بوشعيب عطران: الكتابة بلغات مختلفة أكسبت الشعر المغربي تجارب حقيقية

نشر في 26-01-2014 | 00:02
آخر تحديث 26-01-2014 | 00:02
يرى الشاعر والقاص المغربي بوشعيب عطران أن الشعر المغربي الحديث يتميز بتنوع تجاربه، فقد اكتسب عبر أزمانه المختلفة وكتابته بلغات أخرى خصوصية أثبت عبرها حضوره القوي في المحافل الدولية.
حول المشهد الإبداعي في المغرب ومسيرة الشاعر وأعماله كان الحوار التالي معه.
كيف تقيّم  المشهد الإبداعي المغربي في الوقت الحالي؟

مشهد غير ثابت بين مد وجزر، بسبب الفوضى وسوء التنظيم من طرف الجهات الوصية، رغم محاولاتها الخجولة فإنها لا ترقى إلى مستوى تطلعات المبدع المغربي ولا تعكس صورته الحقيقية، فقد ظل وفياً لعمله الإبداعي الطموح متحدياً العوائق بجهوده الفردية، ومراهناً على التطور والتجديد.

يرى البعض أن المشهد القصصي والروائي في المغرب يتفوق على الإبداع الشعري، ما رأيك؟

كل شخص في موقعه يدلي بدلوه، وكل إبداع سواء كان رواية أو شعراً له مكانته الخاصة، ولا يمكن ترجيح كفة على الأخرى. بالإضافة إلى الرعيل الأول في الكتابة، نجد وافدين جدداً من الشباب إلى قطاعات  الأدب من دون استثناء.

كشاعر وقاص أي من هذه الألوان الأدبية الأقرب إليك؟

كانت باكورة أعمالي ومحطتي الأولى شعراً، به أتحسس آلام ذاتي والانغماس في الهموم التي تحرك دواخلي. في الوقت نفسه أكتب القصة، أصطاد ما يروج أمامي، وما مرّ بي وبقي عالقا بذاكرتي، فالعملية الإبداعية في نظري ليست مرهونة بتخصص ما، بل أنا منجذب لها من دون تمييز، ولا يمكن أن أضع نفسي في خانة من خاناتها.

صدر لك ديوان «رعشات من رصيف الانتظار» حدثنا عنه.

اخترت في ديواني عوالم مختلفة تمتلئ بنبض الحياة والواقع وعلاقتهما الشائكة والمتشابكة بالآخر والالتفات إلى المهمش في الوجود، لأعبر بصدق عن واقع اغترابي زخم بالتناقضات والصراعات، والبحث عن سبل الخلاص وتحرير الذات وتطهيرها.

 أما القصة فهي مشاهد عابرة لحكايات مقلقة، تمر بي وتسكن ذاكرتي على حافة الحلم واللحظات الهاربة، لأختزل كتابتها على شكل قصة قصيرة أو قصيرة جداً.

ولماذا ابتعدت عن الأدب سنوات طويلة؟

 لم يكن ابتعاداً كلياً بل ظللت وفياً للقراءة، ومواكبة ما يروج في الساحة الأدبية لأعود إلى الكتابة برغبة حارقة، عودة إلى الحلم، عودة إلى الذات.

كيف تحدد الشعر المغربي الحديث؟

 يتميز الشعر المغربي الحديث بتنوع تجاربه عبر أزمان مختلفة، وقد أكسبته كتابته بلغات أخرى حتى العامية خصوصية أثبت بها حضوره القوي في المحافل الدولية، وليس في الوطن العربي فحسب.

والقصة القصيرة جداً التي بدأت تشهد رواجاً عربياً؟

كل جديد غير مرغوب فيه... هذه حال القصة القصيرة جداً اليوم في وطننا العربي، رغم التضايق منها ومحاربتها فإنها بدأت تعرف انتشاراً وإقبالا من لدن المبدع والمتلقي، وأصبحت لها مكانة مهمة في الساحة الأدبية العربية.

برأيك هل صنعت الحداثة فجوة بين المتلقي والمبدع؟

على العكس؛ تم تجسير هذه الفجوة وكسر الحواجز التي كانت قائمة بين المبدع والمتلقي، وقربت بينهما وزادتهما التصاقا، فالمعلومة أصبحت أسرع من البرق، وخير دليل على ذلك شبكات التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر) التي سهلت الانتشار.

ما مدى تأثرك وتأثر الأدب المغربي بالحضارة الغربية، لا سيما الفرنكوفونية، خصوصاً أن الكثير من الأدباء العرب في شمال أفريقيا يكتبون باللغة الفرنسية؟ وهل يحدث ذلك ازدواجا لدى القارئ؟

بالطبع ثمة تأثير واضح، خصوصاً مع الدول المستعمرة من فرنسا وإسبانيا، تأثير كبير ساهم في هدم الهوة القائمة بين الثقافة الغربية والمغربية، عملية يخضع لها الجميع من خلال الترجمة وتلاقح الثقافات وغيرها من تأثيرات متغيرة. والمغرب كبقعة جغرافية هو بلد متنوع المناخ والتضاريس والحدود أيضاً؛ تشرف على المحيط الأطلسي والأبيض المتوسط معاً منطقة شمال المغرب مثلا؛ والتي أنتمي إليها، لا سيما مدينة تطوان، وهي منطقة متأثرة بما هو إسباني لساناً وثقافة، مسافة محسوبة تفصلنا عن القارة الأوروبية، حيث إسبانيا هي النقطة الأقرب إلينا جغرافياً، لذلك يشعر المتجول في ربوع المغرب كأنه يزور أكثر من بلد.

يتهم البعض الحركة النقدية بأنها تتسم بالشللية في وطننا العربي، ما ردّك؟

ثمة حركة نقدية حاضرة إلا أن الفعل النقدي لا يرقى إلى المستوى والهدف المنشودين، عبر انتشار مصطلحات نقدية غربية تزيد من غموض النص، ثم معظم النقاد لا يتلمسون الطريق الصحيح لنقد هادف بناء، فإما تجد نقداً قادحاً أو مجاملاً. والشللية أضرت بالحركة الأدبية العربية، وهو ما نشاهده في كثير من الندوات والمؤتمرات الأدبية والثقافية.

ماذا عن سقف الحرية والكتابة في المغرب حالياً؟

رغم اتساع مجال حرية التعبير، فإنها تسير ببطء شديد وليست في المستوى المطلوب منها ويجب أن تكون أكثر من ذلك.

كيف يمكن لنا النهوض بالثقافة العربية والأدب العربي؟

تمكنت الثقافة العربية، بفضل روادها الأوائل، من رسم معالم طريقها بوضوح، بالتجديد وتأصيل مفهوم الإبداع. لكنها اليوم تواجه صعوبات تعيق مسارها، من بينها: ضعف القراءة، غزو العولمة، وعدم التشجيع والدعم الكافي للمبدعين، فإن تغلبنا على هذه العوائق حتماً ستقوم اعوجاجها.

ما جديدك في الفترة المقبلة؟

ما زال في جعبتي الكثير... مجموعة قصصية في الطريق، وديوان على شكل شذرات شعرية، يبقى العائق دائماً النشر والتوزيع.

back to top