الرئيس أوباما ليس القبطان فيليبس

نشر في 31-10-2013 | 00:01
آخر تحديث 31-10-2013 | 00:01
No Image Caption
لا شك أننا لا نستطيع إلا أن نعبر عن إعجابنا الكبير للطريقة التي تعاطى بها ريتشارد فيليبس مع خطف سفينته قبالة شواطئ شرق إفريقيا في غارة شنها القراصنة، ولم تؤد إلى مقتل أي بحار من طاقمه، وعلى كل رئيس أميركي أن يتعلم من مثال فيليبس.
 Nile Gardiner ‎ يلقى فيلم المخرج البريطاني بول غرينغراس الأخير "كابتن فيليبس" إقبالاً كبيراً في صالات السينما، ولا شك أنه سيكون من أبرز الأفلام المرشحة لجوائز الأوسكار (من اللافت للنظر أن والد غرينغراس نفسه خدم في البحرية البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية). يصور هذا الفيلم القصة الحقيقية لريتشارد فيليبس، قبطان مايرسك ألاباما، سفينة نقل ضخمة خطفها القراصنة الصوماليون عام 2009، بطريقة مبدعة على الشاشة الكبيرة، مع تقديم توم هانكس دور البطولة بأسلوب مبدع، فضلاً عن الأداء المذهل لمجموعة من الممثلين الصوماليين المغمورين (حتى صدور هذا الفيلم)، وعلى رأسهم بركات عبدي. يحمل هذا الفيلم من الإثارة ما شاهدناه في فيلم غرينغراس المذهل "United 93". وعلى غرار عمل هذا المخرج السابق عن عملية اختطاف الطائرات في الحادي عشر من سبتمبر، يمس "كابتن فيليبس" الأميركيين في الصميم. كانت صالة السينما التي شاهدت فيها الفيلم في ضواحي العاصمة واشنطن مكتظة، وعلا فيها التصفيق مع انتهاء الفيلم، فقد عكس "كابتن فيليبس" أصداء فيلم كاثرين بيغلو Zero Dark Thirty، وهو فيلم وطني آخر يروق للمشاهدين يعكس مهارات القوات الخاصة بالبحرية الأميركية التي أُرسلت لإنقاذ فيليبس من أيدي آسريه الصوماليين. فيجسد هذان الفيلمان مهارة القوات المسلحة الأميركية ويحيي دورها البالغ الأهمية في مواجهة الإرهاب.

من الجيد أن البيت الأبيض اتخذ في كلتا الحادثتين القرار الصائب، رغم أن سياسته في الشؤون الخارجية والأمن القومي تبدو تائهة وغير مدروسة في السنوات الأخيرة.

يُظهر فيلم "كابتن فيليبس" الجرأة الاستثنائية التي أعرب عنها ريتشارد فيليبس الذي قدم حياته مرتين، لا مرة واحدة، لينقذ حياة طاقمه خلال محنة الاختطاف. وتُعتبر نجاته في النهاية معجزة، نظراً إلى الظروف البالغة الخطورة التي وُضع فيها، فقد وافق فيليبس على الصعود مع القراصنة إلى قارب نجاة بغية إبعاد الإرهابيين عن سفينته، في خطوة كان من الممكن بسهولة أن تودي بحياته. احتُجز فيليبس بعد ذلك طلباً للفدية في محاولة عقيمة أراد منها القراصنة الحصول على ملايين الدولارات من الولايات المتحدة. فقد ازداد هؤلاء القراصنة جرأة بعد أن عمدت شركات أوروبية في مناسبات عدة إلى دفع المال مقابل إطلاق سراح موظفيها. وخلال فترة احتجازه الوجيزة على متن قارب النجاة، تعرض فيليبس للضرب المبرح بعد أن حاول الفرار، كذلك صُوب مسدس إلى رأسه، وأوشك خاطفوه في مرات عدة أن يضغطوا على الزناد.

خلال هذه المحنة بكاملها، بما فيها المرحلة التي سبقت صعود القراصنة على متن سفينته، أخذ كابتن فيليبس عدداً من القرارات الحاسمة التي أضعفت بالتأكيد قدرة القراصنة على السيطرة على السفينة، قرارات أنقذت على الأرجح حياة طاقمه. فكانت قيادته حاسمة ومدروسة، وخدمت دوماً مصلحة من عملوا معه. ولم يتردد فيليبس للحظة في قيادة طاقمه خلال الأزمة، بل كان قائداً حازماً بكل معنى الكلمة، قائداً اتخذ قرارات مصيرية رغم تعرضه لضغط هائل.

لا شك أننا لا نستطيع إلا أن نعبر عن إعجابنا الكبير للطريقة التي تعاطى بها ريتشارد فيليبس مع خطف سفينته قبالة شواطئ شرق إفريقيا في غارة شنها القراصنة، ولم تؤد إلى مقتل أي بحار من طاقمه. وعلى كل رئيس أميركي أن يتعلم من مثال فيليبس، لكن باراك أوباما قد يكون المستفيد الأكبر على الأرجح، فمن الصعب التفكير في تناقض أكثر وضوحاً في أسلوب القيادة من التناقض بين أسلوب رئيس الولايات المتحدة الحالي المتعجرف والكثير التقلب وما أعرب عنه ربان سفينة "مايرسك ألاباما" الشهم والسريع البديهة. فباراك أوباما الكثير التأني الذي يحتاج غالباً إلى أشهر ليحسم رأيه (تذكروا إعلان زيادة عدد الجنود في أفغانستان)، الذي تفتخر إدارته بـ"القيادة من الخلف"، والذي يغرق دوماً في الحيرة، بعيد كل البعد بالتأكيد عن أن يكون القبطان فيليبس.

back to top