المصادفة البيولوجية

نشر في 23-11-2013
آخر تحديث 23-11-2013 | 00:01
 عقيل فيصل تقي   تعتبر المصادفة البيولوجية في موطني الشرط الأول والأساسي لتولي المناصب القيادية والعامة فهي بمنزلة الجوكر في "الجنجفة"، تلك الورقة التي تأكل جميع الأوراق، فلا تختلف المصادفة البيولوجية عنها في شيء سوى أنها تلتهم أصحاب الكفاءات والخبرات الإدارية وحاملي الشهادات العليا، والتي تعتبر في دول العالم المتقدم المعيار الأساسي لتولي هذه المناصب الحساسة، والتي يعكس أداء أي جهاز فيها مما يؤثر على الدولة ومواطنيها.

ومن هذا المنطلق هل يعقل أن تكون دولة الكويت خالية من الأشخاص الذين يحملون كفاءات إدارية وخبرات تؤهلهم لتولي المناصب أو أن الإدارة والخبرات تولد مع أصحاب المصادفة البيولوجية مثلما تولد معهم امتيازاتهم الأخرى؟

لا أكاد أجزم بأن هؤلاء يتخذون من هذه المناصب مدارس للإعداد فيعدون أنفسهم للمستقبل السياسي المرتقب عن طريق تولي هذه المناصب، فنجد أن الغالبية منهم لا يمتلكون فن الخطابة بسبب تصاريحهم الفكاهية ذات الأحلام القرمزية، ولا يتملكون جزءاً من العلوم الإدارية بسبب فشل خططهم غير المدروسة واحدة تلو الأخرى ووصول البلاد إلى حالة التشبع من المشاكل المتراكمة عليها منذ عقود طويلة دون وجود أي حل جذري لمشكلة ما.

سمعنا الكثير وحلمنا بالكثير، لم نجلب ذلك الكأس الآسيوي بعدما دُغدغت مشاعر الشعب بجملة "تبون كأس آسيا"، ولم نشهد "مدينة الحرير" التي تقدر ميزانياتها بالمليارات ولا نعلم إلى أين ذهبت؟ ولم نلمس التطور في الأداء الصحي، وفي تطبيق القانون نسمع أن للقانون مسطرة واحدة لكن فعلياً نجد أن المحاسبة غالباً ما تنحصر في الممثلين فقط دون محاسبة المخرج أو إدانته بل إنه يبقى مجهولاً إلى أبد الآبدين... وإن ثبتت إدانته فإن خروج الشعرة من العجين لهو أمر بسيط.

ولا تقتصر مشاكلنا على الداخل فحسب بل تلاحقنا إلى الخارج أيضاً، عندما أسمع من قبل بعض الأشخاص لجوءهم إلى سفارات الدول الشقيقة من أجل تقديم المساعدات لهم عند التعرض للمشاكل، وبالسؤال عن سبب عدم الذهاب إلى سفارات الكويت أو قنصليتها يكون الجواب "عمك أصمخ".

إن التنمية التي تعرقلها الشائعات لا يمكن أن تتحقق في ظل وجود أشخاص لا يمتلكون الكفاءات والتخطيط السليم، ونحن لا نعارض أن يتولى أصحاب المصادفات البيولوجية تلك المناصب، وإن وجدوا فهم قلة، بشرط أن يمتلكوا الكفاءة ويحترموا المسؤوليات الملقاة على عواتقهم ويبذلوا ما في استطاعتهم من أجل رفع اسم دولتهم وشعبهم عالياً وإن لم يكن هناك شخص منهم يمتلك أبسط هذه المقومات، فهناك الكثير من أبناء شعبي في الكويت وممن تركوا البلاد لإطلاق إبداعاتهم في الخارج لديهم تلك الكفاءات والخبرات، إضافة إلى الأفكار الإبداعية بالأمور الإدارية من أجل انتشال البلاد من وضعها الكئيب وتخبطها المستمر.

back to top