كارولين الفاتنة في طوكيو

نشر في 01-12-2013 | 00:01
آخر تحديث 01-12-2013 | 00:01
 يوريكو كويكي لقد مر نصف قرن من الزمان منذ اغتيال الرئيس الأميركي جون ف. كينيدي، وفي هذه المناسبة أقيمت الاحتفالات الرسمية في واشنطن العاصمة ومدينة دالاس لإحياء الذكرى السنوية. ولكن كارولين كينيدي، أكبر بنات جون ف. كينيدي سناً، لم تكن حاضرة في أي من الحدثين؛ فقد تولت للتو منصبها في طوكيو بوصفها السفير الأميركي التاسع والعشرين إلى اليابان.

في التاسع عشر من نوفمبر، اصطف الآلاف من الناس في الشوارع لإلقاء نظرة على كارولين كينيدي، وهي تستقل عربة تجرها الخيول في طريقها من محطة طوكيو إلى القصر الإمبراطوري على بُعد كيلومتر واحد تقريباً لتقديم أوراق اعتمادها للإمبراطور. وكانت وهي تلوح للناظرين تبدو كأنها سنو وايت. وكان الثاني والعشرين من نوفمبر 1963 أيضاً اليوم الذي بدأ فيه البث الفضائي من الولايات المتحدة إلى اليابان، وفي ذلك اليوم استيقظ العديد من اليابانيين في وقت مبكر لمشاهدة خطاب جون كينيدي في دالاس والذي بدأ في الخامسة والنصف صباحاً. ولكن بدلاً من إذاعة الخطاب، جلب لهم البث نبأ الاغتيال الصادم. إن صورة كارولين الشابة -مصدر إلهام نيل دياموند في أغنيته الشهيرة- وهي تقف حزينة بوقار بجانب شقيقها البالغ من العمر ثلاث سنوات وهو يؤدي التحية العسكرية لنعش والده لاتزال محفورة بعمق في قلوب الشعب الياباني، لذا فلا أظن أن أي ياباني قد لا يرحب بها سفيرة للولايات المتحدة.

كان سفراء الولايات المتحدة إلى اليابان يأتون دوماً في ثلاثة أنواع. فهناك الخبراء الأكاديميون المتخصصون في الشؤون اليابانية، مثل الباحث المعروف إدوين رايشاور. وهناك أصحاب الوزن الثقيل في عالم السياسة، مثل مايكل مانسفيلد، زعيم الأغلبية الديمقراطية لفترة طويلة في مجلس الشيوخ الأميركي، ونائب الرئيس السابق والتر موندل، ورئيس مجلس النواب توماس فولي، والسيناتور هاورد بيكر، الذي شغل أيضاً منصب رئيس موظفي البيت الأبيض في عهد الرئيس رونالد ريغان. وينتمي النوع الثالث إلى فئة المعينين سياسياً من قِبَل الرئيس، مثل توماس شيفر الشريك التجاري السابق للرئيسي جورج دبليو بوش، وجون روس الذي كان أحد المحامين البارزين في "وادي السليكون". ومن الواضح أن كارولين كينيدي، وهي من الشخصيات المهمة التي أيدت الرئيس باراك أوباما في وقت مبكر، تنتمي إلى هذه الفئة. والواقع أن دعمها لأوباما في الانتخابات التمهيدية في الحزب الديمقراطي في عام 2008، عندما كان نائباً غير معروف نسبياً في مجلس الشيوخ عن ولاية إلينوي، أضفى على حملته المصداقية بين أعضاء الحزب الذين ظلوا على ولائهم لتراث عائلتها.

وقد انتزع خطاب كارولين أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ خلال جلسة تأكيد ترشيحها دعم الحزبين الديمقراطي والجمهوري- وهو أمر نادر الحدوث في أيامنا هذه، نظراً للسياسات الوطنية الشديدة الاستقطاب في أميركا- وحصلت على الموافقة بالإجماع. ورغم افتقارها إلى الخبرة السياسية أو الدبلوماسية الرسمية، فإن اتصالاتها الشخصية، خصوصاً بأوباما، ستكون بالغة الأهمية في العلاقات بين الولايات المتحدة واليابان.

وهناك قضايا ملحة تحتاج إلى اهتمام السفيرة الجديدة. على سبيل المثال، هناك مسائل الأمن المتعلقة بتعزيز التحالف بين الولايات المتحدة واليابان، بما في ذلك نقل قاعدة فوتينما الجوية، وهي قاعدة عمليات مشاة البحرية الأميركية في أوكيناوا. وهناك أيضاً قضايا تتعلق بالتعاون الاقتصادي، مثل الشراكة عبر المحيط الهادئ، وهي معاهدة التجارة الحرة الإقليمية الكبرى المقترحة والتي تغطي اقتصادات منطقة المحيط الهادئ.

ورغم اعتراض جماعات المصالح المحلية القوية، وبوجه خاص تلك التي تمثل القطاع الزراعي، على مشاركة اليابان في مفاوضات الشراكة عبر المحيط الهادئ، فقد اختارت حكومة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الانضمام إلى المحادثات في وقت متأخر. وبدلاً من الاستفادة من رأس المال السياسي الذي منحته إياه مستويات شعبيته المرتفعة، فإنه اختار إنفاق بعض من رأس المال هذا على مبادرة رفضها رؤساء الوزراء الذين سبقوه، ولكنها قادرة على المساعدة في تحويل جوانب كثيرة من اقتصاد اليابان. بطبيعة الحال، نظراً للبيئة شديدة الحزبية اليوم في الولايات المتحدة، فإن الخطر قائم في عدم حصول الرئيس على سلطة التفاوض السريع- والتي بموجبها يلزم الكونغرس نفسه بالتصويت المباشر على الاتفاقيات التجارية (وبالتالي استبعاد التعديلات والعراقيل). وإذا تعذر التغلب على هذه العقبة فتعطل الاتفاق، فإن مستويات شعبية حكومة آبي ستتراجع، رغم التقدم في المفاوضات. ونظراً لحصول كارولين كينيدي على الموافقة بالإجماع، فإنها قد تكون قادرة على استخدام رأسمالها السياسي للمساعدة في إقناع الكونغرس على الموافقة على سلطة التفاوض السريع. إن حكومة آبي تعول على مستويات شعبيتها العالية، ليس فقط للمشاركة في اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، بل أيضاً لتلبية الحاجة للإفلات من حالة الانكماش والركود التي دامت 15 عاماً وتعزيز موقف الأمن الوطني الياباني، الذي ظل عاجزاً لعقود من الزمان. ونظراً لمجموعة القضايا المتصلة التي تربط المصالح الأميركية الحيوية بعملية الإصلاح في اليابان، فإن كارولين قادرة بشخصيتها ومهارتها على إثبات أهميتها كحلقة اتصال أساسية بين البلدين عند نقطة حاسمة من العلاقات بينهما.

* وزيرة الدفاع ومستشارة الأمن القومي في اليابان سابقاً، ورئيسة الحزب الديمقراطي الليبرالي في اليابان سابقاً، وعضو البرلمان الياباني حالياً.

«بروجيكت سنديكيت» بالاتفاق مع «الجريدة»

back to top