«مهرجان» الدراما الرمضانية... «دهشة» تحفة فنية والممثلون الشباب محترفون

نشر في 05-08-2014 | 00:01
آخر تحديث 05-08-2014 | 00:01
في وقفة تأمل حول موسم الدراما الرمضان المصرية والعربية (2014)، أو بالأصح {مهرجانها} السنوي، يتبيّن أن أعمالاً قليلة جيدة، وأخرى ضعيفة وثالثة ترتقي إلى مرتبة التحفة الفنية أبرزها مسلسل «دهشة».
كتب عبد الرحيم كمال سيناريو {دهشة}، أو مصّره مستلهماً إياه من تراجيديا شكسبير {الملك لير}، وهو يعتبر أحد أهم إن لم يكن أهم كتاب الدراما التلفزيونية بعد جيل أسامة أنور عكاشة ومحفوظ عبدالرحمن ويسري الجندي ومحسن زايد، وأخرجه شادي الفخراني أحد أقدر وأرهف مخرجينا الشباب.

ثمة إجماع جدير بيحيى الفخراني في دور {الباسل حمد الباشا} بطل {دهشة} (المعادل لشخصية لير)، على أنه الأفضل، في المهرجان الرمضاني التلفزيوني 2014.

في تقديرنا أن كوكبة ممثلي {دهشة} يتصدرون الأداء التمثيلي في أعمال هذا العام، خصوصاً حنان مطاوع ونبيل الحلفاوي، ومعهم كوكبة من ممثلي {سجن النسا} في مقدمهم نيللي كريم، والحق أن أداء هؤلاء وغيرهم في مسلسلات عدة، يؤكد التقدم المستمرّ الذي يحرزه فن التمثيل في مصر، في وقت ما زالت تتعثر فيه بعض العناصر الأخرى.

رهافة وتسلية

تميّز «سجن النسا»، بتعبيره عن معاناة شخصياته برهافة فائقة، وبحس سينمائي وحداثي، أدارته باقتدار المخرجة السينمائية في الأصل كاملة أبو ذكري، وكتبته باقتدار مماثل مريم نعوم عن مسرحية فتحية العسال، كاتبة مرموقة ومناضلة صلبة فقدناها قبيل عرض المسلسل، ما يعني أن الثلاثي الموهوب النابه، المخرجة وكاتبة سيناريو المسلسل ونيللي كريم بطلة العمل، هم نفس الكوكبة التي أمتعتنا في رمضان 2013 بمسلسل «ذات»، عن رواية الأديب الكبير صنع الله إبراهيم.. مثلما أسعدنا مخرج ومؤلف وبطل «دهشة» بـ «الخواجة عبد القادر».

تمثلت المسلسلات السياسية والتاريخية في هذه الدورة الرمضانية في: {سرايا عابدين} الذي يعرض لتاريخنا المصري الحديث، من خلال حقبة حكم الخديوي إسماعيل في ستينيات القرن التاسع عشر، و«صديق العمر} الذي يعرض لتاريخنا المعاصر خلال فترة حكم الزعيم جمال عبد الناصر منذ خمسينيات القرن العشرين، كذلك {إمبراطورية مين} بوصفه يعرض لتاريخنا المصري الراهن، بين الثورتين 25 يناير 2011، و30 يونيو 2013.

معظم فريق عمل {صديق العمر} كان أقل من المهمة الملقاة على عاتقه، و«سرايا عابدين} ليس فيه من جهد باستثناء البذخ الإنتاجي الواضح، لتقديم التاريخ، بنوع ضار، بتعبير أدق {التسلية بالتاريخ} ـ إذا جاز التعبير ـ أو الترفيه من خلاله، وهدر الوقت والاستخفاف بالعقل والمعلومات الموثقة، بكثير من التلفيق وأنصاف الحقائق وأحياناً الكذب الكامل!

أما {إمبراطورية مين} فهو كوميديا سياسية مهمة، وتكمن أهميته ابتداء في ريادته في معالجة موضوعه الجديد بالنسبة إلى أعمالنا الدرامية والفنية كلها، ويستحق هذا إعادة تأمل ومشاهدة، بعيداً عن الانطباعات المتسرعة التي لاحقته، في ظل الدورة المزدحمة بعشرات المسلسلات.

مواهب جديدة

من المواهب الجديدة والجميلة في الدراما الرمضانية 2014، التي نتوقع لها تطوراً ونجاحاً، رزان جمال ومحمد ممدوح، اللذان أديا دور الزوجين رامي وكارلا في {إمبراطورية مين {، ومي عمر في دور ليلى إبراهيم في مسلسل {كلام على ورق}، وندا موسى في دور عجمية في {دهشة}.

بالنسبة إلى الممثلين الشباب الواعدين الذين لفتوا الأنظار من قبل، وتتأكد مواهبهم بوضوح هذا العام، نذكر مثلاً أحمد داود في {سجن النسا}، وكريم قاسم في {كلام على ورق}، وإثراء جبيل في {صديق العمر}، ومجدداً نهى عابدين وأحمد محسن، في برنامج {فلفل شطة} الذي أعادت عرضه قناة {موجة كوميدي».

كذلك حسين الإمام أحد أبطال مسلسل {كلام على ورق}، شاهدناه كعادته يقدم دوره في شخصية عماد أو دودي بطريقة خاصة مميزة وبتمكن واضح تؤكد موهبته.

أفضل برنامج

{ستوديو صديق العمر} أحسن برنامج يومي عرض على شاشة رمضان، ويتصدر في تقديرنا برامج تلفزيون رمضان هذا العام، قدمه الإعلامي عمرو خفاجى بعد عرض مسلسل {صديق العمر} (أخرجه عمرو زكريا على قناة أون تي في)، وتميّز باختيار شخصيات قادرة على التحليل الموضوعي على غرار المؤرخ د. عاصم الدسوقي، والإعلامي والسياسي والكاتب محمد الخولي، والمؤرخ العسكري اللواء طلعت مسلم، والكاتب الصحافي أحمد الجمال.

ومع أن هذه الشخصيات ترتبط عميقاً بالتيار الذي مثلته ثورة يوليو وقائدها عبد الناصر، وحللت وعلقت بنفاذ، إلا أنني أتوجه بتحية خالصة وخاصة، للكاتب الصحافي والمؤرخ غير الناصري صلاح عيسى، فلم نشعر بارتباطه العميق والطويل بالفكر الماركسي، أو بمواقفه التي اختلف فيها مع التجربة الناصرية، أو رؤيته التي أثارت جدلا في السنوات الأخيرة، بل تميّز بتحليلاته الراقية حول مرحلة الثورة الناصرية ومجرياتها، وعبد الناصر وشخصيته وتاريخه، والأحداث والأشخاص في ذلك العصر الزاخر.

back to top