بلا سقف : على درب دبي
تخيل معي أن تجلس وجهاً لوجه مع كريستيانو رونالدو، وتستمع إلى مسيرة تطوير الذات التي قطعها لبلوغ القمة كلاعب كرة قدم، وتخيل مشهد جلوس كل من فابيو كابيلو، وبيب غوارديولا وأنتونيو كونتي على منصة واحدة، وهم يلقون محاضرة عن صناعة الفريق البطل، ويقدمون للحاضرين مساراً إرشادياً لطريق الفوز بالبطولات، ثم تخيل أن تنصت إلى حديث يجمع تشافي هرنانديز وفرانك ريبيري حول مهارات القيادة في عالم المستديرة. استمر في تحفيز ملكة الخيال الكامنة في عقلك لتتصور مشاركتك في حدث يجمع كل هذه الأسماء بالإضافة إلى نخبة رياضية متخصصة في مجالات (الإدارة- القانون- الاستثمار- التسويق- صناعة الإعلام) تحت سقف واحد وفي مؤتمر واحد يحمل شعار "كرة القدم والتمكين للمستقبل". لا داعي لمزيد من التخيلات، تعالوا نهبط سوياً من سماء الأحلام إلى أرض تحقيق الأحلام.في "إمارة المستقبل" اختتمت قبل يومين أعمال مؤتمر دبي الرياضي الدولي الثامن، وقد سعدت بمشاركتي في هذا الحدث المهم الذي رسم خارطة مستقبل الرياضة في المنطقة، وفق رؤية شاملة مستلهمة من أفضل الممارسات والتجارب العالمية المطبقة في هذا المجال الحيوي. في مؤتمر دبي اجتمعت شخصيات مؤثرة لتسرد تجاربَ ناجحة وتطرح آراء عميقة لمن يريد الاستفادة ويسعى نحو التطوير ومواكبة التغيرات المستمرة في عالم الرياضة. لم أنبهر بكفاءة تنظيم المؤتمر، فهذا ليس بجديد على دبي التي عودتنا دوماً على الإبهار والإتقان وفعل ما يعجز عن فعله الآخرون، ما أبهرني حقيقة هو حرص المسؤولين الإماراتيين على التعلم المستمر من نجاحات الغير بشكل تفاعلي، إضافة إلى دعمهم السخي واللامنقطع لكل المبادرات التي من شأنها أن تسهم في رفعة رياضتهم، وأن تصل بها إلى تحقيق أهدافهم المرسومة بلون الطموح الدائم.لأن هموم النفس تشغلها دائماً، تذكرت خلال حضوري لإحدى جلسات المؤتمر هموم رياضتنا التي يعجز عن حصرها كبار علماء الإحصاء، وسألت نفسي بحسرة مطلية بالاستهجان: متى سنكف عن التغني بأمجاد الماضي من دون أن يكون في حاضرنا امتداد لتلك الأمجاد الغابرة؟ وإلى متى سنظل هكذا متقوقعين على أنفسنا نحبس آمالنا في زاوية ضيقة ونعمل بعشوائية دون أن تكون لدينا خطة واضحة بأهداف محددة تعمل على انتشال رياضتنا من تحت أنقاض الأزمات؟ لِمَ لا نسير على درب دبي- رياضياً على الأقل- وهي المدينة الفائزة مؤخراً بجائزة ثاني أفضل مدينة رياضية في العالم بعد لندن؟ إلى أين ستصل بنا المكابرة وما فائدة التهرب من الفشل؟ والسؤال الأهم هو: متى سيستشعر مسؤولونا قيمة الرياضة وقدرتها الخارقة على نشر السعادة وتوحيد الصفوف؟لم يكن لدبي أن تصل إلى ما وصلت إليه في يومنا هذا لو أنها لم تفتح آفاقها للاستفادة من تجارب من سبقوها، ويشهد التاريخ، كما يشهد أهل دبي أنفسهم، أنهم كانوا من أكبر المستوردين لمظاهر التقدم الكويتي في شتى المجالات خلال حقبة نشأة الإمارات التي واكبت فترة الازدهار في الكويت، وليس من العيب أن نتعلم منهم ومن غيرهم ممن تقدموا علينا، بل العيب هو أن نستمر بالتغافل عن تخلفنا دون تحريك ساكن. لن تتطور رياضتنا وتعود إلى وضعها الطبيعي عن طريق المحاكاة، ولسنا بحاجة إلى عقد مؤتمر مماثل لمؤتمر دبي في الكويت، ما نحتاجه فعلاً هو أن نفتح عقولنا قبل أعيننا للاستفادة مما وصل إليه جيراننا وأن نبدأ باستقاء الحلول منهم، سواء على صعيد تحديث الأنظمة واللوائح وتلبية متطلبات الاحتراف، أو على صعيد تعزيز القدرة التنافسية في استضافة وتنظيم الأحداث الرياضية، ولا أرى في ذلك أي مانع، كل ما نحتاجه هو قليل من التواضع. قفّالنحن نكتب ونكتب ونكتب، ولا مجيب لنا إلا حروفنا التي تنطق لتقول: حاك عقالي!