بلا سقف : يا من شرى له من حلاله «فضيحة»!

نشر في 17-12-2013
آخر تحديث 17-12-2013 | 00:01
 محمد بورسلي في مطلع الألفية الثالثة، أراد الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، طيّب الله ثراه، أن يحظى أبناء وطنه بمنشأة رياضية حديثة ومتطورة مبنية وفقا للمواصفات الفنية والتجهيزات التقنية التي تضاهي أفضل المنشآت الرياضية العالمية، فتم البدء بإنشاء استاد جابر الأحمد الدولي في سبتمبر 2004، وسارت أعمال البناء بسرعة السلحفاة (جرياً على العادة الحكومية)، بيد أن مشيئة الله كانت أسبق وأمضى. توفي الشيخ جابر قبل افتتاح المنشأة الرياضية التي تحمل اسمه، ومضى على وفاته ما يناهز ثمانية أعوام، ولاتزال المنشأة مغلقة للصيانة!

في نفس السياق، أذكر للتاريخ حقيقة كانت غائبة عن ذهني، وأظنها كانت كذلك عن أذهان الكثيرين من أبناء جيلي، عرفتها مؤخراً بعد اطلاعي على أرشيف الصحافي الإماراتي الأخ راشد إبراهيم الزعابي الذي تضمن بين صفحاته خبراً مثيراً نُشر على صفحات جريدة "الاتحاد" الإماراتية في عددها الصادر يوم الأربعاء ١٤ أبريل ١٩٧٦ تحت عنوان "الكويت تنشئ أول مدينة رياضية مغطاة... ومكيفة".

ويذكر الخبر أن الشيخ جابر الأحمد، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء حينذاك، كان صاحب المبادرة. ومما جاء في الخبر المشار إليه: "إرسال مسؤول رياضي برفقة مهندس إلى مدينتي هيوستن ونيو أورليانز في الولايات المتحدة لدراسة المنشآت الرياضية القائمة هناك، وتكليفهما برفع تقرير إلى ولي العهد عن مدى إمكانية تنفيذ منشأة مماثلة في الكويت".

كما جاء أيضاً في جزء آخر من الخبر ذاته: "ستكون المدينة متعددة الأغراض، حيث تشتمل على قاعات للألعاب المختلفة وأحواض سباحة واستاد مغطى ومكيف يعتبر الأول من نوعه في الشرق الأوسط". غير أن ذاك المشروع، وكما هو معلوم، لم ير النور لأسباب أجهلها.

عند العودة إلى الحاضر التعيس، أكرر طرح التساؤل الذي يتردد على ألسنة الرأي العام على اختلاف اهتماماته واتجاهاته: متى سيتم بمشيئة مجلس الوزراء -بعد مشيئة الله- افتتاح استاد جابر رسمياً؟ وللحصول على إجابة لهذا التساؤل المرهق، عليك أن تنساق عنوة في دوامة التسويف والمماطلة التي يجيدها مسؤولو الحكومة، وأن تغرق في سيل من التصريحات المتناقضة والوعود الكاذبة التي تصدر بين فينة وأخرى عن الجهة المشرفة على الاستاد.

وإذا أردت عزيزي القارئ أن تطرح مسابقة ثقافية تعجيزية، وتخصص لها جائزة مليونية -بشرط ألا يفوز أحد بالجائزة- فليكن "سؤال المليون" متمحوراً حول موعد افتتاح الاستاد، والجهة المسؤولة عن تأخر افتتاحه لسنوات، ومن غير المستعبد أيضاً أن تتلقى لاحقاً اتصالاً من مسؤول ما يطلب منك بود التبرع بمبلغ المليون لأعمال صيانة الاستاد، فلا مانع لدى "الهيئة" من قبول التبرعات.

لن أذهب بعيداً في مقارنة الكويت بدول متقدمة، وإنما سأتجه إلى عمل مقارنة عادلة ومنصفة مع دول الجوار. أبدأ من السعودية التي أعلنت مطلع العام الجاري انطلاق أشغال البناء في ملعب الملك عبدالله الدولي، الذي يتسع لـ65000 متفرج بمدينة جدة، على أن يتم تسليمه مطلع العام الجديد، ثم أتجه إلى مدينة العين الإماراتية، حيث تم الانتهاء من بناء استاد هزاع بن زايد، المزوّد بسقف مظلل وبطاقة استيعابية تصل إلى 25000 متفرج خلال 14 شهراً فقط، اللهم لا حسد.

وبصفتي مراقباً للنهضة "المباركة" المحيطة بنا، يحق لي أن أتساءل: ألا يخجل المسؤولون عن تأخير افتتاح "استاد جابر" وهم يتفرجون على ذلك؟ في الحقيقة، لم أجد على تساؤلي هذا مجيباً سوى صدى صوتي: لو أنهم امتلكوا ذرّة من الخجل لاستقالوا من تلقاء أنفسهم وجلسوا في بيوتهم يمارسون الطبخ.

إن التلكّك في افتتاح الاستاد (المغلق إلى أجل غير معلوم) هو حقاً أمر مخجل ناتج عن تسيب واضح، وهو مثال صارخ على تعويم المسؤولية وغياب المحاسبة. وبصراحة ومن غير (مكياج) مزيّن للكلمات، أقول إنها "فضيحة" بكل المقاييس، ما عدا المقياس الحكومي المختل. وخلاصة القول في هذه (المسألة / المعضلة): يا من شرى له من حلاله... فضيحة!

قفّال:

تجميد (اللَّحم) يضمن بقاءه صالحاً للاستهلاك لأمد طويل، وتجميد (الحُلم) يؤدي إلى إفساده!

back to top