مارسيل خليفة والعودة إلى الحرب

نشر في 19-06-2014 | 22:00
آخر تحديث 19-06-2014 | 22:00
لا شك في أن الحرب الأهلية اللبنانية أفرزت شخصيات كثيرة، من بينهم فنانون تختلف تسميتهم بين {وطنيين} و{ملتزمين} و{ثوريين} و{نخبويين}، أبرزهم مارسيل خليفة...
مارسيل خليفة الذي كان له دور بارز في تأجيج خطاب الحرب الأهلية في لبنان، تمجيد المعارك والأكفان والدم والمتاريس، تارة باسم الحرب على {الانعزالية} وطوراً باسم {الحركة الوطنية} و{العروبة} ومناهضة الطائفية، و{تحرير فلسطين} طبعاً، كان جزءاً من منظومة الحرب الأهلية حاملاً على كتفيه قصائد شعراء الحرب ومتنقلاً في حفلات جماهيرية يغلب عليها الطابع الحزبي والتعبوي من دون نسيان خيمة القذافي. كانت أغانية جزءاً من خطاب الجنازات التي تذكرنا اليوم بأناشيد {حزب الله}، كان منتسباً إلى حزب شارك في الحرب الأهلية بقوة، بل كان حليفاً لحزب شارك في تهجير المسيحيين وغيرهم. وبعد الحرب ترهلت المنظومة الحزبية الشيوعية واليسارية، خرج مارسيل من الحرب ولم يخرج، طوى صفحة الماضي ولم يطوها، راح يصمت عن أمور مهمة ويتحدث عن أمور عابرة.

 لم يقدم نقداً واضحاً لتلك المرحلة بل لم يقدم حفلات واضحة تدفن زمن الحرب. ربما أفضل ما فعله أنه غنى بعد الحرب مباشرة في منطقة جونية شمال بيروت وحضره الآلاف... لا ضرورة هنا للحديث عن مشروعه الموسيقي، ولكن ما ينبغي قوله إنه لم تتم مراجعة أغانيه الحربية، ولا دراستها بطريقة محايدة خارج إطار الكتابات العصبية، والعصبية المضادة.

وبعد غياب عن الإعلام والساحة الفنية وعلى أبواب حفلة مرتقبة في جبيل في لبنان، وجد خليفة مناسبة لتذكر مرحلة مريرة بالنسبة إليه، وأتت كأنها تصفية حسابه مع رئيس حزب {القوات} اللبنانية سمير جعجع، صاحب الجسم {اللبيس} في الحرب الأهلية. نسي مارسيل أنه كان جزءاً من خطاب الحرب الأهلية ومشروعها التدميري، وأرسل رسالة إلى جعجع بمناسبة رحيل والده يخبره فيها أنه منعه من المشاركة في جنازة والده. كلام وجداني عميق تحوَّل في الواقع إلى كلام حق يراد به باطل. بالطبع حق مارسيل خليفة أن يقول وجدانياته ولكن القضية أصبحت في مكان آخر، باتت الرسالة شكلاً من أشكال التوظيف السياسي. هكذا، سارعت إحدى القنوات الممانعة إلى قراءة الرسالة الخليفية بحزن وعمق كأن القضية قضيتها مع أن أصحاب هذه القناة متهمين باغتيال المفكرين حسين مروة ومهدي عامل والفنان نور طوقان والمربي ميشال واكد والصحافيين سهيل الطويلة وخليل نعوس... هذا عدا عن قيادات كثيرة كانت تقاتل إسرائيل...

 وأكثر من ذلك، سارع بعض الإعلام العوني (نسبة إلى العماد ميشال عون) إلى الاهتمام اللازم بالرسالة الخليفية وقراءتها بتمعن حرفاً حرفاً لمجرد أنها ضد سمير جعجع، ونسي أن الحزب الشيوعي الذي ينتمي إليه خليفة أرسل في أحد الأيام شخصاً يدعى فرنسوا حلال لاغتيال ميشال عون وأطلق عليه الرصاص وقتل أحد مرافقيه.

 الأرجح أن كل ما يحصل حول رسالة خليفة هو نوع من تزوير ذاكرة الحرب اللبنانية أو رؤيتها بعين واحدة.

 

فيسبوك

هنا بعض تعليقات انتشرت على الفيسبوك حول رسالة خليفة إلى جعجع:

رسالة مارسيل خليفة إلى سمير جعجع ليست رسالة تعزية صرفاً ولا هي رسالة اعتذار كما رآها آخرون. هي نقد لمرحلة سابقة ارتكب الجميع فيها أخطاء وبات من الضروري أن نقرأها قراءة نقدية. بعضهم أدانه لأنه {يرجع ماضي الذين تلوثت أيديهم...}، فيما أدانه آخرون لأنه غنى للقضية الفلسطينية. لا هذا ولا ذاك. الحقيقة أن مارسيل يقرأ الماضي بعين نقدية، فهو يدين الظروف التي لم تمكنه من وداع والده، وكانت القوات من بين تلك الظروف، كما يدين المرحلة الماضية كلها، ولهذا بعث برسالة تتضمن تعزية، وفي التعزية نقد مبطن، لكنها تعزية... وهي ليست لنكء الجراح، بل لعدم تكرارها.

محمد علي مقلد

قال خليفة مخاطباً سمير جعجع: {البارحة رأيتك في التلفزيون تكبح رغبة الدمع في التفجّر، رغم أنك حرمتني من إلقاء نظرة على وجه والدي لأحتفظ بأسرار الروح}. لا يمكن التغاضي عن كلام خليفة على رغم إعجابنا الكبير بشخصه وفنه، إلا أنه ترك المنطقة الشرقية مع بداية الأحداث، فيما جعجع تولى إدارة هذه المنطقة في العام 1986، ومن ثم هذا منطق الحرب والتعبئة والتجييش، وما انطبق عليه انسحب على الآلاف من الطرف الآخر الذين تم تهجيرهم وقتلهم وحرموا العودة إلى قراهم ورؤية أهلهم، ويبقى أنه كان من الصعب على المجتمع الذي يواجه منطق تحرير فلسطين من جونية أن يتقبل من أخذ على عاتقه المقاومة الثقافية دعماً للقضية الفلسطينية.

ويا للأسف، حتى مارسيل خليفة الذي يفتح صفحات الحرب بشكل ذاتي واستنسابي، وهذا المنطق يخدم اليوم من يريد استمرار هذه الحرب، أي حزب الله، ويضر بالقضية الفلسطينية التي صرنا معها قلباً وقالباً بعدما انتقلت إلى حيث كان يجب أن تكون من الأساس.

شارل جبور

عن رسالة مارسيل خليفة الملتبسة

ينسى البعض أنه لسنوات كثيرة وفي أحياء كثيرة من بيروت خلال الحروب اللبنانية المتناسلة كان اللبناني لا يتنقل بحرية في منطقة {الآخر الطائفي} حتى لو صُنِّف من طائفته أنه عدوها وصديق هذا {الآخر} وعضواً أحياناً في حزب من أحزاب هذا {الآخر}.

ويتذكر الجميع أن كثيراً من {المسيحيين الوطنيين} كانوا يضطرون إلى حمل بطاقات فتح و{الشعبية} و{الديمقراطية} ليحموا أنفسهم من الخطف، لأن بطاقة الحزب الشيوعي أو منظمة العمل الشيوعي لم تكن تكفي وحدها أحياناً لحمايتهم.

وكنتُ أرجو ممن يوجه رسالة إلى أحد {الأبطال} اللاحقين وليس الأوائل للحرب لأنه منعه من رؤية ابيه قبل موته أن يُذكِّر بالحقيقة كاملة وليس بجزء منها وأن ينسى أن أبناء الكثيرين من التقدميين لم يخسروا آباءهم بموت عادي بل اغتيالاً ليروهم مضرجين بالدماء وممنوع على رفاقهم التصريح بهوية قاتلهم. في حين أن هذا القاتل لم يكن عدوهم المُعلن وإنما حليفهم المحلي المذهبي بدوره وراعيه الخارجي الأسدي أو الإسلاموي الخميني.

كان على الشاكي ليكون منصفاً أن يسائل الجميع بمن فيهم حلفاء حزبه وحزبه، خصوصاً إذا كان هذا الشاكي من يعرف الحقائق ويُسكتها، وإذا كان شبه صامت عن مجزرة تجري أمام ناظرينا جميعاً لم يسبق لها مثيل.

مارسيل خليفة، ١٤ آذار الحالية ليست عظيمة وأما ٨ آذار وحلفاؤها فهي أسوأ الأسوأ ويكفيها سوءاً أن حزبها الرئيس ليس مذهبياً وحسب بل إنه شريك أصيل في تنفيذها.

أنت تنحاز في اختيار الضد كجزء من الهرب من الحقيقة الإجمالية الشاملة وتضع ذلك بتصرف ولصالح الجزء الأكثر قوة وسلاحاً واغتيالاً.

كن مع العدالة الشاملة التي شرطها الشارط الأول هو الحرية والنظام الديمقراطي .

بشير هلال

مارسيل خليفة شحذ أربعين سنة على أمه و{خبز} أمه وبعد أن أفلس فرن أمه يريد الآن المتاجرة بروح أبيه!

أين كانت روح أبيه حين أقام حفلات في مسرح الـcité  في جونية في مطلع التسعينيات، بشكل شبه يومي وطوال سنة كاملة وجمع الملايين وكان 90 في المئة من جمهوره من القوات!؟

شارل شهوان

مارسيل يكتب وجعه على فراق والده بعد سنوات من رحيله، هذا موقف وجداني أكثر مما هو سياسي، لكن عندما تأخذ {المنار} وأخواتها هذه الرسالة وتقرأها بنبرة حزينة وتذرف عليها دموع التماسيح، تُفقد الرسالة معناها، وتُدخلها في زواريب بازار معاركها السياسية. وللتذكير، ما فعلته القوات اللبنانية بالشيوعيين هناك، فعلت مثله وأكثر أحزاب الممانعة هنا من اغتيالات وقتل وخطف ومنع، والمكان لا يتسع لأسماء الشهداء والمخطوفين والمبعدين.

لمارسيل خليفة الحق في كتابة وجعه، لكن ليس لبني ممانعة الحق في استغلال هذا الوجع واستخدامه لمآربهم السياسية.

اسامة وهبي

مارسيل خليفة له طبعاً الحق بالوجع على فراق والده... ولكن ليس على علمي أن سمير جعجع من جعل فرنسا وسويسرا وغيرها مكان إقامته! و{ميليشيا} القوات حُلّت منذ 1993. يكفي ابتزازاً واستدراجاً واستدراراً لعطف جمهور في حفلة قادمة... يعني بالمشبرحي هالجعدنة منّا إلا marketing لحفلة مهرجانات بيبلوس...

شوفتو البيع خفيف!

فادي درويش

المشكلة الحقيقية هي أن سمير جعجع ومارسيل خليفة متأثر الواحد منهما بـ{صفنة} الآخر. وفي النهاية تبقى من الحرب أغنيتان تردان على بعضهما البعض. {قالتلي اليمامي قلتلها سكتي إيجانا الحرامي بليلة شتي} ويقابلها {عصفور طل من الشباك وقلي يا نونو{. كانت هذه هي أغاني الحرب الأساسية.

 

وسام سعادة

مارسيل خليفة أراد أن يعتذر من الممانعين لأنه شوهد ذات ليلة من صيف 2011 مرتكباً فعل إضاءة شمعة عن روح الطفل السوري حمزة الخطيب الذي أغتيل وجرى التشنيع بجثته على حاجز المخابرات فيما كان عائداً إلى أمّه بربطة خبز.

عبدالله حداد

back to top