هل أصبح نوري المالكي عبئاً على طهران وواشنطن؟

نشر في 16-03-2014 | 00:10
آخر تحديث 16-03-2014 | 00:10
No Image Caption
محور واسع يطلب بديلاً شيعياً معتدلاً لمنع تقسيم العراق
عقدت الحكومة العراقية يومي الأربعاء والخميس مؤتمراً دولياً لمكافحة الإرهاب، الهدف منه حشد التأييد لسياسة حكومة نوري المالكي في حربها مع الجماعات المسلحة التي تفتك بالعراقيين منذ ١١ عاماً.

لكن مساعد وزير الخارجية الأميركي فاجأ الجميع حين ألقى كلمة طلب خلالها أن يسحب العراق مقاتليه الذين يساندون جيش نظام الرئيس السوري بشار الأسد في سورية، لكي تضمن بغداد مساعدة دولية وإقليمية في كبح جماح الجماعات المتشددة.

وكان الدبلوماسي الأميركي يشير إلى ميليشيات شيعية موالية لرئيس الحكومة نوري المالكي، تتنقل بشكل علني بين العراق وسورية، بحجة الدفاع عن أضرحة الأولياء الشيعة في دمشق، لكنها صارت تقاتل إلى جانب حزب الله اللبناني، وتشيع قتلاها تحت حماية سياسية من حكومة بغداد، في وقت يتداول الشيعة فتاوى من السيستاني ومكتب مقتدى الصدر، تحرم أي مشاركة في القتال السوري.

ولم تكن كلمة الدبلوماسي الأميركي مفاجأة كبيرة بل جاءت في سياق متراكم أعربت فيه أميركا عن انزعاجها من خطوات بغداد، فقبل انعقاد مؤتمر مكافحة الإرهاب بيومين، نصحت الخارجية الأميركية حكومة المالكي بتطبيع علاقاتها مع المحيط العربي وفتح حوار سريع مع الرياض، بدل اتهام أطراف خليجية بالإرهاب، في تعليق على تصريحات المالكي الأخيرة.

واشنطن سارعت أيضاً لإبداء امتعاضها من صفقة سربت وثائقها مؤخراً، تبين كيف يحاول المالكي شراء ذخيرة من إيران لدباباته ومدفعيته الروسية، وتزامن الأمر مع محاولات البيت الأبيض أن يطمئن الجميع بأن تسليح الحكومة العراقية سيبقى منضبطاً بضمانات ألا يستخدم ضد معارضي المالكي الشركاء في ائتلاف الحكومة، وهو ما جرى على وقع قصف متواصل لمدن الأنبار يذهب ضحيته المدنيون، ما يفسر انزعاج واشنطن من الخطوة التي أرادها المالكي لإثبات قدرته على "تنويع مصادر التسليح".

وفي الوقت نفسه، فإن إيران تعرضت أيضاً، بسبب حمايتها للمالكي، إلى أزمة غير مسبوقة في علاقتها مع الأحزاب العراقية ومراكز القوى شمالاً وجنوباً، فالقادة الأكراد والسنّة إلى جانب الحكيم والصدر وعلمانيي الشيعة، يحاولون منذ شهور تذكير طهران بأنهم متمسكون بعلاقة صحيحة معها، لكن ذلك يحتاج من الإيرانيين أن يصححوا أخطاء كثيرة وكبيرة ارتكبها حليفها المالكي في تعامله الارتجالي مع الخلافات الداخلية، الأمر الذي يعني في بغداد، أن المالكي لم يعد مدافعاً حتى عن حقوق الشيعة بالمعنى الطائفي، بل عن فريق سلطة يتكون من أفراد عائلته وبعض موظفيه، وفيهم بعثيون سابقون كبار وسنّة بارزون تمردوا على أحزابهم أو منحدرهم التقليدي.

السياسي البارز أحمد الجلبي اختصر الأمر الصيف الماضي خلال واحد من لقاءاته الصحافية، بالقول إن طريقة المالكي في الحكم أصبحت "مكلفة" بالنسبة إلى داعميه، وأنه بات عبئاً على طهران وواشنطن.

ويتميز الجلبي بأنه شخص يصغي إليه الإيرانيون باهتمام، ويعدّ أيضا من أكثر العراقيين خبرة بدهاليز السياسة الأميركية التي عمل في لوبياتها، وكافح لتسريع قرار واشنطن إسقاط صدام حسين، كما اعترف بذلك مسؤولون كبار في المخابرات الأميركية.

ويلعب الجلبي اليوم دوراً كبيراً في "هندسة متأنية" لمحور عراقي واسع ومتنوع يتفاوض منذ شهور مع كل من طهران وواشنطن، لإقناع أبرز مؤيدي رئيس الحكومة، بأن دعم سياسات المالكي وتجاهل احتجاجات الأطراف الرئيسة العراقية، بات يهدد بحرب داخلية مفتوحة قد تنتهي إلى تقسيم مؤلم، وأن ذلك سيمثل عبئاً ليس لدى طهران ولا واشنطن وقت أو جهد إضافي لتحمله، بينما يمكن إعادة التهدئة الداخلية، عبر دعم شخصية شيعية معتدلة، ترضى عنها النجف، وتتفهمها الأحزاب السنيّة والكردية، ما قد تساعده نتائج الاقتراع البرلماني في أبريل المقبل، بما يتيح إطلاق إصلاح سياسي يحيي "الاتفاقات الميتة" ويؤهل بغداد أيضاً لفتح حوار إقليمي هدفه تطويق الإرهاب، وضمان وضع باقي الأطراف في المعادلة السياسية، التي لم يسبق لها أن تنفلت، كما يحصل اليوم في دار الحكومة ببغداد.

back to top