العمالة الإثيوبية ... لنصارح أنفسنا أولاً

إن سوء معاملة العمالة المنزلية منتشر وبشكل كبير في المجتمع، وخاصة من المواطنين نتيجة الثقافة الريعية وحياة الترف التي جعلتهم لا يعملون سوى في أعمال معينة، بينما تركوا كثيرا من الأعمال الشاقة مثل إزالة القمامة والمهن الفنية وبناء المنازل وغيرها للوافدين، وهذه الحالة هي التي تولد نظرة الاستعلاء واحتقار الآخرين واعتبارهم مجرد عبيد لخدمة شعب الله المختار المترف. فهناك كثير من الأسر تجعل العمالة المنزلية تعمل من الصباح الباكر إلى آخر الليل دون راحة، وهناك أسر تقدم فضلات طعامها للعمالة وكأنهم مجرد متسولين في الشارع، بل إن هناك حالات كثيرة لتعذيب هذه العمالة والتعدي عليها لفظيا وجسديا، وبعضها أدى إلى موت الخدم، ومع ذلك لم يطالب أحد بإنزال عقوبة جماعية على المواطنين مثلما يطالب اليوم بإنزال عقوبة جماعية على العمالة الإثيوبية!إن مفتاح الحل الجذري للمشكلة هو إدراكنا أننا نتعامل مع بشر أحرار لديهم أحاسيس ومشاعر واحتياجات مثل باقي البشر، فمنا من يرسل ابنته للدراسة في الخارج وحيدة لكنها معززة ومكرمة ومع ذلك يظل قلقا عليها طوال الوقت، فما بالك بمن يرسل ابنته أو زوجته تاركة أبناءها إلى بيت غرباء لا يعرف عنهم ولا عن أخلاقهم شيئا لتعمل لديهم خادمة؟ ومثلما تحب النساء اللباس الأنيق عند الخروج من البيت فإن الخادمات أيضا يحببن لبس نفس اللباس الخارجي لا لباس البيت كما نرى في الأسواق، ويجب علينا تلبية هذه الحاجات الأساسية لهم، ولنكن صرحاء أكثر ونعترف بأن أغلبنا متورط في تجارة البشر لأن مجرد التنازل عن خادمة لمصلحة كفيل آخر دون أخذ موافقتها هو نوع من أنواع العبودية، وهناك الكثير والكثير من الملاحظات على هذا الملف الشائك، لكن حله لن يكون في إنزال عقوبة جماعية على جنسية معينة كما رأينا.