بلا سقف: ما هكذا تورد «المعايير»

نشر في 02-12-2013
آخر تحديث 02-12-2013 | 00:01
 محمد بورسلي في عام ٢٠٠٢، قرر الرئيس السابق للاتحاد الآسيوي لكرة القدم محمد بن همام أن يقود حملة تطوير شاملة لأنظمة ومسابقات الاتحاد القاري، هدفت الحملة في خطوطها العريضة إلى رفع المستوى الفني للدوريات وإيجاد مداخيل مالية إضافية للاتحادات المحلية، والأندية العاملة تحت مظلتها. تمخض "المشروع الجديد" في مرحلته الأولى فولد نظاماً مستحدثاً للمسابقات على مستوى الأندية، تم العمل به منذ عام ٢٠٠٣ إلى يومنا هذا. وابتداء من عام ٢٠٠٩ قرر بن همام أن يضيف إلى المسابقات "المطوّرة" قليلاً من التوابل المستوردة من شرق القارة، بدعم ومساندة من "المكتب التنفيذي" الذي كان يديره بإصبع واحدة من أصابع يده. حملت الإضافات التي أطلق عليها مسمى "معايير الاحتراف" نكهة يابانية حاذقة، وأصبحت "المعايير" منذ تاريخ نفاذها أداة لتقييم مستويات الأندية ومدى تطبيقها للمعايير الاحترافية الجديدة التي يتحدد على أساسها تصنيف "الأندية المحترفة" وتوزيع مقاعد دوري أبطال آسيا.

من يبحث في تفاصيل تلك "المعايير" فسيكتشف بسهولة أنها نسخة شبه مطابقة لبنود تم اقتباسها من نظام الاحتراف الياباني المتّبع مند عام ١٩٩٣، مع إجراء تعديلات جزئية عليها لإخفاء ملامحها الأصلية. وهنا تكمن إشكالية تطبيقها عملياً على أندية القارة كافة؛ فما يصلح لليابان ليس بالضرورة أن يكون صالحاً في أوزبكستان، ومستوى اللعبة في كوريا الجنوبية مختلف تماماً عن مستواها في شبه الجزيرة العربية، وقد أثبتت "المعايير" في سنوات عمرها القليلة أنها لا تعدو كونها "معايير ورقية" صرفة. وللدلالة على ذلك ــ مثالاً لا حصراً ــ أذكر معيار "تحول أندية كرة القدم إلى كيانات تجارية" ومعيار "معدل الحضور الجماهيري"، فالمعيار الأول يطبق غالباً باستخراج "وثيقة مزورة"، أما المعيار الثاني، فلا يتطلب تطبيقه سوى إجراء إحصائية "وهمية" تتضمن أرقاماً "فلكية". في فصل آخر من التطبيق "الشكلي" لمعايير الاحتراف نجد أن السلطة الرقابية الضامنة لتطبيق اشتراطات الاتحاد الآسيوي والمتمثلة في "حملات التفتيش" هي في واقع الأمر "حفلات تفتيش" ومراسم تبادل هدايا تذكارية وجولات سياحية تختتم بإصدار توصيات "صورية"، وكل هذه الشكليات تندرج إعلامياً تحت وصف تطوير كرة القدم في آسيا.

لست هنا بصدد المطالبة بإلغاء "معايير الاحتراف"، وإنما أطالب الرئيس الجديد للاتحاد الآسيوي لكرة القدم بإرساء مزيد من التوازن بين شرق القارة وغربها، وتصحيح أخطاء سلفه عبر مراجعة وتعديل لوائح المسابقات حتى تكون نموذجاً أكثر قابلية للتطبيق والتعميم، فتجربة اليابان الرائدة في مجال الاحتراف على المستوى الآسيوي لم تنضج بسرعة الضوء، وتعميمها على أندية القارة وفق المنهجية المتبعة حالياً سيفرز تطويراً يسير على عكازين! ومن المثبت علمياً وعملياً أن الأمثلة الناجحة لا يستفاد منها عن طريق الاستنساخ والمحاكاة، بل بأخذ الملائم منها بعد دراسة كل جوانبها.

كتبت في السطور السابقة عن بعض المثالب التي اعترت آلية تطبيق "المعايير" الآسيوية، وهذا لا يعني، بأي حال من الأحوال، توجيه "دعوة مبطنة" لاتحادنا إلى التمرد على الأنظمة القارية أو عدم الخضوع لها بحكم الأمر الواقع؛ فالخطأ لم ولن يكون وسيلة صالحة لمعالجة الخطأ.

وبعد مرور أربع سنوات على البدء بتطبيق "المعايير"، يسأل سائل: ما الذي استوفيناه منها؟ الإجابة على لسان مسؤولي الاتحاد الكويتي لكرة القدم: "جاهزون... مستعدون"، والنتيجة: مقعد "منزوع الدسم"! حيث حصلت أنديتنا أخيراً وبعد استيفاء معيار "حب الخشوم" على (نصف مقعد) في دوري أبطال آسيا، وذهب البعض بالقول إلى أن "سلمان" قد خذلنا وأقر لنا ما لا يليق بقدرنا وثقلنا القاري. ولهؤلاء الأعزاء أقول الآتي: أولاً، رئيس الاتحاد الآسيوي ليس موظفاً لدينا، إنما هو حليف لنا، والفرق شاسع بين الحالتين. وما يقدمه لأنديتنا من استثناءات أو مجاملات سيرتب عليه أثماناً باهظة، أقلها معاملة الآخرين بالمثل. ثانياً: من الإجحاف يا سادة أن نسقط أخطاءنا وتخلفنا على الآخرين، فنحن من أوصلنا أنفسنا إلى هذا الهوان، وفي المثل الشعبي القائل: "من خلّى نفس سبوس لعبت فيه الدجاج" أبلغ وصف لحالنا.

قفّال

الاستنساخ هو محاولة ولادة "مسخ"، وفي معظم التجارب يموت المسخ سريعاً...

back to top