاء بعد 9 أيام من الهجمات ● هولاند يطالب برَّد جماعي
وضعت قوات الأمن البلجيكية في حالة تأهب قصوى أمس، بعد قتلها مسلحين اثنين عادا من سورية، مؤخرا، في إطار عدة مداهمات استهدفت شبكة إسلاميين يشتبه في أنهم يدبرون هجمات وشيكة، في وقت شهدت فرنسا.
وسط أنباء عن وجود 20 «خلية إرهابية نائمة» مستعدة لشن هجمات في عدد من الدول الأوروبية، تضاعفت العمليات ضد جهاديين منذ مساء أمس الأول في أوروبا، حيث تم التدخل ضد خلية كانت على وشك التحرك «خلال بضع ساعات» في بلجيكا، مع حملة مداهمات واعتقالات في الأوساط الاسلامية في برلين، واعتقالات في المنطقة الباريسية، على علاقة باعتداءات الأسبوع الماضي.وفي فرنسا، شهد التحقيق في الاعتداءات التي نفذها الأخوان سعيد وشريف كواشي، والجهادي حمدي كوليبالي، 7 يناير الجاري في قلب باريس، وأسفرت عن 17 قتيلا، تطورا جديدا مع توقيف 12 شخصا في العاصمة.وقال مصدر قضائي إنه سيتم استجواب الموقوفين حول أي «دعم لوجستي محتمل» قد يكونون قدموه لمنفذي الاعتداءات، خصوصاً بالأسلحة والسيارات.رد جماعيوخلال تقديمه تعليمات وتمنيات إلى أعضاء السلك الدبلوماسي في الإليزيه، دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس الى رد «جماعي» و»حازم» في مواجهة الإرهاب «الذي نحاربه»، مشيرا إلى المجازر التي يرتكبها المتطرفون خصوصا في نيجيريا.وفي وقت سابق، طالب هولاند وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالعمل معا، قائلا: «تعرضتم لاعتداء إرهابي استثنائي في 11 سبتمبر 2001. علينا العمل معا لإيجاد الرد اللازم»، مضيفاً: «هذا هدف لقائنا اليوم، إضافة الى الصداقة التي تم التأكيد عليها».تعازٍ أميركيةوأكد كيري، الذي وصل إلى باريس لتقديم تعازيه بضحايا الاعتداءات متأخراً، أن واشنطن «تشعر بألم» الشعب الفرنسي، مبررا غيابه عن المسيرة التاريخية ضد الارهاب الاحد الماضي بأنه كان يقوم برحلة.وقام كيري، مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس، بوضع باقة من الزهور أمام المتجر اليهودي، حيث قتل كوليبالي 4 خلال عملية احتجاز للرهائن، ثم أمام مقر صحيفة شارلي إيبدو، حيث قتل الاخوان كواشي 12 شخصا، كما اجرى مؤتمرا صحافيا مع عمدة باريس.تأهب بلجيكيوفي بلجيكا، رفعت السلطات حال التأهب غداة عملية عنيفة نفذتها الشرطة ضد خلية جهادية في فرفييه، قتل خلالها اثنان من المشتبه بهم، بعدما ردوا على الشرطة مطلقين النار من أسلحة حربية.وأعلنت النيابة العامة الفدرالية في بلجيكا أن عملية مكافحة الارهاب الواسعة النطاق، التي جرت مساء أمس الأول، أسفرت عن توقيف 13 شخصا ومقتل اثنين يشتبه في أنهم جهاديون في سياق تفكيك خلية كانت على وشك تنفيذ اعتداءات تهدف الى «قتل شرطيين».وأوضحت النيابة أن بلجيكا ستطالب بتسليم بلجيكيين أوقفا في فرنسا في اطار هذا التحقيق. وأفادت عدة وسائل إعلام بأن المشتبه بهم العائدين مؤخرا من سورية كانوا يستعدون لتنفيذ اعتداء ضد اجهزة الشرطة «في غضون ساعات».وفي بروكسل، أغلقت مكاتب الشرطة، ونفذت عملية تحقق من الهوية قبل السماح لأي شخص بالدخول. وفي مناطق كثيرة طلب من الشرطيين عدم السير في الشوارع بلباسهم الرسمي بدون أسلحة وسترات واقية من الرصاص.وبرر وزير الداخلية جان جامبون هذا القرار بأن «عملية التطهير هذه قد تحمل آخرين على الانتقال إلى ارتكاب فعل ما». وعنونت صحيفة «دي غازيت انتفيربن»: «الشرطة تحبط باريس ثانية»، بينما ذكرت صحيفة «دي تيد» الاقتصادية أن «أجهزة الأمن تلقت تهديدات جديدة» تحت عنوان «بلجيكا تخشى اعتداء جديداً».روابط جهاديةونفى رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أمس أي «رابط مباشر» في المرحلة الراهنة بين اعتداءات باريس الاسبوع الماضي وعملية مكافحة الارهاب التي جرت في بلجيكا، قائلا: «لا نعتقد ان هناك رابطا مباشرا. الرابط القائم هو إرادة الارهابيين في مهاجمة قيمنا ومواطنينا». وأعلن وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز، لشبكة «إي تيلي» التلفزيونية الفرنسية، أن «العمليات انتهت على الأرض»، مشيرا إلى «عمليات دهم كثيرة في البلاد». ورفع مستوى الخطر الارهابي، الذي وصف بأنه «خطير» في جميع انحاء بلجيكا خلال ليل الخميس - الجمعة، درجة الى المستوى 3 على سلم من اربع درجات.مداهمات ألمانيةوبينما أغلقت بعض المدارس اليهودية في بلجيكا وهولندا، شهدت ألمانيا أكثر من عشر مداهمات صباح أمس «في الأوساط الإسلامية». وتم اعتقال تركيين احدهما يشتبه في أنه يقود «مجموعة من المتطرفين» كانت تخطط لارتكاب «عمل عنيف وخطير في سورية»، والثاني كان يهتم بمالية المجموعة.غير أن الشرطة أشارت إلى أنه ليس لديها «أي مؤشر يدل على ان المجموعة كانت تعد لاعتداءات في ألمانيا».خلايا نائمةفي غضون ذلك، كشف مسؤول استخباراتي غربي، لمحطة «CNN» الأميركية، أمس، عن وجود ما لا يقل عن 20 «خلية نائمة»، تابعة لجماعات ومنظمات «إرهابية»، تضم بين 120 و180 مشتبها، مستعدة بالفعل لشن هجمات في عدد من الدول الأوروبية.وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن أجهزة الاستخبارات في الاتحاد الأوروبي ونظيرتها في منطقة الشرق الأوسط توصلت إلى أن هناك «تهديدات بهجمات وشيكة» في عدد من الدول الأوروبية، من بينها بلجيكا، وربما في هولندا.وأضاف أنه بحسب المعلومات التي حصلت عليها أجهزة استخبارات غربية، فإن تلك «الخلايا النائمة» يمكنها توجيه ضربات في كل من فرنسا وألمانيا، وبلجيكا، وهولندا، والأخيرتين هما الأكثر تهديدا بهجوم وشيك، دون أن يفصح عن مزيد من التفاصيل. إلى ذلك، بثت مواقع تديرها جماعات متشددة على الإنترنت، مقطع فيديو جديدا صباح أمس، منسوبا إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، يتضمن تهديدا بشن هجمات جديدة في «كل أوروبا» والولايات المتحدة. ونشر ما يعرف بـ»ولاية الرقة»، المقطع، الذي بلغت مدته 2.35 دقيقة، وتم تصويره في عدة أماكن مفتوحة، بعنوان «لقاءات حول عمليات فرنسا المباركة». وتضمن لقاءات مع ثلاثة مسلحين من عناصر التنظيم، تحدثوا باللغة الفرنسية، عن هجمات باريس الدامية.تظاهرات منددةشهدت عدة دول عربية وإسلامية أمس، تظاهرات منددة بالرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة في عددها الأول الذي أصدرته بعد تعرضها لمجزرة دموية على أيدي إسلاميين متشددين.وخرجت تظاهرات بعد صلاة الجمعة في القدس، وتجمع مصلون في باحة المسجد الأقصى رافعين لافتات كتب عليها «قائدنا للأبد سيدنا محمد»، وأعلام لحركتي «حماس» و»الجهاد الإسلامي». وفي العاصمة الأردنية «عمّان» تظاهر المئات منددين بالرسوم بعد صلاة الجمعة، كما تظاهر العشرات في الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة في مدينة حلب السورية. وفي مدينة طرابلس في لبنان، تظاهر العشرات أيضاً كما شهدت عدة مدن عربية تظاهرات مماثلة خصوصاً في الجزائر.وفي إيران، أعلن طلاب تأجيل تظاهرة إلى يوم الإثنين أمام السفارة الفرنسية في «طهران» بانتظار الحصول على تصريح من السلطات. وفي باكستان، أطلقت الشرطة أمس، طلقات تحذيرية واستخدمت خراطيم المياه لتفريق متظاهرين ينتمون إلى الفرع الطلابي لحزب الجماعة الإسلامية، كانوا يحتجون بعد صلاة الجمعة على صحيفة «شارلي إيبدو» أمام قنصلية فرنسا في كراتشي.ونظمت كذلك تظاهرات أمس، في إسلام أباد ولاهور وبيشاور وفي مولتان، حيث تم حرق علم فرنسي، بعد إدانة باكستان، ثاني بلد مسلم في العالم، الاعتداء على «شارلي» ما أدى إلى اشتعال الجدل، لاسيما إثر خروج تظاهرة في بيشاور حيث نفذت حركة طالبان الشهر الماضي اعتداء أوقع 150 قتيلاً، تضامناً مع الأخوين شريف وسعيد كواشي مرتكبي الاعتداء على الصحيفة.(بروكسل، باريس، برلين - أف ب، رويترز، د ب أ)«علماء السعودية»: «الإساءة» تخدم المتطرفيننددت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالاستمرار في نشر الرسوم المتطاولة على خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي أرسله الله تعالى رحمة للعالمين محمد صلى الله عليه وسلم، مشددة على أنها لا تمت إلى حرية الإبداع والتفكير بصلة.وقال الأمين العام لهيئة كبار العلماء د. فهد الماجد: «إن جرح مشاعر المسلمين بهذه الرسومات لا يخدم قضية، ولا يحقق هدفاً صائباً، وهو في المحصلة النهائية خدمة للمتطرفين الذين يبحثون عن مسوغات للقتل والإرهاب».وأضاف الماجد أن «واجب العالم أن يصنع الاحترام المتبادل والتعايش البناء، ولن يكون ذلك بإهانة المقدسات والرموز الدينية».