زيارة الراعي الى كفر برعم: ترحيب لا يخلو من تحفظات

نشر في 13-05-2014 | 00:01
آخر تحديث 13-05-2014 | 00:01
زيارة القرية المارونية الفلسطينية الوحيدة تحرك مياهاً راكدة... وأملاك الكنيسة والتجنيد والمقاطعة أبرز عناوينها
قرية كفر برعم المهجرة، هي قرية في الجليل الأعلى، تبعد 4 كيلومترات فقط عن الحدود مع لبنان. ما يميز هذه القرية الفلسطينية، أنها الوحيدة التي كانت تسكنها غالبية مارونية، وهي القرية المسيحية (الصرفة) الوحيدة في قضاء صفد.

في عام 1948 أُمر سكانها بمغادرتها مدة أسبوعين، وحتى الآن مازالوا يحاولون العودة.

في عام 1952، حصل أهالي القرية على قرار من المحكمة الإسرائيلية العليا بعودتهم إلى قريتهم، إلا أن هذا الأمر لم يُنفَّذ، بل على العكس صودرت أراضيهم، ودُمرت بيوتهم في عام 1953 باستثناء كنيسة القرية ومدرستها، وأُعلِنت القرية منطقة عسكرية.

أهالي كفر برعم لم يتوقفوا أبداً عن محاولات العودة، وكان لهم محطات عدة بارزة منها إضراب 1972 الذي قاده المطران يوسف ريا، وهو مطران لبناني من مدينة زحلة تولى أبرشية عكا وحيفا وسائر الجليل للروم الملكيين.

يتقاطر أهالي كفر برعم إليها في مناسبات الزواج والموت والأعياد الدينية لتثبيت تمسكهم بالأرض، ومنذ نحو عام عادت مجموعة من الناشطين إلى كفر برعم وأقاموا في خيام أو داخل المدرسة  بالتزامن مع تحركات مماثلة في قرية إقرث المسيحية المجاورة التابعة لقضاء عكا.

واستصدرت السلطات الإسرائيلية قراراً قضائياً بإخلاء المعتصمين العائدين الذين تمكنوا من تأجيل أمر الإخلاء، إلا أن العد التنازلي قد بدأ لتنفيذه. وعادت كفر برعم إلى الواجهة بعد تقارير أفادت بأن بطريرك الموارنة بشارة الراعي الذي سيقوم نهاية الشهر الجاري بزيارة تاريخية غير مسبوقة إلى القدس سيزورها وسيصلي فيها بحضور عدد كبير من أهاليها ومن أهالي القرى المجاورة وعدد من مسيحيي 1948.

وانقسم أهالي كفر برعم الذين يقيمون بين الجش وحيفا وعكا والمكر والناصرة والقدس ، بين مرحب ومتحفظ عن هذه الزيارة، التي لم تؤكدها مصادر كنسية، ولم تعلن السلطات الإسرائيلية موقفها منها بعد. وحركت الزيارة مياهاً راكدة في المجتمع المسيحي الفلسطيني ولامست عناوين بارزة منها عودة القرى المسيحية المهجرة وتجنيد المسيحيين في الجيش الاسرائيلي وأملاك الكنيسة المارونية المصادرة من قبل اسرائيل، إلى جانب جدل التطبيع.

يعقوب

أحد الأعضاء الفاعلين في لجنة أهالي كفر برعم كامل يعقوب، يعلق على الزيارة قائلا: «إذا قرر غبطته المجيء، فهو مرحب به في كفر برعم المهجرة، فنحن أبناء هذه البطريركية، ومن الطبيعي أن يزور البطرك أبناءه تحت كل الظروف، وأن يقف بجانبهم مقوياً عزيمتهم وصمودهم وتواصل مطالبتهم ليعودوا إلى بيوتهم وأراضيهم وتاريخهم».

وأكد يعقوب أن لجنة أهالي كفر برعم سبق أن التقت الراعي في عمان في عام 2012، وأن «غبطته على علم بتفاصيل القضية كما نقلناها له وكما ينقلها له سيادة المطران بولس الصياح نائبه البطريركي».

وأضاف يعقوب «من الطبيعي أننا نرى بعين الرضا زيارة البطريرك لنا في كفر برعم، وأعتقد ان  الزيارة سيكون لها مردود ايجابي على البراعمة ورفع معنوياتهم، وستكون دعماً لصمودهم»، ولكنه يشكك في أن «يكون للزيارة أي مردود سياسي مباشر وحالي وخاصة على المستوى المحلي، ولكن المردود المعنوي وإشهار قضية كفر برعم على المستوى العالمي، سيكون له مردود إيجابي كبير».

وأصدر المعتصمون في كفر برعم أمس بياناً موقعاً باسم «حركة العودة - أبناء كفر برعم التّقدميّون»، رحبوا فيه بزيارة الراعي لقريتهم ورأوا فيها «تأكيداً للهويّة الوطنيّة والدينيّة والعروبيّة ودعما للحقّ الفلسطيني، وإعلانا واضحا لزيف ادّعاء السلطات في تعاملها مع مسيحيي البلاد كما في تعاملها مع قضيتنا في الماضي».

عون

في المقابل، يقول المحامي ميشيل عون، الذي يتابع قضية كفر برعم أمام المحاكم الإسرائيلية، إن زيارة الراعي غير مناسبة رغم أنها «شرف كبير»موضحا أن «حكومة إسرائيل رفضت إعادة مهجري كفر برعم، كما ترفض إعادة أملاك الكنيسة في المنصورة وغيرها، فهل ابلغ البطريرك بتغير ما في موقف حكومة إسرائيل حتى يشرفها على موقفها هذا بزيارته الكريمة؟».

ويقول عون إنه «على الإسرائيليين دفع ثمن كبير مقابل الزيارة كإعادة أهالي كفر برعم القرية المارونية الوحيدة، أو إعادة أملاك الكنيسة المارونية المصادرة».

ويرى عون أن الراعي «سيجد الآلاف يستقبلونه في كفر برعم ولكن زيارته ستكون خسارة لفرصة تاريخية كان يمكن من خلالها تحصيل الكثير». ويشير إلى أن زيارة الراعي «ستصب في مصلحة قضية كفر برعم على المدى القصير، حيث إنها ستعيد القضية إلى الصدارة. ولكن في المدى البعيد لن توافق إسرائيل على إعادتنا ولن يكون للبطريرك وسيلة ضغط».

وأكد عون أن «إسرائيل ترفض أن نعود. بل لا تريد أن نزور قريتنا، أو أن نصلي وندفن أمواتنا فيها، ولا تقبل بزراعتنا لشتلة نعناع واحدة، الزخم من زيارة البطريرك إلى كفر برعم سيبقى يوماً واحداً أو يومين وبعدها ماذا نفعل؟».

جريس

أما الناشط ساهر جريس، الموجود مع المعتصمين في كفربرعم منذ حوالي عام، فيبدي ثقته بسياسات البطريرك الراعي حيال إسرائيل، ولكنه يتحفظ عن أن يقوم الجيش الإسرائيلي بتأمين زيارته، ويقترح أن تتم الحراسة من خلال شركة أمنية خاصة.

ويهاجم الناشط الشاب منتقدي زيارة الراعي بحجة التطبيع ويكرر عبارة البطريرك فؤاد طوال: «هل زيارة الأسرى في السجون تعتبر خدمة للسجّان؟».

ويوضح أن «فلسطينيي الداخل (عرب 1948) يعيشون دائماً هذا التخبط بشأن موضوع مقاطعة إسرائيل»، مضيفاً «نحن عملياً نعيش كأننا في سجن ممنوعون من التواصل مع العالم العربي مع أبناء قوميتنا ولغتنا الواحدة، وهذا له أبعاد سلبية علينا ويجعلنا منغلقين على انفسنا ولا نستطيع بالتالي أن نوصل قضايانا للعالم». ويضيف: «نعم نحن سجناء في بلادنا نريد أن نحررها، لكن حال الدول العربية بعيد عن امكانية تحرير فلسطين فلا تقاطعونا ثقافياً ولا دينياً».

وينبه جريس إلى سن إسرائيل قوانين لتحسين حال المسيحيين دون المسلمين، مطالباً الراعي بأن «يشد على أيادينا في محاربة الاضطهاد من قبل الدولة ومحاولات تجنيدنا في جيش الاحتلال بمساعدة بعض المتخاذلين، لأنها حملة كبيرة تقوم ضدنا في هذه الأيام».

back to top