خيارات كردستان المستقبلية في المنطقة

نشر في 05-04-2014
آخر تحديث 05-04-2014 | 00:01
 أنس محمود الشيخ مظهر يمكن أن تكون الأحداث التي تمر بها المنطقة حاليا فرصة سانحة للشعب الكردي كي يحقق مكتسبات جديدة في طريق طموحه السياسي المشروع في أجزائه الأربعة، وبسبب تعقيدات الوضع الكردي المتأثر بالدول التي تتقاسم كردستان لا يمكن وضع هذه الأجزاء من كردستان في سلة حل واحدة؛ مما يشكل تحديا حقيقيا لصانع القرار الكردي سواء في العراق أو إيران أو تركيا حتى في سورية، ولكن من جانب آخر يمكن استغلال هذا التعقيد للتوصل إلى حلول مبتكرة وجديدة على الساحة الدولية.

إن وضعية إقليم كردستان العراق وعلاقاته الخارجية سياسيا واقتصاديا مع تركيا والغرب، إضافة إلى الوضع الكردستاني في سورية والعلاقة الكردستانية في تركيا مع حكومة أردوغان، وأخيرا علاقة إيران المتوترة مع المجتمع الدولي بشكل عام، كل هذه الأمور تجعل بإمكان الجانب الكردي القيام بخطوات متقدمة على الصعيد الإقليمي والدولي للحصول على مكتسبات حقيقية، وهذا لن يكون إلا بدخول الأطراف الكردية في حوارات ومباحثات معمقة وحقيقية، وعقد اتفاقات استراتيجية بينها لتوحيد الجهد الكردي، وعلى هذا الأساس فإن إعادة الدعوة إلى عقد المؤتمر القومي الكردي ضرورة ملحة تفرضها علينا المرحلة، وهنا يجب التركيز على جملة من الملفات المهمة نوجزها في النقاط التالية:

1- إن كانت عملية انفصال إقليم كردستان على العراق أمراً بعيد المنال في الوقت الراهن، كما تشير الوقائع على الأرض، فمن الضروري البحث عن طبيعة علاقة جديدة بين الإقليم وبغداد، وكذلك البحث عن الإمكانات المتاحة لإقامة نوع جديد من العلاقة  بين الأجزاء الأربعة من كردستان وحكومات الدول المنتمية إليها، وبالتنسيق بين الأحزاب الكردستانية كلها خصوصاً أحزاب إقليم كردستان العراق وحزب العمال الكردستاني في تركيا.

2- دعوة الأمم المتحدة للإشراف على نوعية العلاقة هذه وتبنيها في كل جزء بالشكل الملائم لطبيعة هذا الجزء مع دولته، سواء كانت العلاقة فدرالية أو كونفدرالية، كما هو في كردستان العراق، أو كان نظاما ديمقراطيا كما يمكن أن يكون وضع كردستان تركيا ضمن الدولة التركية، أو ما قد يسفر عنه وضع كردستان سورية مع الدولة السورية.

3- عقد اتفاقيات بإشراف وضمانات دولية بين أجزاء كردستان الأربعة وحكومات الدول التي تنتمي إليها حول ضرورة إبعاد لغة التهديد، واللجوء إلى السلاح في أي مشكلة سياسية بينهما؛ كي يتفرغ الكرد في الأجزاء الأربعة للتطور والنمو بعيداً عن أي مخاوف مستقبلية.

4- تأسيس علاقة مميزة لأجزاء كردستان الأربعة مع بعضها بعيداً عن علاقاتها مع دولها سواء من الناحية السياسية أو توحيد الإمكانات الاقتصادية بين أجزاء كردستان.

5- على الرغم من أن كردستان الغربية (كردستان سورية) هي أصغر أجزاء كردستان فإنها تمثل محور الخلاف الكردي الكردي حالياً، والتوصل إلى وضع سياسي متفق عليه بخصوصه سيفتح الأبواب لحل جميع الإشكاليات الأخرى القائمة بين الأطراف الكردية، وهذا لن يكون إلا بمناقشة عموم الوضع الكردستاني في سلة واحدة بحيث يكون هناك مجال للتنازلات من جهة، والحصول على مكتسبات من جهة أخرى لتكون جميع الأطراف الكردستانية رابحة في النهاية.

6- اتفاق الأحزاب الكردستانية في العراق وتركيا على عدم التدخل في الخصوصيات السياسية للطرف الآخر، وترك مساحات التأييد الجماهيرية في الجزأين على ما هي عليه دون تدخل من الطرف الآخر المنافس في الجهة الأخرى من الحدود.

7- الاستفادة من التناقضات الموجودة بين الدول الأربع لمصلحة القضية الكردية لتقوية التأثير السياسي الكردي، وكذلك يمكن أن يكون الكرد جسر تفاهم بين هذه الدول الأربع شرط ألا تكون هذه التفاهمات على حساب الوجود الكردي.

8- إبعاد المجتمع الكردستاني في الأجزاء الأربعة من أي صراعات طائفية وأي تنافس طائفي موجود في المنطقة.

9- تصغير المشاكل العالقة بين المركز والإقليم في العراق، والقبول بالحلول الوسط  حتى إن كان بعضها لا يشبع الطموح الكردي كموضوع المناطق المستقطعة فيها، ففي الظروف الراهنة ليس المهم الحصول على كل الحقوق بقدر أهمية عدم التراجع خطوة إلى الوراء، وبذلك فإن الوصول إلى خطوة متقدمة واحدة في ملف المناطق المتنازع عليها أفضل من البقاء في الوضع الحالي لها، ويمكن تأجيل الحلول الكاملة لظروف سياسية أخرى.

10- إيجاد علاقة اقتصادية مقبولة بين أجزاء كردستان والدول المنتمية إليها على أساس المصالح المتبادلة هذا من جهة، وإيجاد أسس علاقة مستقلة بين أجزاء كردستان الأربعة خارج إطار الدول المنتمية إليها من جهة أخرى، شرط ألا تؤثر سلبا في هذه الدول.

11- فتح السوق الكردستاني كله على منتجات الدول الأربع، وإعطاء تسهيلات جمركية لها لتشكل إغراء اقتصاديا لهذه الدول، لا يؤثر سلبا فيها إذا ما أخذ بعين الاعتبار المردود الاقتصادي لفتح هذا السوق لها.

قد تكون النقاط السابقة تتطلب جهدا كبيرا ونكرانا للذات الحزبية والشخصية لدى صانع القرار الكردي، لكنها على المدى البعيد تعتبر الحل الوحيد لضمان مستقبل أفضل للشعب الكردي وأجياله القادمة، خصوصا أن الوضع الإقليمي ومشاكله تشير إلى إمكانية التوصل إلى نتائج مرضية في هذا الصدد.

* كردستان العراق – دهوك

back to top