قانون مكافحة الإرهاب في كردستان ودعوات إلغائه

نشر في 02-08-2014
آخر تحديث 02-08-2014 | 00:01
 أنس محمود الشيخ مظهر يمكن اعتبار مشروع إلغاء قانون مكافحة الإرهاب وتقديمه إلى رئاسة برلمان كردستان أول كبوات البرلمان الكردستاني الجديد، حيث عرض بعض البرلمانيين مشروع قرار يدعو إلى إلغاء العمل بقانون مكافحة الإرهاب المرفق 3 لسنة 2003، مما يشير إلى وجود برلمانيين يغردون خارج سرب المشروع الكردي، وبعيداً عن المشاكل الحقيقية التي يعانيها المواطن، خصوصاً أنهم برروا تقديمهم لهذا المشروع بأن قانون مكافحة الإرهاب في كردستان قد قدم سابقا ليتم العمل بموجبه لمدة عامين ثم مدد ثلاث مرات، وكل مرة بسنتين، مع عدم وجود مبرر لتمديده مرة أخرى لورود عقوبات التهم الواردة في هذا القانون في قوانين العقوبات العراقية.

 إن ما يثير حساسية الموضوع أنه مقدم من برلمانيين منتمين إلى حزب إسلامي كردستاني، كان ولوقت قريب مؤمنا بالجهاد المسلح على غرار ما تتبناه بعض الجماعات المسلحة المتطرفة التي ابتليت بها المنطقة مؤخراً. ولكننا مع ذلك نحسن الظن بأحزابنا الإسلامية الكردستانية، ونأمل أن يكون وجودهم في حكومة الإقليم وبرلمانه لإيمانهم بأن هذا هو الجهاد الحقيقي لا ما يدعيه الآخرون خارج حدود كردستان.

وهنا نريد أن نطرح ملاحظاتنا على مشروع القانون المقدم متمنين أن تؤخذ بنظر الاعتبار من المتبنين لهذا المشروع خاصة والبرلمان الكردستاني بشكل عام:

1- القول إن قانون مكافحة الإرهاب في الإقليم لم يعد له مقتضياته في الوقت الراهن هو قول مثير للاستغراب، خصوصاً أن ما يتعرض له العراق من عمليات إرهابية وما آل إليه الوضع الأمني في المنطقة بأسرها يجعل من الإصرار على تطبيق قانون مكافحة الإرهاب وتفعيله أمرا ملحا بدلا من المناداة بإلغائه.

2- تبرير إلغاء قانون مكافحة الإرهاب في كردستان بوجود قوانين مماثلة له في قانون العقوبات العراقي يعبر عن قصور في الرؤية عند هؤلاء، فوجود هذه العقوبات في القانون العراقي وبعثرتها بين بنود وقوانين عديدة يضعف إلى حد كبير الجهد المبذول للوقوف ضد المد الإرهابي في المنطقة، ويمكن اعتباره أحد أسباب الفشل الأمني الحالي في العراق، إضافة إلى أن الاعتماد على قانون العقوبات العراقي يعطي للمشرع مجالا أوسع ومرونة أكثر لضرب أي جهة إسلامية وإن كانت سياسية بحجة مكافحة الإرهاب، كما يحصل الآن في العراق، ولا أتصور أن هذا من مصلحة الأحزاب الإسلامية الكردستانية على المدى الطويل.

3- إن كان الغرض من تقديم مشروع إلغاء قانون الإرهاب- وكما تراه الجماعة الإسلامية- هو لقطع الطريق أمام استغلال هذا القانون للتنكيل بهم مستقبلا تحت أي ظروف وفق ذريعة الإرهاب، فإن حل هذه المعضلة لا يكون بالدعوة إلى إلغاء قانون الإرهاب إنما بالدعوة إلى تعديله بالشكل الذي يحفظ أمن مواطني إقليم كردستان وسلامتهم ويحمي العملية السياسية فيه.

4- كان الأولى بمن قدم مشروع الإلغاء هذا أن يقدم مشروعا لحل المشاكل السياسية التي يعانيها إقليم كردستان العراق، خصوصا ما يتعلق بالتجاذبات السياسية التي رافقت الانتخابات البرلمانية في كردستان وتشكيل الحكومة فيها، فإيجاد الحلول لهذه المشاكل أجدى بكثير من البحث عن ثغرات سياسية تضعف الصف الوطني الكردستاني بدعوى أنها مقدمة من برلمانيين.

مع تقديرنا الكامل لنضال الأحزاب الإسلامية الكردستانية، فإننا في كردستان لا نتمنى أن يستخدم برلمان الإقليم لتمرير أجندات جماعات متطرفة أو دول إقليمية للنيل من تجربة الإقليم من خلال هذه الطروحات والأفكار، فالدعوة إلى إلغاء قانون مكافحة الإرهاب وفي هذه الظروف بالذات يمكن إدراجه تحت بند حماية الجهات الإرهابية المنصوص عليه في القانون نفسه حتى إن كان بعدم دراية، ولا أتصور أن الحصانة البرلمانية ستشفع لمن يحاول ذلك "متعمدا"، فنرجو من كل البرلمانيين إسلاميين كانوا أم علمانيين أن يكونوا على قدر المسؤولية التي حملها الكردستانيون لهم، والعمل جميعا من أجل إسعاد هذا الشعب وتطويره.

* كردستان العراق – دهوك

back to top