المالكي يفتي في مواصفات منصب رئيس الجمهورية

نشر في 19-07-2014
آخر تحديث 19-07-2014 | 00:01
 أنس محمود الشيخ مظهر يبدو أن الخطاب السياسي الذي حاول المالكي ابتداعه محاولاً تقليد الإدارات الأميركية قد أصبح نقمة عليه، خصوصاً أن هكذا خطابات تهدف إلى عرض الحلول التي تراها الحكومات مناسبة لمشاكل معينة يعانيها الشعب لطمأنته وتقوية ثقته بحكومته، وبما أن المشاكل في العراق أصبحت مزمنة، وعجز المالكي عن إيجاد حلول مناسبة لأي واحدة منها، فقد ارتأى الهروب من معضلة الكلام عن الحلول إلى محاولة إثارة مشاكل جديدة لعرضها على الشعب من خلال هذه الخطابات الأسبوعية كي يزيد الطين بلة.

ففي آخر خطابين أسبوعيين له لم يعرض نوري حلولاً للمشكلات الأمنية التي يعانيها البلد، ولا خططا كفيلة بإيقاف الهزائم المتكررة لجيشه وفشله في تحقيق نصر عسكري أمام ثوار المدن السنية، ولم يعرض حلولا لما تعانيه الطائفة السنية من ممارسات طائفية لميليشياته، ولا حلولا للمشكلات الاقتصادية التي أصبحت آخر هم الفرد العراقي بعد تفاقمها، إنما هرب إلى الأمام لإثارة أزمات جديدة مع إقليم كردستان سواء باتهامه بمعاداة حكومته الفاشلة، أو بعرض شروط مفترضة لمرشح التحالف الكردستاني لمنصب رئاسة الجمهورية، وبذلك هو يؤكد الوصف الدقيق الذي وصفه به رئيس إقليم كردستان بأن الرجل يعيش حالة هستيرية يبدو أنها أصبحت مزمنة.

هنا نريد أن نوضح بعض النقاط لنعرف كم أن الرجل أصبح خارج نطاق الزمان والأحداث التي يمر بها العراق:

- تغافل نوري عن أنه يمثل حاليا رئيس مجلس وزراء (تصريف أعمال) لا يحق له قانوناً الإدلاء بأمور تعتبر من صميم السيادة العراقية، تتعلق بالدورة البرلمانية اللاحقة، خاصة أنه كان يتحدث بصفته الحكومية وليست الحزبية.

- أما بصفته الحزبية فمثلما لا تتدخل أي قائمة بفرض شروطها على مرشح التحالف الوطني لمنصب رئاسة مجلس الوزراء (إلا من خلال مراسلات مباشرة مع التحالف)، فلا يحق للمالكي بصفته الحزبية فرض شروط على مرشح التحالف الكردستاني لمنصب رئاسة الجمهورية من خلال استغلال منصبه الحكومي السابق وعلى الإعلام.

- لا يجوز دستورياً لرئيس مجلس وزراء سابق عرض مواصفات لأي منصب سيادي في الدولة ناهيك عن منصب رفيع مثل منصب رئاسة الجمهورية.

- من سخريات القدر السياسي في العراق أن شخصاً كالمالكي يفرض شروطاً على المناصب السيادية لا يمتلكها هو أساسا، فصفة الوطنية التي فصل فيها كثيراً في خطبته الأسبوعية لا يمكن أن تطرح من شخص لا يتحلى بأقل مستوياتها، فالذي تسبب في تفكيك النسيج الوطني العراقي ووضع العراق على شفا جرف هار من التقسيم، وخسر في عهده العراق مليارات الدولارات في صفقات مشبوهة وعقود فاسدة، وخلق روحا من العداء بين أبناء الوطن الواحد، وآخر منجزاته "الوطنية" الاستعانة بجيوش دول مجاورة لقتل مواطنيه، مثل هكذا شخص ينبغي عليه عدم النطق بكلمة الوطنية من الأساس.

- خطاب نوري يعتبر خطيئة في عالم السياسة وأعرافها المتداولة، فالخطب الأسبوعية لا تعبر عن أفكار السياسي بقدر ما تعبر عن الخطوط العريضة لتوجه الدولة الرسمي، وبهذا وقع الرجل في مطب سياسي قد يمكّن التحالف الكردستاني من رفع دعوى قضائية عليه في المحكمة الاتحادية.

- المضحك في خطاب نوري أنه لم يفز حتى الآن بمنصب رئاسة مجلس الوزراء الذي يصادق عليه رئيس الجمهورية، وبذلك فهو يتحرك بشكل تراجعي عكس ما في الدستور، فيعطي رأيه في منصب هو من سيصادق على توليته منصب رئاسة مجلس الوزراء في حال تمكن من تخطي العقبة الأولى في التحالف الوطني، وتخطي العقبة الثانية في موافقة بقية القوائم العراقية عليه.

في الحقيقة إن آخر كلمة أسبوعية للمالكي تعبر تماما عن المستوى المتدني للعملية السياسية في العراق، وعن الهوة الشاسعة بينه وبين الحنكة السياسية رغم مرور ثماني سنوات يفترض أن يكون قد تمرس فيها على ألف باء السياسة.

* كردستان العراق – دهوك

back to top