الاستثمار السياحي بعد النفطي

من أكثر الأمور التي تشكل خطراً على مستقبل الكويت هو اعتماد الدولة على مصدر وحيد للدخل وهو النفط والذي يشكل ما نسبته أكثر من 97 في المئة من إجمالي الدخل العام للدولة، بمعنى أن كل أمور البلاد من أجور ومرتبات وخدمات متوقفة على تلك الصادرات النفطية فإن انخفضت انخفض معها دخل الدولة وإن ارتفعت ارتفع معها دخل الدولة، ولا يمكن حالياً لأي مصدر آخر أن يغطي مصاريف الدولة في حالة انتكاسة أسعار النفط.

تلك المقدمة تستوجب على حكومتنا وباهتمام بالغ أن تلتفت إلى جوانب أخرى غير النفط لتكون مصدراً مسانداً للدخل، لأن الأمر لم يعد يحتمل التأخير، فالدول التي تشتري نفطنا اليوم وبكميات وفيرة نراها اليوم تتطور سريعاً في مجال إيجاد مصادر بديلة للطاقة غير النفطية مما يجعلها تستغني في المستقبل عن جزء كبير من نفطنا الذي نصدره إليها. ولعل السؤال المهم، ما هو أفضل مجال يمكن للكويت أن تستثمر فيه بحيث يشكل دخلاً إضافياً إلى جانب الدخل النفطي؟!

إن أفضل مجال يمكن الاستثمار فيه ليكون مصدراً آخر للدخل هو الاستثمار في مجال السياحة، فالكويت اليوم بإمكانها التنافس في المجال السياحي أكثر من تنافسها في المجالات الأخرى كالمجال الصناعي مثلاً، فنحن لا يمكننا أن ننافس الصين في صناعاتها، ولا أن نجاري أميركا في سياراتها، ولا أن نماشي أوروبا في صناعة طائراتها، ولكننا نستطيع أن نخلق مشاريع سياحية كثيرة في الكويت تجذب لنا السائحين من الدول القريبة والبعيدة. إن مول "الأفنيوز" على سبيل المثال استطاع بمفرده أن يجذب آلاف البشر من البلدان المختلفة، فما بالك لو شيدنا مجمعات أخرى بروعة "الأفنيوز" في مناطق أخرى في الكويت، فإننا بكل تأكيد سنجذب أعداداً أخرى من البشر خصوصاً أن التوجه السياحي العالمي هو "سياحة المولات" ولنا في مدينة دبي أبرز مثال على ذلك. كما أن بإمكان حكومتنا أن تستغل الجزر الكويتية، كجزيرة فيلكا، في إنشاء مشاريع سياحية ضخمة، ولنا في ماليزيا أوضح مثال، فالجزر الماليزية مثل (بينانغ ولانكاوي) استطاعت أن تجذب ملايين السواح من شتى أصقاع الأرض. كما أن إنشاء منتجعات سياحية ضخمة مثل منتزه الخيران سينمي القطاع السياحي في الدولة، ولا مانع من الاستفادة من الشريك الأجنبي في تنمية وتطوير الاستثمار السياحي في الكويت.

إن الاستثمار السياحي هو الاستثمار الأكثر ضماناً في الكويت ليشكل مصدراً إضافياً للدخل العام للدولة.