سر نجاح النموذج الإيراني

لكن في المقابل، اعتمد إخوان مصر على المعادلات الدنيوية ونكصواعلى خطابهم العقائدي المعادي لإسرائيل والغرب، فرأينا مرسي يخاطب بيريز بـ"صديقي العزيز"، وقال خيرت الشاطر في بداية حكمهم بأن الأولوية لديهم هي توثيق العلاقة مع أميركا من أجل الحصول على القروض اللازمة لإحياء الاقتصاد المصري، فكانت النتيجة سقوط حكمهم في غضون سنة فقط! أما الميزة الثانية للثورة الإيرانية فهي إثباتها أنه لا تعارض بين الدين والتطور، وذلك عبر اتباعها نموذج الدولة الدينية القائمة على المشاركة الشعبية، والتي استطاعت التقدم في كل المجالات العلمية والتكنولوجية بالرغم من كل التحديات والحصار الاقتصادي المفروض عليها غربيا، والذي أدى إلى اعتمادها أكثر على سواعد أبنائها، فباتوا يصنعون كل شيء من الإبرة إلى الصاروخ، إضافة إلى زيادة الاكتفاء الذاتي في الزراعة والتقدم في مجال الأبحاث العلمية وتطور جامعاتها التي تنتج مزيدا من العلماء سنويا.لقد تشرفت بحضور مؤتمر سنوية رحيل الإمام الخميني في بداية الشهر الحالي، فوجدت الإيرانيين يعملون في كل المجالات والوظائف دون الاعتماد على الأجانب في الوظائف المتدنية، وهو أمر لا نراه حتى في أكثر الدول تقدماً مثل أميركا التي تعتمد على العمالة المكسيكية وغيرها لشغل الوظائف ذات المردود المادي الضعيف، كما هالني حجم التطور في البنية التحتية وشبكة المواصلات من مترو وجسور في مدينتي طهران وقم اللتين لم أزرهما منذ عشر سنوات، وحصل كل ذلك بالرغم من تشديد الحصار الاقتصادي والتضييق على حركة نقل الأموال من إيران وإليها.كما أن حجم المشاركة الواسعة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تجاوزت الـ70% دليل على حجم الالتفاف الشعبي على النظام، وإيمان الناس بأن مشاركتهم لها أثر في التغيير ورسم سياسات الدولة، وذلك على عكس معظم انتخابات الدول العربية التي يعكس ضعف المشاركة فيها عدم إيمان الناس بأثرها في إحداث تغيير حقيقي في مسيرة الدولة.إن في النموذج الإيراني درسا لنا كشعوب في المنطقة، فهذه التجربة أثبتت أن الاعتماد على الذات وإشراك الشعب في الحكم إضافة إلى التمسك بالثوابت الدينية المعتدلة غير المتطرفة هو مفتاح للنجاح، أما الاعتماد على الدول الأخرى في كل صغيرة وكبيرة وإهمال طاقات الشعب وعدم اتباع أساليب الحكم الرشيد فإنه سيؤدي إلى التقهقر والفشل يوماً ما.