محمد الصباح: «الحصبة الألمانية» أدخلت إلى البلاد قوات أجنبية

نشر في 11-02-2014 | 00:01
آخر تحديث 11-02-2014 | 00:01
No Image Caption
أكد خلال ندوة في «AUK» أن الكويت تحاول العودة إلى دبلوماسيتها لتصبح مركزاً مالياً
نظم نادي العلاقات الدولية بالجامعة الأميركية في الكويت ندوة عن سياسة الكويت الخارجية، ضمن فعاليات كرنفال التحرير الذي ينظمه النادي الطلابي، والتي حاضر فيها وزير الخارجية الأسبق الشيخ د. محمد الصباح.

أكد وزير الخارجية الأسبق الشيخ د. محمد الصباح أن الكويت اليوم تحاول العودة إلى ما كانت عليه دبلوماسيتها في فترة ما قبل الغزو، لتعود بالنفع على تحقيق فكرة تحويل الكويت إلى مركز مالي واقتصادي، وإرجاع فكرة مدينة الحرير، لتستفيد من موقعها الجغرافي من الناحية الاقتصادية، ولتعود الكويت فعالة على صعيد خارطة العالم بشكل يخدم خططها واستراتيجياتها السياسية الخارجية، خاصة على صعيد يعود بالفائدة على الاقتصاد.

وقال الصباح، خلال ندوة نظمها نادي العلاقات الدولية بالجامعة الأميركية في الكويت (AUK IRC) عن سياسة الكويت الخارجية، ضمن فعاليات كرنفال التحرير الذي ينظمه النادي الطلابي، إن "التعرف على سياسة الكويت الخارجية يمكن قراءته من خلال سرد قصص تؤخذ منها الدروس، فالكويت بلد صغير وشعب آمن تعرض لاعتداء غادر وغاشم، دفع هذا البلد إلى استدعاء قوة خارجية مع أبناء البلد لإنقاذ وطنهم من هذا العدوان".

وأضاف ان "البداية لم تكن من قبل العراق أو صدام، بل كان ذلك في عام 1906 عندما اجتاح الكويت وباء الحصبة الألمانية، وهنا جاءت قوات أجنبية تمثلت في امرأة ورجلين من الإرسالية الأميركية، تعاونوا مع أبناء الشعب لمواجهة هذا العدوان".

وتابع: "من ثم تم بناء المستشفى الأميركاني كأول مستشفى لهذه البعثة التبشيرية، عرفانا من شعب الكويت على جهودهم للتصدي لهذا العدوان الأول في تاريخ الكويت، والذي جاء الإنقاذ فيه من بعثة مسيحية، وهذه القصة دليل على قيم المجتمع الذي يتسامح مع جميع الديانات".

قيم متأصلة

وأفاد الصباح بأن "السياسة الخارجية الكويتية تنطلق من مجموعة قيم متأصلة في المجتمع الكويتي، ولهذا يجب الإلمام بهذه القيم، فتأسيس الدولة أتى من خلال نزوح مجموعة من الأسر من عدة قبائل تمت تسميتهم بالعتوب، وذهبوا إلى منطقة الزبارة في قطر بالقرب من البحر، واعتمدوا على صيد السمك".

وزاد انه "بعد أن تعرض العتوب لمضايقات فضلوا الانتقال إلى موقع آخر، وكان أمامهم خياران بين البصرة والإحساء، لكنهم اختاروا منطقة شبه نائية فيها كوت صغير، وضمت مجموعة صغيرة من العوائل مثل بورسلي والمصيبيح وقبيلة العوازم، في ظل ظروف معيشية صعبة لم يتوافر بها الماء بالشكل الذي يتيح لهم الحياة والاستقرار".

واردف: "أتت عوائل العتوب ومنهم الصباح والجلاهمة، واستقروا وفضلوا أن يكون لهذه المنطقة حياة خاصة، وألا يكونوا تابعين لأحد، وشيئا فشيئا بدأت عملية التجارة وصناعة السفن وبدأت حياة اقتصادية، ودخل الكويتيون في صناعة السفن الصغيرة ثم الكبيرة، لأنهم استفادوا من عملية المواصلات والنقل خاصة في تجارة التمور من العراق والبصرة تحديدا، ومن ثم وصلوا إلى الهند وسواحل إفريقيا وإيران ولهذا تعلم الكويتيون كلمات وطرقا للتواصل مع التجار في تلك المناطق بلغات الأوردو والسواحيلية والفارسية".

ولفت الى ان "الكويت تحولت إلى مركز تجاري ضخم لأنها لا تنتج، ولكنها تعرض مختلف البضائع خاصة تلك المهربة، مثل السكر والتبغ وغيرها، وبدأت عملية الهجرات من الجزيرة وإيران إلى الكويت، التي وان لم تحتو على الماء لكنها تمتعت بالحرية الاقتصادية، ما خلقت من الكويت قيمة وقوة اقتصادية لا يستهان بها".

التواصل مع الشعوب

وافاد بأن "مفهوم صورة البوم في شعار الدولة والعملة هو التواصل مع الشعوب الأخرى، وهو قيمة مهمة مثل الإنترنت في عصرنا الحالي، حيث بات العالم كله متواصلا ببعضه، وان مرحلة استقلال الكويت شهدت حدثا مهما، إذ إن أول قرارات الشيخ عبدالله السالم أمير الكويت الراحل إنشاء مؤسسة كويتية بعد الاستقلال، فقام باتخاذ قرار وإصدار مرسوم تأسيس الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لخدمة ومساعدة دول الوطن العربي، وهذه نقطة تحول في السياسة الخارجية الكويتية التي انطلقت من ناحية مادية وأخلاقية.

وأضاف أن "الهم الأساسي لدى القيادة الكويتية في مرحلة الرخاء الاقتصادي هو التفكير في كيفية تحويل مصدر الدخل الوحيد، وهو النفط، من ثروة ناضبة إلى متجددة، وهنا تم اتخاذ رؤية بالاستفادة من عائدات النفط في الجوانب الاستثمارية، وكذلك الجانب البشري، ولهذا بدأت عملية تحريك السياسة الخارجية للتواصل مع جميع الدول بما فيها الاتحاد السوفياتي والصين، ورغم عدم موافقة عدد من الدول العربية مع هذا التوجه فإننا كبلد قمنا ببناء علاقات ثقافية وسياسية مع تلك الدول كبقية دول العالم، بل إن الكويت أبت إلا أن يشارك الدم الكويتي في معارك العرب ضد الكيان الصهيوني".

«سياستنا الخارجية»... وقائية

تناول الدكتور محمد الصباح نتائج الغزو العراقي للكويت، وتأثيره على السياسة الخارجية الكويتية، قائلا إن "الكويت دخلت مرحلة السياسة الخارجية الوقائية، وهو تفكير مختلف تماما عما كانت عليه الدبلوماسية الكويتية قبل الغزو العراقي، إذ دخلنا في تحالفات واتفاقيات مع الدول الحليفة التي ساندتنا في عملية التحرير، والانتقال بمنظومة مجلس التعاون الخليجي لتكون منظومة أقوى وأكبر من مجرد تعاون بروتوكولي، من خلال تحويلها إلى اتحاد وتفعيل فكرة الاتفاقية الأمنية الخليجية".

وكشف الصباح أن قيم الحرية والتسامح والانفتاح والتعاون والتكيف والترحيب بالغير مهدت لأسس سياسة الكويت الخارجية، ورغم وصول البعثات التبشيرية فهذا يدل على الحرية الدينية وقوة إيمان أهل الكويت بدينهم، لكنهم استقبلوا تلك المجاميع، بل إن أول الكنائس في الجزيرة العربية بنيت في الكويت نتيجة التسامح الذي كان صفة مهمة جعلت من الكويت دولة مبنية على التسامح.

back to top