هيام أبو شديد: الحرية الإعلامية يجب أن تكون مسؤولة

نشر في 03-03-2014 | 00:02
آخر تحديث 03-03-2014 | 00:02
هيام أبو شديد إعلامية وممثلة لبنانية تميّزت ببرامج تُعنى بالإنسان والمجتمع، فعُرفت بالتزامها الإنساني والروحي، ما مهدّ أمام تقديمها برنامج «الكلمة إلك» فضلا عن تصويرها خمس حلقات في برنامج {حروب وإيمان}.
أما في إطار التمثيل، فصوّرت دورين: كوميدي في {عروس وعريس} ودرامي في {ياسمينا}.
عن برامجها وأعمالها الدرامية تحدثت هيام أبو شديد إلى {الجريدة}.
أخبرينا عن برنامج {حروب وإيمان}.

هو لقاء حواري مع قادة سياسيين مسيحيين في لبنان: الرئيس أمين الجميل، الدكتور سمير جعجع، الجنرال ميشال عون، النائب دوري شمعون، الوزير الأسبق سليمان فرنجية. يرتكز على قراءة تحليلية إنسانية وروحية للحرب اللبنانية، بعيداً من السياسة، تصبّ في إطار التوثيق، ما يتطلب دقة في المعالجة. لكل شخصية سياسية حلقتان تلفزيونيتان، وتجري مفاوضات راهناً لعرضه عبر محطة لبنانية إضافة الى محطة {سات 7}.

هل ستسجلون حلقات مع قادة آخرين؟

نستعدّ لتسجيل حلقات إضافية لاحقاً مع قادة مسلمين ودروز.

ما هدف هذه اللقاءات؟

أن يتعلم الإنسان من الخبرات السلبية التي مرّ بها، لشفاء الذات وبلسمة الجراح من خلال تحليل الأحداث الماضية وتقويمها بشكل يدفع إلى التقدم في الحياة وعدم تكرار الماضي.

 ماذا استنتجت منها؟

اكتشفت مدى احترام هؤلاء القادة لبعضهم البعض، فتساءلت أحياناً: {أين المشكلة؟ ولماذا يختلفون؟ كذلك اكتشفت أنهم أصحاب قيم والتزامهم جميل، فاستغربت سوء التفاهم بينهم وانعدام الاتصال والتواصل، وتمنيت لو يصغون قليلا إلى بعضهم البعض. فضلا عن روحهم الجميلة وانفتاحهم، فتفاجأت لأنهم لا يشبهون الصورة التي يكوّنها الناس عنهم في الإعلام.

كيف اخترقتِ عالمهم الخاص وكسبتِ ثقتهم ليتحدثوا بشفافية؟

لم أكن أعرفهم شخصياً، وللمرة الأولى أدخل إلى عالمهم إنما بمضمون إنساني روحي. عندما اتصلت بهم وشرحت ماهية البرنامج، قالوا إنهم يعلمون أن أسئلتي الحوارية غير استفزازية، ولدي شق إنساني واجتماعي في عملي الإعلامي، كذلك شعرت بحاجتهم إلى إظهار وجههم الآخر الذي لا يعرفه الناس، وكأنهم يحملون أثقالا يريدون إزالتها عن أكتافهم.

هل تحفّظّ أحدهم عن بعض الأسئلة؟

أبداً، أجابوا عنها كلها رغم أنني لم أتساهل. لكن بعد انتهاء الحوار، فضّل بعضهم حذف أمور معينة ربما بسبب قساوتها أو كونها مسيئة في مكان ما، وكانوا على ثقة بأنني لن أعرضها.

{الكلمة إلك} يغوص في روحانية الضيف وعلاقته بالله، فما سبب اختيارك لهذا النوع من البرامج؟

بلغت مرحلة معينة في مسيرتي المهنية والإنسانية تفرض إيلائي أهمية كبرى للحياة الروحانية، ربما بسبب الإعلام الذي يتجه كثيراً نحو الماديات وقضايا دنيوية بشكل مبالغ فيه، فشعرت بضرورة توافر برنامج كهذا. شاءت الظروف أن يُعرض عليّ المشروع تزامناً مع مشروع تعليم مادة {أخلاقية وإعلام} في كلية العلوم الدينيّة في جامعة القديس يوسف، فاعتبرت أنني جاهزة فعلا لخوض هذه المشاريع والغوص في الروحانية على مستوى الأديان كافة.

من الضيف الذي أثّر فيك كثيراً؟

استضفت  الفنان إيلي شويري والأستاذ روميو لحود والممثلتين ألسي فرنيني وتقلا شمعون والوزير السابق شربل نحاس والنائب غسان مخيبر، لكنني تأثرت بشهادة والدة مريام الأشقر (صبية اغتُصِبت وقُتلت في طريقها إلى المنزل من الكنيسة)، إلى درجة أنني أجهشت بالبكاء بعدما أنهينا التصوير، لأن شهادتها إيمانية حقيقية شعرت بسببها أن إيماني متواضع جداً.

هل يهدف البرنامج إلى إظهار الناحية الإنسانية لمن يعيش تحت الأضواء؟

صحيح. أتذكر كلام إيلي شويري الذي شكرني على استضافته، معتبراً أنها حلقة مباركة طهّرت نفسه. أشعر بأن الإعلام أداة مباركة، أحياناً، يمكن أن تساعد الناس للوقوف أمام ذاتهم وتحليل مسيرتهم، خصوصاً بعد تحقيقهم المجد.

ما سبب تغييب البرامج الاجتماعية والإنسانية والروحية عن غالبية المحطات المحلية؟

لأن القيّمين عليها يضعون نصب أعينهم المادة ويهتمون بالإعلان أكثر من الإعلام، ويتناسون أن برامج التسلية والفكاهة والدراما تغذّي البرامج الأساسية غير المادية. ثمة موجة عابرة لأن الإعلام يشبه المجتمع الذي يسير باتجاه الماديات ويعكس صورته. برأيي، تدمير البشر أخطر من تدمير الحجر، وثمة مسؤولية كبيرة على عاتق المحطات، التي يجب أن تثابر لتقديم برامج تقوم على ركيزة إنسانية. يجب أن تعرض المحطات أنواع البرامج كافة شرط أن تنفّذها بطريقة جيدة ولائقة. طبعاً، نحن بحاجة إلى ترفيه وتسلية، إنما ثمة برامج استفزازية، وأخرى تعتبر نفسها اجتماعيّة بينما تهدف إلى تحقيق «سكوب» فضائحي تحت شعار الإنسانية والاجتماعية.

 

هل نوعية البرامج دليل على أداء المؤسسة الإعلامية وأولوياتها؟

رغم توافر برامج جميلة وهادفة، لاحظنا طغيان الإيقاع الصاخب والضجيج على كثير منها، حتى بلغت مستوى الاستهزاء، لاسيما عند تقليد السياسيين، لذا من الضروري البحث عن أمور أخرى مضحكة وترفيهية، تكون جميلة من دون استهزاء أو استفزاز لأنها قد تؤدي إلى مشكلات أمنية، مثل إقفال الطرقات وحرق الإطارات المشتعلة كما شهدنا أخيراً. فنحن بغنى عن هكذا أحداث في وطن يعيش على كف عفريت، لذا يجب مراعاة المنطقة التي نعيش فيها والتي تقف على فوهة بركان، ومن الضروري أن تكون الحرية الإعلامية مسؤولة وغير {منفلشة} إلى هذه الدرجة.

كيف تقيمين دورك في «عروس وعريس»؟

شخصيتي فريدة من نوعها، فرحت بها لأنها متنفس لي، سيفاجأ الجمهور بأنها مضحكة وكوميدية بعيداً عن شخصيتي الحقيقية والمعتادة في الأعمال.

وفي مسلسل « ياسمينا»؟

القصة جميلة، تدور أحداثها خلال الاحتلال التركي للبنان. أؤدي دور أرملة توفي زوجها في أعمال السُخرة، وتربي طفلة، رغم فقرها، ليست ابنتها الحقيقية هي «ياسمينا» (كارول الحاج)، وعندما تكبر تبدأ التفتيش عن عائلتها الحقيقية وعن جذورها. تشارك في المسلسل نخبة من الممثلين من بينهم: باسم مغنية، فادي ابراهيم، طوني عيسى، نقولا دانيال، رندا الأسمر وغريتا عون.

من أين تستقين شخصياتك الكوميدية والدرامية؟

ألتقط تلقائياً حركات الناس الذين أصادفهم يومياً، ومثال ذلك شخصية «جهينة» في «عروس وعريس» التي تصوّرتها انطلاقاً من نساء محجبات أعرفهنّ في الحقيقة، يلحقن الموضة بشكل مبالغ فيه، فجسّدت الشخصية بطريقة نافرة وكاريكاتورية. أما بالنسبة إلى الدراما، فأعطي دوري نغمة موسيقية تشبه الشخصية التي أدخل إليها من خلال الموسيقى.

تحقق المسلسلات الدرامية نسبة مشاهدة مرتفعة، فهل تطوّر الإنتاج بشكل انعكس على نوعية المسلسلات أم فرضت عملية العرض والطلب سخاء إنتاجياً؟

لا شك في أن الإنتاجات اللبنانية تتضارب مع السورية والمصرية والتركية، فبعد انتهاء الحرب اللبنانية، جاءت الخطوات متعثرة، إنما سرعان ما فهم المنتجون اللعبة، وبدأ كتّابنا يقدمون أعمالا تستقطب الجمهورين العربي عموماً واللبناني خصوصاً، وها هم الممثلون اللبنانيون يصورون أعمالا في دبي ومصر، ويشاركون في الدراما العربية المشتركة، فتحقق الانفتاح والخليط العربي. من جهة أخرى، ورغم إمكاناتنا الإنتاجية المتواضعة مقارنة مع الآخرين، نرفع القبعة للمنتجين الذين يستثمرون في هذا القطاع، خصوصاً أن الأوضاع اللبنانية مهتزّة ونفتقد إلى دعم الدولة والوزارات، لذا نشكر الكاتب والمخرج والمنتج والممثلين والمواطنين اللبنانيين الذين يفتحون منازلهم ومكاتبهم وغرف نومهم ومحلاتهم لاستقبالنا طيلة أشهر التصوير، فنستخدم أماكنهم الخاصة من دون مقابل مادي. اعتبر هؤلاء من المساهمين في الإنتاج اللبناني والداعمين للدراما اللبنانية، في ظل غياب «مدينة إنتاج درامي واستوديوهات متخصصة للتصوير.

نشهد أخيراً حوادث كثيرة متعلقة بتعنيف المرأة، فكيف يمكن للكاتبة والممثلة ومقدمة البرامج دعم هذه القضية؟

طرحت هذه القضية في برامجي السابقة، وأنا جاهزة في حال توافرت الإمكانية الإعلامية للإضاءة على هذه القضية مجدداً ولن أتخاذل. فضلا عن مشاركتي كمواطنة في التحرك الذي دعت إليه جمعية «كفى» في يوم المرأة العالمي، وفي أي لقاء ونشاط لدعم حقوق المرأة. وعندما أقدم شهادة حياة، أحكي عن هذه القضية، خصوصاً أمام الطلاب بهدف التوعية.

هل أصبحت ذهنية العنف تطغى على المجتمع العربي؟

طبعاً وبشكل كبير، لأننا عندما نشاهد أشلاء الضحايا والدم عبر شاشات التلفزيون من دون إشارة مسبقة إلى الانتباه إلى هذا المحتوى، يسجل الدماغ الصور بتلقائية حتى أصبح العنف والقتل أمرين مباحين وعاديين ومسموحين، لا سيّما مع استحداث ألعاب إلكترونية ترتكز عليهما، ما أدى إلى دخول هذه الثقافة إلى تفكيرنا اليومي.

هل من مشروع درامي بتوقيعك؟

كتبت 15 حلقة درامية من أصل 30 حلقة تتعلق بقضية إنسانية، عرضتها على شركة إنتاج وأنتظر الرد.

أين تجدين متعة أكثر في التمثيل أم التقديم؟

أنا مرتبطة بلقاء روحي أسبوعي مع عائلتي، وعبر المشي، القراءة والموسيقى. ويشكّل التمثيل فشة خلق أيضاً لأنني أعيش حيوات أخرى من خلال الشخصيات، فضلا عن عشقي لجوّ التمثيل لا سيّما في الكواليس ومشاركة اليوميات مع ممثلين آخرين. بينما أعتبر أن ثمة مسؤولية أكبر في الإعلام، كأنني أحمل سلاحاً يجب أن أجري فيه جراحة لا بتر الأعضاء.

back to top