انتعاش الاقتصاد الأنجلو - ساكسوني مجرد سراب

نشر في 11-01-2014 | 00:01
آخر تحديث 11-01-2014 | 00:01
تبدو الآفاق جيدة بالنسبة إلى بريطانيا لتتفوق على بقية أوروبا. ورغم أن أستراليا وكندا ربما تسجلان تباطؤاً هذا العام، فإنهما تفوقتا على الجميع تقريباً منذ الانهيار المالي.
ينبغي للعالم تحضير نفسه لموجة من تفوق البلدان التي تتحدث الإنكليزية. منذ 2010 كان المتنبئون يقولون لنا إن الولايات المتحدة ستشهد انتعاشاً اقتصادياً كاملاً، وكانوا مخطئين في كل مرة. وهم يعدوننا الآن بأن عام 2014 سيكون مختلفاً. والاحتمالات هي أنهم سيكونون محظوظين للمرة الخامسة.

تبدو الآفاق جيدة بالنسبة لبريطانيا لتتفوق على بقية أوروبا. ورغم أن أستراليا وكندا ربما تسجلان تباطؤا هذا العام، فإنهما تفوقتا على الجميع تقريباً منذ الانهيار المالي. وتبدو البلدان التي تتحدث الإنكليزية مستعدة لأن تندفع في 2014 وتصبح في مقدمة باقي دول العالم الغنية، مع قليل من الزيادة أو النقصان هنا وهناك.

ويخبرنا الماضي القريب أن علينا أن نكون حذرين من تبجح العالم الناطق بالإنكليزية. كانت آخر نوبة له في التسعينيات من القرن الماضي مع ثورة الإنترنت في الولايات المتحدة وعولمة القطاعات المالية في نيويورك ولندن. وفي ذلك الحين انتهى التاريخ؛ انتصر إجماع واشنطن الذي شجع التحرر الاقتصادي وكانت لندن المدينة الأروع على كوكب الأرض.

واليوم يتم تجاهل عقيدة واشنطن إلى حد كبير. وقد أعاد التاريخ نفسه للحياة من خلال الصين التي يعتبر اقتصادها الآن قريباً من أن يصبح الأكبر في العالم. وقد وصلت إلى هذا الحد بسبب تجاهلها نصيحة أميركا إلى حد كبير.

ثورة الطاقة

لكن في عام 2014 يتحول التركيز إلى عودة الولايات المتحدة المقبلة. فالحقيقة الجديدة الأقوى هي ثورة الطاقة في أميركا. وفي العام المقبل من المقرر أن تتجاوز السعودية لتصبح أكبر منتج للنفط في العالم - وهو موقع احتلته سابقاً في 1970. وصدمة إمدادات الولايات المتحدة مُستمدة من براعتها، فقد عملت التكنولوجيا المحلية على تمكين المنتجين من الاستفادة من الطاقة التي كانت بعيدة المنال في الماضي. لكن الحديث عن ذلك ووصفه بأنه "سيغيّر قواعد اللعبة" أمر مبالغ فيه. ومن الأفضل بكثير أن تتوافر خمسة ملايين وظيفة جديدة في الولايات المتحدة بحلول 2020. لكن لأن حجم القوة العاملة بحدود 170 مليونا، لن تعمل هذه الزيادة على تغيير وجه الاقتصاد. والعوائد المحلية الناتجة عن أسعار الغاز المنخفضة ستكون عابرة. وينبغي للعالم أن يكون شاكراً للولايات المتحدة لأنها تقاوم الاستغلال التجاري للطاقة. وعليه أن يتذكر أيضاً أن الصين لديها أكبر احتياطي من الغاز الصخري في العالم.

فقاعة «وول ستريت»

وإليكم فيما يلي مخاوفي بصفتي شخصاً من العامة غير مطلع على علم الاقتصاد. نحن ندخل منطقة فقاعة وول ستريت قبل أن يبدأ الاقتصاد الفعلي بالسخونة. وقد تم شراء انتعاش الولايات المتحدة وبريطانيا بأموال سهلة تاريخياً، وهي أموال غذت طفرات أسعار الأصول التي بدأت بالفعل تبدو مكلفة. إن معدل مشاركة القوى العاملة في الولايات المتحدة عالق عند أدنى مستوياته منذ 40 عاماً، في حين أن معدل السعر إلى الأرباح في سوق الأسهم الأميركية أعلى بكثير من المتوسط.

والقلق الرئيسي بشأن عام 2014 هو أن يضطر الاحتياطي الفدرالي لإبطاء الانتعاش من خلال رفع أسعار الفائدة قبل أن يقوم معظم الأميركيين بملاحظة عودة الانتعاش. وهذا الخطر أكثر حدة في بريطانيا التي لديها تضخم أعلى بكثير من الولايات المتحدة.

ولا ينبغي لنا كذلك أن نكون راضين فيما يتعلق بمتانة الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة وبريطانيا. فقد بدأت الطبقة الوسطى الأميركية باستغلال إمكانيتها المالية مرة أخرى من خلال القروض العقارية وقروض السيارات. ويأتي انتعاش الاستهلاك الأميركي في وقت متأخر من دورة الأعمال وبعوائد منخفضة تاريخياً، حتى ان الارتفاع المتواضع في تكاليف الاقتراض قد يؤدي إلى انخفاض نمو الإنفاق.

وفي الوقت نفسه، تبدو على برنامج الحكومة البريطانية "المساعدة من أجل الشراء" لتعزيز نمو القروض العقارية، صفات المدمن على الكحول كافة: "طفرة عقارية واحدة فقط ومن ثم نعِدْ بالتوقف". إن تأثير الأموال السهلة في الولايات المتحدة وبريطانيا يعمل كذلك على تعظيم مقدار التباين في الدخول، الذي يعتبر بحد ذاته عائقاً للنمو. مع ذلك تبقى أسعار الفائدة الصفرية هي الأساس لكلا الانتعاشين.

من وجهة نظر معظم دول العالم الغنية قد تكون هذه مشاكل لا تعانيها إلا الطبقة الراقية. ولا بد أنها تبدو مغرية للناس في روما، ولشبونة، وأثينا. لكن ينبغي الحُكم على الاقتصادات المتقدمة من خلال الدرجة التي تعود بالنفع على غالبية شعوبها. وينبغي أيضاً تقييمها من خلال نوعية الاستثمارات التي تقوم بها تلك البلدان لصالح القوى العاملة لديها.

ومن المفهوم أن الولايات المتحدة – وخصوصاً بريطانيا – تتنفس الصعداء لأن الأمور ليست أسوأ مما هي عليه. لكن عليهما ألا يقللا من أهمية السعر المرتفع الذي تم به شراء النمو. ولا ينبغي لهما أن يخدعا نفسيهما بأن الأوقات الجيدة قريبة.

انتعاش ضعيف

تم الإطراء على أداء أميركا على المدى القصير في مقابل الآفاق الضعيفة لمنطقة اليورو. لكن ليس بإمكان النمو العالي في الولايات المتحدة أن يطمس حقيقة أنها تشهد أضعف انتعاش في تاريخها على الإطلاق. وكذلك الأمر بالنسبة لبريطانيا. وأفضل ما يمكن قوله هو أن الولايات المتحدة ستأخذ الجائزة الأولى لكونها الأقل قبحاً في مسابقة الجمال الغربي (وبريطانيا التي يملأ وجهها النمش من المحتمل أن تكون الوصيفة لهذا العام).

كانت آخر دورة للأعمال الأميركية قادرة فقط على استعادة ذروة العمل السابقة في 2007 - وهو عامها الخامس والأخير. وكانت أبطأ فترة لانتعاش الوظائف منذ الكساد العظيم. وسنكون محظوظين إذا استطاعت الدورة الحالية، التي بدأت في منتصف 2009، تحقيق النتيجة نفسها بحلول عامها الثامن. وهي لن تتمكن كذلك من عكس الانخفاض في متوسط دخول الأسر، الذي هو تقريباً أدنى مما كان عليه في بداية الانتعاش بنسبة 7 في المئة، وبريطانيا لديها قصة مماثلة.

هل يمكن أن يكون 2014 العام الذي ينعكس فيه كل هذا بقوة؟ عدد من أفضل أصدقائي اقتصاديون، وهم أول من يعترف بأنهم توقعوا عشرا من فترات الركود الخمس الماضية. وليس هناك سبب وجيه يدفعني للاعتقاد بأن افتراضاتهم عن فترات الانتعاش ستكون أكثر دقة. ومثل الساعة المتوقفة التي تعطيك الوقت الصحيح مرتين يومياً، ربما تكون توقعات علم الاقتصاد صحيحة أخيراً في 2014. وفي حال تساوي جميع العوامل الأخرى، ستسجل الولايات المتحدة نمواً بحدود 3 في المئة هذا العام. وتبدو بريطانيا على المسار الصحيح لتسجل 2.5 في المائة. في المقابل، ستكون منطقة اليورو محظوظة إذا سجلت نمواً بنسبة 1 في المئة. لكن معظم الاقتصاديين سيستمرون في التقليل من أهمية القوى الهيكلية التي تضغط إلى الأدنى على معدلات اتجاه النمو في الولايات المتحدة وبريطانيا.

* إدوارد لوس | Edward Luce

back to top