Russia... أرض السحر والجمال

نشر في 23-02-2014 | 00:02
آخر تحديث 23-02-2014 | 00:02
أتيتُ في إحدى المناسبات إلى موسكو لتغطية رحلة في المنطاد. حصل ذلك في فصل الشتاء. لكن عندما واجه المغامرون طقس الشتاء الجليدي والقاسي هناك، لم نتمكن من الإقلاع عن مستوى الأرض.
حين هبّت العواصف الثلجية، تجولتُ بالقرب من نهر موسكفا، وسرعان ما علمتُ أن المكان يشمل حوض السباحة العام الوحيد والدافئ في موسكو. ثم سمعتُ أنه كان موقعاً لكنيسة، وسرت إشاعات عن انتشار لعنة معينة. لكن بالنسبة إلي، حين كان الاتحاد السوفياتي يوشك على الانهيار في بداية التسعينيات وكانت موسكو تعجّ بمعالم ما كنت أفهمها، جعلني هذا المكان أبتسم. أردت أن أقفز في الماء، لكن بقيت هذه الرغبة مجرد فكرة لم تتحقق. كريستوفر رينولدز يتابع تفاصيل رحلته في لوس أنجلس تايمز}.
في فصل الشتاء الماضي، حين كُلّفت بمهمة قبل الألعاب الأولمبية في سوتشي، روسيا، هبطت مجدداً في موسكو وغطاني الثلج وشعرت بالخدر بسبب قوة الرياح. كان الجو مختلفاً وأفضل حالاً.

كان الجو أفضل بالنسبة إلى السياح على الأقل. كانت موسكو مغطاة بالثلوج ومليئة بثروات مادية موزعة بشكل غير متكافئ. يبقى المشهد مدهشاً، سواء جئنا إلى هذا المكان أو لم نفعل خلال الحرب الباردة. عدا وسائل جمع الأموال الجديدة والميل الثقافي الغربي والمطاعم التي تتخذ مواضيع غريبة بعد الحقبة السوفياتية، تبقى المدينة غنية بمظاهر الهندسة المعمارية والفنون التي تعود إلى قرون مضت. فضلاً عن أن سكان موسكو يجيدون التعامل مع الشتاء! في فترة بعد الظهر من أحد الأيام، شاهدتُ امرأة تعتمر قبعة من الفرو وتمر على رصيف مغطى بالجليد، ثم قفزت فوق مزراب ولوّحت بيدها لسيارة أجرة بكل أناقة كما تفعل أي متزلجة على الحلبة.

لا يعني ذلك أن زيارة روسيا مهمّة سهلة في جميع الفصول. يشعر كثر بالقلق من الأعمال الإرهابية المرتبطة بالألعاب الأولمبية الشتوية.

كان لافتاً التمسك الصارم بالقوانين والتنظيمات. عند التخطيط للرحلة، سمعت كلمة {لا} باللغة الروسية في مناسبات كثيرة لدرجة أنني اضطررت إلى زيارة سان فرانسيسكو (للحصول على تأشيرة صحفية في الوقت المناسب من القنصلية الروسية هناك) وبيفرلي هيلز (لأن شركة الخطوط الجوية الروسية {إيروفلوت} ما كانت تسمح لي بتغيير بطاقتي إلا إذا جئت شخصياً إلى مكتبها).

فور وصولك إلى هناك، ستواجه أعلى الأسعار في أوروبا لكن إذا زرت المكان، ستكون موسكو الشتوية كفيلة بإثارة دهشتك. قبل أن أعرض المستجدات عن حوض السباحة (نعم عدتُ إلى هناك!) وعن الألعاب الأولمبية التي ستستمر في سوتشي حتى 23 فبراير، إليك بعض الأسئلة والأجوبة عن مدينة لا تحتاج إلى أي معدات لصنع الثلوج. حين نقصد المكان، يجب أن نتذكر ما قالته لي مترجمتي ومرشدتي، ستيفلانا غايكوفيتش، في اليوم الأول: {موسكو ليست روسيا. موسكو بلد صغير داخل روسيا. إنها حالة بحد ذاتها}.

هل يجب أن أبدأ الجولة في الساحة الحمراء كأي سائح آخر؟

نعم، قف أمام القباب والأبراج والتماثيل في كاتدرائية القديس باسيل التي تعود إلى القرن السادس عشر. قم بجولة وراء جدران الكرملين المجاورة حيث تنتظرك ثلاث كاتدرائيات إضافية تشمل كاتدرائية انتقال العذراء من القرن الخامس عشر. على عكس التصميم الداخلي، يبدو وكأن مظهرها الخارجي المبهرج يحتاج إلى تطوير إضافي.

في أنحاء الساحة مقابل الكرملين، نجد متجر GUM المتعدد الأقسام الذي يشبه الرواق وله ثلاثة طوابق وهو يعود إلى تسعينيات القرن التاسع عشر وكانت الحكومة تديره سابقاً. أصبح المتجر الآن أشبه بأرض خيالية تبيع بالتجزئة وباتت تملكه منذ عام 2005 مجموعة من القطاع الخاص يقودها بائع السلع الفاخرة الشهير بوسكو دي سيليجي.

وحدهم رجال الأعمال النافذون يستطيعون دفع أسعار السلع في متاجر {تيفاني} و}بربري}، لكن لا يختلف الوضع كثيراً عما يحصل في الجادة الخامسة في نيويورك. وأضواء الأعياد والعروض تُعتبر لافتة بالفعل. ما لن تجده في الجادة الخامسة هو مطعم {ستولوفايا 57} الصاخب الذي يشبه أي كافتيريا في المصانع السوفياتية في عام 1957 ويشمل أطباق {سمك الرنجة في معطف فرو}. إذا كنت لا تستطيع تحمّل كلفته، يمكنك الإقامة في أحد الفنادق الجديدة أو المرمّمة بالقرب من الساحة. منذ عام 2007، كان فندق {ريتز كارلتون} يخضع لإدارة فندق {إنتوريست} الكئيب. في أواخر عام 2011، حلّ فندق {أنتركونتيننتال تفرسكايا} مكان فندق مينسك السابق. كان فندق {موسكفا} القديم من المعالم التي بُنيت خلال الثلاثينيات لكنه هُدم في عام 2004 تقريباً واستُبدل بفندق {موسكفا} الجديد تحت إدارة {فور سيزونز} ومن المنتظر أن يفتح أبوابه في منتصف عام 2014.

أقمت في فندق {متروبول} الذي يعج بمعالم الفن الحديث وكان قد بُني في عام 1901. كنت أتوجه كل يوم إلى بوفيه الفطور لتقوية نفسي وأوزع صور ضيوف سابقين مثل فلاديمير لينين وجورج برنارد شو وبرتولت بريشت ومايكل جاكسون.

لماذا أسمع لويس أرمسترونغ؟

إنه صوت المزلجة الشتوية في الساحة الحمراء، على بُعد مبنى من فندق {متروبول}. كان صوت أغنية {يا له من عالم رائع} (What a Wonderful World) يصدح حين وصلت. وسط الجليد، رأيت ثنائياً يتبادل القبل.

لكن لا تقم بجميع نشاطات التزلج في الساحة الحمراء. بل توجّه إلى حديقة {غوركي}، فهي ليست مجرد عنوان رواية بوليسية صدرت في عام 1981 للكاتب مارتن كروز سميث. تمتد على 1.2 كلم مربع على طول النهر، وقد أُعيد تصميمها في عام 2011. في الشتاء ثمة منحوتات جليدية، وعروض ضوئية، وخيم غذائية مزينة بشكل ظريف، وألعاب هوكي، ومنشآت فنية، وحفلات أعراس، ومنحدرات صغيرة للمتزلجين. تغطي المزلجة والمسارات المرتبطة بها مساحة واسعة. لم أجد مكاناً أفضل من هذا الموقع للتسلل بين حشود الروس السعداء.

هل سأبقى دافئاً؟

لا. الخيار الذي يوفر أكبر قدر من الدفء في موسكو هو {حمّامات ساندوني}، أقدم حمّام في المدينة وهو يقع على بُعد ميل من الساحة الحمراء وقد ذاب جزء من نظاراتي هناك (كان يجب أن أتركها خارج الساونا).

ثمة خيار آخر: مزرعة من القرن الثامن عشر معروفة باسم {مقهى بوشكين}. كان ذلك المكان منزلاً ومكتباً لصيدلي. منطقة {المكتبة} العليا التي تعج برفوف الكتب والكرات الأرضية والنوادل الذين يتجولون بلا توقف تُستعمل كي يجتمع فيها رجال الطبقة الثرية مع السياسيين. كان غدائي هناك أكبر بذخ في رحلتي كلها (حوالى 150$ لشخصين)، لكن كانت أطباق حساء الفطر وفطائر السلمون مذهلة.

تحدثت عن الفنون أيضاً. هل تتعلق كلها بالرموز التاريخية؟

الرموز المهمة تشمل جميع الفنانين الروس بين القرن الحادي عشر والثامن عشر، لذا ستشاهد الكثير منها في معرض ولاية تريتياكوف، فضلاً عن لوحات لامعة ومناظر طبيعية مدهشة. في معرض تريتياكوف الجديد الذي يقع في موقع منفصل، ثمة حديقة من التماثيل لأبطال سوفيات خسروا شعبيتهم (تماثيل متعددة لشخص لينين، وواحد لبريجنيف، لكن ما من تمثال لستالين).

لكنّ المفاجأة الفنية الكبرى تتعلق بظاهرة {أكتوبر الأحمر}، حي بوهيمي نشأ منذ عام 2006 في مصنع شوكولا سابق على طول النهر مقابل الكرملين. يشمل الحي مركز الأخوين لوميير للتصوير (تم افتتاحه في عام 2010)، ومعرض {أكتوبر الأحمر} (تم افتتاحه في عام 2012)، ومعهد {ستريلكا} للإعلام والهندسة والتصميم، ونوادي ليلية ومطاعم متعددة، بما في ذلك مقهى {برودوكتي} المعاصر، علماً أن العملاء الذين يضعون الأوشام هناك يسهل أن يتسكعوا في أي مقهى من حي {إيغل روك}.

ابحث في المكان: ما هي تلك الميدالية الضخمة فوق {أكتوبر الأحمر} والنهر؟

إنها منحوتة بيتر الأكبر، أب البحرية الروسية وقيصر روسيا من عام 1682 إلى 1725. هي أطول من تمثال الحرية (أكثر من 300 قدم) وتم الكشف عنها في عام 1997. ألطف أمر يمكنني قوله إنها منحوتة ضخمة جداً.

ومقابل النهر... انتظر! ماذا حدث لحوض السباحة الكبير والمستدير؟

هل تذكرون كيف كنا نسمع عن الشخصيات السوفياتية المهمة التي تظهر وتختفي في الصور الرسمية مثلما تكبر ثرواتها وتنهار؟ قبل أن تشمل هذه الأرض حوض السباحة، كانت تضم كاتدرائية المسيح المخلص التي انتهت في عام 1883 لاستذكار مقاومة روسيا خلال هجوم نابوليون وانسحابه في بداية القرن التاسع عشر. كانت تلك الشخصية محورية في أفق موسكو. ترتفع خمس قباب ذهبية في أعلى التصميم الخارجي، وتعجّ الجدران الداخلية باللوحات الجدارية.

ثم وقعت الثورة. فجّرت الحكومة الروسية الملحدة الكاتدرائية في 5 ديسمبر 1931 وهدمتها وبدأت تخطط لرفع تمثال فلاديمير لينين بطول 1600 قدم، وكان كبيراً بما يكفي كي يبدو تمثال بيتر الأكبر اليوم أشبه بأقزام ديزني.

ثم اندلعت الحرب الوطنية العظمى (الحرب العالمية الثانية) التي قتلت أكثر من 20 مليون روسي. في الوقت الذي انتهت فيه الحرب، لم يكن أحد مستعداً لرفع تمثال لينين بطول 1600 قدم. وفي عام 1958، تحولت تلك الحفرة العملاقة في الأرض إلى حوض سباحة كبير ومستدير، وهو الحوض الذي شاهدته في عام 1990.

إنها النهاية. صحيح؟

خطأ! في بداية التسعينيات، حين بدأ الاتحاد السوفياتي ينهار، بدأ قادة الكنيسة يمارسون الضغوط لملء الحوض وإعادة بناء الكنيسة. ثم وافقت الحكومة أخيراً. فتدفقت الهبات وبدأت عملية البناء. بحلول عام 2000، وُلدت الكاتدرائية من جديد وبلغ طولها 338 قدماً.

كان الثلج يتساقط بقوة وبسرعة حين وصلتُ إلى الموقع في الشتاء الماضي. أمضيت دقيقة في الخارج وأنا أتنشق الكلور قبل أن أطأ في الداخل تحت اللوحات الجدارية النابضة بالحياة والقباب الخمس الذهبية.

من الواضح أن قادة روسيا والكنيسة الروسية الأرثودوكسية أصبحوا على وفاق في هذه الأيام. لذا أطلقت النساء من فرقة {بوسي ريوت} حركة الاحتجاج/الصلاة/العرض في هذه الكنيسة في 21 فبراير 2012، من أجل انتقاد نفوذ فلاديمير بوتين.

لكني لن أتحدث بهذا الموضوع. بالنسبة إلى غريب يزور البلد كل 24 سنة تقريباً، تبقى الكاتدرائية التي يبلغ طولها 338 قدماً مذهلة بما يكفي كونها تذكّرنا بحجم التحول الذي يمكن أن يخوضه المجتمع خلال جيل واحد... قبل أن يتحول مجدداً. من يستطيع التأكيد على الرمزية التي سيحملها هذا العقار، على المستويات الروحية والثقافية والسياسية، خلال الجيل القادم؟

إذا قصدت البلد:

فندق {متروبول}، 2 تيترالني بروزد، موسكو: 001-7-499-501-7800، www.metropol-moscow.ru. غرفة مزدوجة بدءاً من 250$ في الليلة.

مقهى {بوشكين}، 26-أ، بولفار تفيرسكوي، 011-7-495-739-0033، www.cafe-pushkin.ru/en/. أسعار الأطباق الرئيسية في منطقة {المكتبة} تتراوح بين 15$ و80$.

مقهى وحانة {برودوكتي}، بيرسنيفسكي بيرولوك، موسكو، 011-7-903-789-3474. ما من موقع إلكتروني. وجبات الطعام بين 10$-19$.

معرض ولاية تريتياكوف، ممر لافروشينسكي رقم 10، موسكو، www.tretyakovgallery.ru/en. دخول الراشدين مقابل 15$.

back to top