رؤية حول المعاناة الكردية من الصراع الشيعي السني في العراق

نشر في 07-06-2014
آخر تحديث 07-06-2014 | 00:01
 أنس محمود الشيخ مظهر قدر الأكراد السياسي قذفهم في أتون ظروف سياسية أقل ما يقال عنها أنها معقدة في عراق ما بعد الألفين وثلاثة، زادت من الشجون الكردية رغم أن الصراع تحول من صراع مسلح إلى صراع سياسي. فقد أفرزت العملية السياسية في العراق نوعين من الساسة العرب، يتناوبان المواقف إزاء الطرف الكردي، كل حسب معطياته وعلى الشكل التالي: • في الطرف السني العراقي، جرت العادة أن يتخذ السياسي السني مواقف معارضة للمواقف الكردية بشتى الحجج والادعاءات، حتى إن تطلب الأمر تلفيق اتهامات ضدهم، للظهور بمظهر المدافع عن الحق العربي ضد الأطماع الكردية (حسب ما يدعون). وبمجرد وصول هذا السياسي إلى الموقع الذي يطمح إليه تتغير مواقفه عكس ما كانت عليه سابقا، ليتخذ مواقف مؤيدة للمواقف الكردية ويقيم معهم علاقات إيجابية للتفرغ  لصراعه الجديد في السلطة مع الطرف الشيعي العربي. • أما السياسي الشيعي فلديه طريقة معاكسة لنهج السياسي السني، فعندما يكون مغمورا تكون علاقاته وطيدة مع الطرف الكردي، حتى إن كانت أحيانا تعارض الخط العام للاتجاه السياسي الذي ينتمي إليه، وما إن يصل إلى السلطة حتى تتغير مواقفه ليصبح خصماً عنيداً للتوجهات الكردية. هذه المواقف المعادية عادة تكون مدفوعة من دول إقليمية مؤثرة في النسيج الشيعي. هذه هي إحدى معاناة الأكراد مع الساسة العرب في العراق كأفراد، أما بالنسبة إلى المعاناة الكردية مع الأحزاب السنية والشيعية في العراق فنستطيع تلخيصها في النقاط التالية:

• من أكثر المشاكل التي يعانيها الأكراد مع المركز عدم وجود أيديولوجيا سياسية للأحزاب العراقية السنية والشيعية، فالأحزاب العربية المؤثرة في المركز هي أحزاب ذات توجهات دينية مذهبية تتخذ من المذهب منطلقا لها لحشد الجماهير خلفها، بعكس الأحزاب الكردية التي تنطلق من أيديولوجيا قومية علمانية تمتلك نهجا سياسيا واضحا تحاول من خلاله الدفع بالمجتمع الكردي نحو التطور، أما الأحزاب المذهبية فهي تنطلق من حقب زمنية موغلة في القدم فشلت في مسايرة الواقع والانطلاق منه نحو المستقبل، فأرجعت المجتمع معها إلى الوراء لتتولد حالة من الانسجام يمكن تسميتها بـ"الانسجام السلبي" مع جماهيرها. وهذه بعض أسباب عدم التجانس الذي نراه في الحكومات العراقية المتعاقبة والتي تتكون من الأطراف السياسية الثلاثة "الكردية والسنية والشيعية".

• إن وجود صراع ذي منطلقات مذهبية تاريخية بشكل مستمر بين الأحزاب السنية والشيعية عرقل كثيراً الأداء الكردي، وطموحه في خلق عراق ديمقراطي مدني مزدهر، وبدل التفرغ للتطور وبناء المجتمع انهمكت الأحزاب الكردية أحيانا كثيرة في معالجة المشاكل المثارة بين الطرفين العربيين، لإيجاد حلول لها؛ مما يشتت الجهد الكردي بشكل كبير.

• إن ارتباط الأحزاب الشيعية العراقية مع إيران وارتباط الأخرى السنية مع دول عربية إقليمية جعل من العراق ساحة مفتوحة لمصالح هذه الدول، علاوة على المصالح الأميركية الموجودة في الأصل، مما يشكل تحديا حقيقيا لمحاولات الأكراد النأي بالعراق عن الصراعات الإقليمية، وبخاصة الصراع السني الشيعي الذي لا يملك الأكراد فيه ناقة ولا جملا.

• القول بأن الأكراد أصبحوا بيضة القبان بين الأحزاب الشيعية والسنية العربية لا يبعد عن الحقيقة تماما، فأي موقف يتخذه الأكراد تجاه أي من طرفي الصراع يثير حفيظة الطرف الآخر، ويجعل الدول الإقليمية المؤيدة له تتخذ مواقف سلبية ضد الأكراد.

• إن عدم وجود أيديولوجيات سياسية للأحزاب العربية في العراق أفقدها القدرة على طرح برامج انتخابية حقيقية لجماهيرها على مر الدورات الانتخابية التي جرت في العراق، ولملء الفراغ الفكري والسياسي هذا اعتمدت هذه الأحزاب على إثارة النعرات الطائفية  لحشد جماهيرها خلفها.

هذا التوجه أفقد الحكومات العراقية المتعاقبة فرصة التشكيل حسب توافق البرامج الانتخابية للكتل، فدفع باتجاه معايير أخرى يأخذ الصراع الطائفي منها الحيز الأكبر، وجعل من الحصول على المناصب النقطة المحورية في تشكيل أي حكومة، كما هي عليه الحال في المفاوضات التي تجري حاليا بين الكتل، والتي غاب عنها الحديث عن أي برامج انتخابية، وأصبحت النقطة الجوهرية التي تلتقي أو تفترق عليها القوائم هي تجديد الولاية للمالكي من عدمها، وهذا يؤثر سلبا وبشكل كبير في الطرف الكردي الذي لا تهمه المناصب بقدر ما تهمه حقوق الشارع الذي يمثله والحصول عليها والتفاوض على ضوئها.

* كردستان العراق – دهوك

back to top