بلا سقف : الفوضى لذيذة...

نشر في 21-01-2014
آخر تحديث 21-01-2014 | 00:01
 محمد بورسلي إذا أردت أن تتعرف بالحالة السلوكية لمجتمع ما، لا ترهق نفسك بالبحث في كتب ومراجع التاريخ وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا، واستعض عن ذلك بالنزول إلى الشوارع ومراقبة حركة المرور التي تعكس سلوك المجتمع بدقة، فمرتادو أي طريق رئيسي في أي دولة من دول العالم هم خليط من مختلف مكونات المجتمع، ولعل هذا يرجع إلى كون الطريق مكاناً عاماً لا يمكن حصر مرتاديه ضمن فئة معينة من الفئات وإطلاق وصف خاص بالحالة السلوكية لتلك الفئة دون غيرها من الفئات، وهنا يتجلى الانعكاس الدقيق لسلوكيات المجتمع.

حالة المرور في الكويت هي أشبه بأكلة "العصيدة" الشعبية، والتزام قائدي المركبات بقواعد قانون المرور أصبح مما يستهجن فعله هذه الأيام، ومن أبرز مظاهر الانفلات المروري في الكويت تحول حارة الأمان التي تُستخدَم في حالات الضرورة والطوارئ إلى حارة شرعية ومفتوحة لكل مرتادي الطرق، بحيث يمكن لأي منهم السير عليها حسب مزاجه.

ولا داعي لأن أضيف إلى ما أسلفت حتى يتمكن القارئ من التعرف بالحالة السلوكية المنفلتة لمجتمعنا.

ونظراً لكوننا أمة تهوى الفوضى وتجد فيها لذة، ولكون النظام في الكويت مؤسساتي الظاهر، عشائري الباطن، فإن الأعراف والتقاليد في مجتمعنا تتسم بقوة فائقة تضعها بمنزلة أعلى من منزلة القانون، ولديّ من الأدلة والشواهد ما يؤكد صحة ادّعائي، أذكر منها أن نظرة المجتمع إلى المسؤول الملتزم بالقانون سلبية، فالناس اعتادوا تصنيف التجاوز على القانون ضمن صنائع المعروف، والمسؤول الملتزم بالقانون "ما فيه خير"، بينما المسؤول الذي يتخذ من الواسطة والمحسوبية منهجاً لأداء أعماله يقال عنه عادة "ونعم وستين نعم".

هكذا هو مجتمعنا، يأبى أن يكون متحضراً، ومن يدّعي عكس ذلك فمن المؤكد أنه يتمتع بخيال "يوتوبي".

فوضى المجتمع لا تقتصر على سلوك الأفراد، بل إنها تمتد تلقائياً إلى عمل المؤسسات، ومن ضمنها الاتحاد الكويتي لكرة القدم الذي دأب مسيروه على إيهام الشارع الرياضي بأن أعمالهم تسير وفق خطط (قصيرة - متوسطة - طويلة - سمينة - نحيفة -... إلخ)، بينما يسرد واقع النتائج حقيقة أخرى مختلفة تماماً عن الأحاديث الإعلامية لرئيس الاتحاد وأعضاء مجلس إدارته، ولعل خروج الأزرق "الرديف" بنقطة يتيمة وهدف يتيم من نهائيات آسيا لتحت 22 سنة يعتبر نتيجة حتمية لما صاحب الإعداد لهذه البطولة من فوضى إدارية، وأنا لا أقصد تكذيب طاقم الاتحاد، لاسمح الله، فربما تكون لديهم فعلاً خطط وبرامج مستقبلية، ولكنها غير مفعّلة لسبب بسيط، إذ تحتاج الخطط إلى عمل جماعي وتوزيع الأدوار والمهمات كي توضع في حيز التنفيذ، بينما يدار اتحاد الكرة بطرق ارتجالية واجتهادات فردية وبذات الطريقة التي تدار بها مختلف مؤسسات الدولة، العامة منها والخاصة.

ولو اخترنا السير في فلك رئيس الاتحاد واعتبرنا النتائج الهزيلة التي حققها المنتخب الرديف في بطولتي آسيا وغرب آسيا نتيجة لخطط الاتحاد المدروسة، فدعوني أبشركم سلفاً بانتكاسات جديدة قد تحدث في المستقبل القريب على مستوى المنتخب الأول خلال الاستحقاقات القادمة، وأبرزها "خليجي 22" ونهائيات آسيا 2015، وليس فيما سبق إفراط في التشاؤم، فنتائج المنتخب "الرديف" ليست إلا مؤشراً استباقياً لما سيتحقق من نتائج مستقبلاً، ما دام الاتحاد يدار بأسلوب (One Man Show) ووفقاً لـ"التقويم المزاجي" لرئيس مجلس إدارته المحترم.

قفّال

اقرأ الماضي وحلل الحاضر وستتمكن بعد ذلك من استقراء المستقبل!

back to top