حكومة الأغلبية السياسية وثالوث الدم في العراق

نشر في 12-04-2014
آخر تحديث 12-04-2014 | 00:01
 أنس محمود الشيخ مظهر عاد الحديث مجدداً إلى طرح فكرة حكومة الأغلبية السياسية ليكون الهدف المعلن لها اعتبارها الوسيلة الوحيدة لحل الإشكالات التي اعترضت طريق الحكومات العراقية السابقة منذ الألفين وثلاثة حتى يومنا هذا، إلا أن الأسباب الحقيقية لها أبعاد أكثر خطورة على المدى البعيد، ليس على المكونات العراقية فحسب، بل على العملية السياسية بشكل عام، وتهدف في أخطر نقاطها إلى إثارة إحداث تحارب داخلي يمتد إلى عمق المكون العراقي الواحد، بعدما كان صراعاً سياسياً سطحياً طوال الفترة الماضية.

مخطئ من يتصور أن المالكي سيستعين في حكومة الأغلبية هذه بشركائه السابقين، فالأحزاب العراقية المعروفة ستكون محيّدة عنها بشكل أو بآخر للتوتر الذي اعترى علاقة "دولة القانون" مع مجمل الأحزاب العراقية الكبيرة، سواء الكردية منها أو السنّية وحتى الشيعية منها، فبدلاً من إشراك أحزاب مؤثرة في الشارع العراقي تضعف من سطوة المالكي على الحكم، فإن حكومة الأغلبية السياسية تمثل مجالاً وفرصة جيدة للمالكي للتحالف مع أحزاب صغيرة للمكونات العراقية الثلاثة، تكون مهمتها السير وراء المالكي، والموافقة على النهج الذي يسلكه دون معارضة، كما كان يفعل صدام حسين سابقاً.

علينا هنا التمييز بين الدخول إلى الانتخابات بقوائم مشتركة وتشكيل الحكومة بعد ظهور نتائج الانتخابات، فعلى سبيل المثال يمكن للتحالف الوطني أن يدخل الانتخابات بتركيبته المعروفة، إلا أن ظهور النتائج سيجعل الأحزاب المنضوية تحته في حِل من أي التزام داخلي في تشكيل الحكومة، وهكذا الحال بالنسبة لبقية القوائم السنّية منها أو الكردية.

هناك أحزاب وشخصيات في جميع المكونات العراقية يمكن أن يعتمد عليهم المالكي في حكومة الأغلبية، وقد رسم المالكي لهذه السياسة منذ أمد طويل، فاستغل خروج العصائب عن التيار الصدري ليدخلهم بعد فترة إلى العملية السياسية ويقيم علاقات وثيقة، واستطاع المالكي إقناع "منظمة بدر" بالانشقاق عن المجلس الأعلى والتحالف معه في الانتخابات السابقة، إضافة إلى وجود قوائم علمانية تحسب على الوسط الشيعي كـ"قائمة الشهبندر" مستعدة للانضواء تحت جناح المالكي، كما انضوى تحت جناح الكثيرين مثله سابقاً.

أما في ما يتعلق بالمكون السنّي، فإن صالح المطلك والكربولي يعتبران المرشحين الأوفر حظاً لتحصيل "شرف" المشاركة في العملية السياسية، خصوصاً أن الرجلين حالياً يمثلان قائمة مستقلة عن القوائم السنّية الأخرى وهما معروفان بسرعة تغيير مواقفهما إزاء المالكي من دون كل الشخصيات السنّية الأخرى، لاسيما بعد أن عرفا ضآلة رصيدهما الشعبي عقب أزمة الأنبار والحيثيات التي رافقتها. إضافة إلى زعامات "الصحوات" الجديدة الذين أظهروا ولاءً وطاعة منقطعة النظير إزاء المالكي وتوجهاته.

وفي ما يتعلق بالمكون الكردي، فرغم فشل المالكي في اختراق النسيج السياسي الكردي داخل إقليم كردستان فلا ننسى وجود شخصيات كردية خارج كردستان معارضة لتوجهات حكومة الإقليم لديهم علاقات مشبوهة مع المالكي وائتلافه، وهم مستعدون للتحالف مع الشيطان في سبيل الحفاظ على مصالحهم، وما الوثيقة التي سربت قبل أيام من مكتب حزب الدعوة وموقعة من علي الأديب حول تلبية طلبات بعض الموالين لائتلاف "دولة القانون" في مدينة الموصل سوى إشارات لاحتمال حصول ما نقول، وكان من بين هذه الأسماء ديندار الزيباري المقيم في مدينة الموصل.

إن تمثيل المكونات العراقية من قبل هذه الأطراف في حكومة الأغلبية السياسية سيؤجج من الأزمات والتناحر داخل المكون الواحد، ويمكن أن يكون سبباً إما للدوران في حلقة جديدة من العنف وسفك الدماء بين المكون الواحد، وإما إنهاء دور الأحزاب الكبيرة لتحل محلها أحزاب مغمورة تبايع المالكي في السراء والضراء وحين البأس... ليتحول الأخير إلى الحاكم الأوحد، ولينعم العراق بدكتاتور جديد يستظل بظله الجميع.

* كردستان العراق – دهوك

back to top