خارج السرب: «فخار يكسر بعضه يا بشوات»

نشر في 14-06-2014
آخر تحديث 14-06-2014 | 00:01
 فالح بن حجري "خليها علينا يا باشا"، هذه العبارة غالباً ما نسمعها من عمال طلبات المطاعم عند السؤال عن حساب الفاتورة، وطبعاً هي عبارة تمر مرور الكرام ولا أحد يلقي لها بالاً أو يعتقد مثلاً أن هؤلاء العمال البسطاء من ذوي الرواتب البروليتارية يحلمون بتقمص دور "حاتم طي" أو ابن مهيد "المصوّت بالعشا" أو بن علي "معشي العوسج"،لا أبداً، هي مجرد جملة مجاملة جمالية لا أكثر أو هجمة لسانية مرتدة يقودها "خط هموم" العمال نحو منطقة جزاء الإحسان، هجمة تبتغي هز أغصان الكرم على أرض أخلاقنا، يعصر بعدها العمال "أعناب البقشيش" المتناثرة حول كروم كرمنا ليحيلوها خمراً لذة للكادحين.

"مرور الكرام" قد "تُطوّف" دورياته عبارة "خليها علينا" المنسوبة إلى العمال المساكين أعلاه، ولكن نفس "المرور" سيلاحق "بفلشراته" كل سياسي يردد ذات العبارة "ويصفطه يمين" ليقول له عطني إجازة المنطق السليم، ودفتر وثائقك الصحيحة، وإلا سجلت بحقك مخالفة قطع الإشارة التي بها اللبيب يفهم!

يومي الثلاثاء والأربعاء افتتح مهرجان شارع المطاعم السياسية عندنا، وكانت عبارة "خليها علينا يا باشا" حاضرة وبقوة كضيفة الشرف الذي يراق على جوانبه "حطب الدامة" لا الدم!

المعارضة تنشر وثائق لم يقدم بها بلاغ واحد إلى النيابة، وثائق اطلع عليها فقط خاصة الخاصة كما يشاع، و"طلع" الآلاف من بيوتهم ليشاهدوها ليُفاجؤوا بوثائق مشطوب أغلب ما فيها ومبهمة السطور وسندها منقطع! ما الدليل على صدق الوثائق يا سادة المعارضة؟ وهل معكم شهادة جهة محايدة واحدة تسند حائط وثائقكم المائل؟ "خليها علينا يا باشا".

الحكومة تقلّب ذات الأوراق يوم الأربعاء تقليبا مستمراً على نار هادئة؛ لتقول إنها مجرد أضغاث أحلام وأباطيل، وحديث خرافة يا أم عمرو! هكذا بلا "إحم ولا دستور" ولا طلب شهادة شركة خارجية متخصصة في فحص الوثائق، ولا سؤال يوجه للبنوك الخارجية حول صحة التحويلات... و"خليها علينا يا باشا"!

المجلس اختلف فقه نوابه حول مسألة نسب الوثائق وأصلها وفصلها، فمنهم من قال إنها "مفبركة" على الأرجح، ومنهم من رجح أنها من النوع "الخرطي"، وعلى طول طريق "حانا الراجح" و"مانا المرجوح" ضاعت في الزحام لحى أصوات عاقلة نادرة نادت بفحص الوثائق على يد جهة محايدة لحسم الخلاف، ولكن هيهات كان الجواب إياه حاضراً... و"خليها علينا يا باشا".

"ما راح نخليها عليكم هالمرة يا باشوات"، وسوف ندفع ثمن ما تهضمه عقولنا فقط على مائدة الحقائق، ولن يكون" البقشيش" الذي تحلمون به أبداً وطننا، فنحن دولة مؤسسات ولسنا دولة استنتاجات شخصية، وإما أن "تطلعون" لنا البينة التي لا تشوبها شائبة، و"ما تخرّش المية" وإما أن "تطلعون من نافوخنا" وإلى الأبد... و"فخار يكسر بعضه"!

back to top