تلعفر وطوزخورماتو... والتشاؤم الكردي غير المبرر

نشر في 08-02-2014
آخر تحديث 08-02-2014 | 00:01
 أنس محمود الشيخ مظهر منذ سنوات والمالكي يرفض مناشدات بعض المدن العراقية لتحويلها إلى أقاليم بذريعة أن الوضع العراقي الداخلي غير مهيأ أحياناً، وأحيانا أخرى بحجة أن الفدرالية هي تقسيم للعراق بشكل أو بآخر، فإن كانت الفدرالية حسب مفهوم المالكي هي تقسيم للعراق فكيف يكون تفسير تقسيم المحافظات الحالية وقضم مدنها وتشكيل محافظات منها لا سيما أن العراق حاليا يمر بأحرج فتراته؟

وعلى الرغم من هذه الازدواجية في التعامل والأهداف السياسية التي تقف وراء تحويل قضاءي تلعفر وطوزخورماتو إلى محافظتين، والتي تهدف إلى إثارة مشكلات جديدة في مناطق التماس الكردية مع العرب والتركمان، فإننا لن نتناول الموضوع من هذه الزاوية بل سنركز على موقف حكومة إقليم كردستان من هذه القضية، والتي تعاملت معه بشكل لا يتناسب والخبرة السياسية التي يتمتع بها ساسة الإقليم.

فلقد أبدى الإقليم موقفا رافضاً لقرار مجلس وزراء الحكومة العراقية في تحويل قضاءي طوزخورماتو وتلعفر إلى محافظتين، واعتمد على مبررات ضعيفة تؤدي إلى إضعاف الموقف السياسي الكردي داخل العراق، ليس هذا فحسب بل وصل الأمر ببعض الساسة الكرد إلى الإفصاح وبشكل علني بالتنازل عن تحويل مدينة حلبجة إلى محافظة إذا كان الأمر سيفتح الباب أمام تحول مدن أخرى إلى محافظات.

إن استمرار سياسة الإقليم في تبني مواقفها على ردود أفعال (لأفعال) يقوم بها المركز والتحرك وفق هذه الردود فإن هذا لن يؤدي إلا إلى استمرار فقدان المكتسبات التي حصل عليها طوال السنين الماضية، وأتصور أنه آن الأوان لحكومة الإقليم لأخذ المبادرة في الفعل وترك ردات الفعل للمركز. على هذا الأساس فإن الإقليم مطالب بالتحرك وفق النقاط التي سوف نوضحها الآن لجعل قرار المركز هذا في مصلحة الإقليم ولقلب السحر على الساحر بدلا من رفضه دون كسب نقاط منه.

1- إن تحويل بعض الأقضية إلى محافظات يؤدي إلى تغير الحدود الإدارية للمحافظات الأم التابعة لها مما يلزم حكومة المركز رسم حدود إدارية جديدة للمحافظات الأم هذه؛ كما يعني بالتالي إمكانية رسم الحدود الإدارية للمحافظات العراقية كلها، وهذا يتماشى  مع المطلب الكردي في إعادة ترسيم حدود المحافظات ذات العلاقة بالمناطق المتنازع عليها. وإن كان البرلمان العراقي قد استطاع ولحد الآن تجميد طلب الرئاسة العراقية في إعادة ترسيم الحدود الإدارية للمحافظات العراقية فإن هذه الخطوة تعني وبشكل تلقائي ضرورة إقرار هذا القانون.

2- على الحكومة في كردستان التعامل مع ملف المناطق المستقطعة وقرار 140 كما تتعامل مع الملفات العالقة الأخرى بشكل أكثر واقعية مع استعمال مبدأ أخذ الممكن في أقل وقت ممكن، فالتفاوض حول الممكن أفضل من إضاعة الكل غير الممكن، وهكذا فمحاولة الإقليم للتنسيق مع بعض الأحزاب العربية (الرافضة للقرار لأسباب خاصة بها) لإجهاض هذا القرار برلمانيا، لا تعني حلا نهائيا لهذا الموضوع بل سيظل يثار في أي وقت يراد فيه إحراج الإقليم، ووضعه في زاوية حرجة، وسيدخل في مبدأ المساومات السياسية التي من الممكن ألا تكون في مصلحة الإقليم مستقبلا، وعليه فإن الإقليم مطالب بالتنسيق مع الأحزاب التركمانية والجانب التركي للحصول على تنازلات مقابلة وتخفيف وطأة هذا القرار عليه.

3- إن تشكيل محافظتين فيهما أغلبية تركمانية يخفف وبشكل كبير التركيز التركماني على ملف كركوك، وما يحمله هذا التركيز من موقف تركي مساند، والتوجه الكردي نحو القوى التركمانية والتفاوض معها حول ملف كركوك يجب أن يسبق أي موقف علني للإقليم حيال قضيتي تلعفر وطوزخورماتو.

4- إن قرار المالكي تشكيل محافظات جديدة يعتبر خلطا للأوراق، لكنه في نفس الوقت يتماشى مع الحقوق الكردية في العديد من المناطق المستقطعة التي استطاع الإقليم أن يسيطر عليها بعد الـ2003، وتجعل من مطالبات مجالس تلك المحافظات العربية لهذه المناطق مطالبات غير مشروعة وغير مجدية.

إن موقف كردستان الرافض لهذا القرار يمكن أن يؤدي كذلك إلى سحب قرار تحويل مدينة حلبجة إلى محافظة، وإن بدا للبعض أن العدول عن القرار الخاص بحلبجة هو أمر يسير، فهذا يشير إلى قصور في فهم الوضع الداخلي لكردستان وتداخلاته الإقليمية، علاوة على أن إيقاف توجه المركز في تغيير بعض الوحدات الإدارية في العراق قد يفقد كردستان الكثير من المكاسب التي من الممكن أن تحصل عليها كما قلنا سابقاً.

* كردستان العراق – دهوك

back to top