مفترسو الصفوف

نشر في 28-12-2013
آخر تحديث 28-12-2013 | 00:01
 د. نادية القناعي    في الصفوف سواء كانت القصيرة أم الطويلة، في الطرقات سواء كانت مزدحمة أو سالكة، في قاعات الانتظار سواء في المستشفيات أو المؤسسات، وفي أي منحى يتطلب أن نقضي برهة من الزمن في الجلوس أو الوقوف في ميدان الصبر.

هنا يتحول الأغلبية من منتظرين إلى مفترسين، وتظهر فجأة مخالب العجلة، وجناحان يطيروا بهما لاختراق الطابور المنظم.

أما الأقلية الهادئة فهنيئاً لهم على سماحة قلوبهم فيستحقون كل التقدير.

نرجع إلى ذلك المفترس الذي تختلج في نفسه مشاعر الأنانية في التعدي على الجموع الغفيرة التي تسبقه، ليظفر هو بالمركز الأول، فلا يوجد في ناموس الكون من وجهة نظره مصطلح الانتظار، ولا يستغل وقته بالاستغفار، لكن يشغل تفكيره ووقته بكيفية إزعاج من يسبقونه في الطابور.

كلنا سنصل في نهاية المطاف، وإن اختلف زمن الوصول، فما الاستفادة العظمى التي سنجنيها عند وصولنا أولاً عن طريق اختراق التنظيم؟، وتزامناً مع هذا تلهج ألسنة الناس بالدعاء علينا لعدم احترامنا للنظام!

في أيام الجاهلية كان هناك مبدأ عدم مزاحمة الناس ومن يزاحمهم فهو من الجشعاء، حيث يقول الشاعر الشنفرى:

«وإن مدّت الأيدي إلى الزاد لم أكن

بأعجلهم إذ أجشعُ القوم أعجلُ»

back to top