أوروبا تفقد ثقتها بالرئيس الأميركي

نشر في 16-11-2013 | 00:01
آخر تحديث 16-11-2013 | 00:01
No Image Caption
مع انطلاق المفاوضات مع إيران في جنيف، سمعت أخيراً مسؤولاً أمنياً أوروبياً رفيع الشأن يعبر عن شكوك مماثلة إلى حد ما لمخاوف السعودية وإسرائيل. فقد تساءل عن مقدار الوقائع التي يريد أوباما التعاطي معها في ما يتعلق بسعي طهران إلى تطوير أسلحة ذرية.
 John Vincour   عندما قتلت الولايات المتحدة أسامة بن لادن في إحدى ليالي عام 2011 في باكستان، أعلن باراك أوباما: "ما من أمر لا يمكننا القيام به كأمة". وأخبر أوباما العالم أن الولايات المتحدة "لن تألو جهداً في الدفاع عن مواطنينا وأصدقائنا وحلفائنا".

ولكن بعد مرور سنتين ونصف السنة، لا يبدو أن إدارة أوباما لا تألو جهداً للدفاع عن أحد غير مصالحها السياسية المحلية المباشرة، باستثناء عمليات التجسس الشاملة التي قامت بها في دول تُعتبر الأقرب إليها.

لكن الجديد في هذه المسألة أن تشكيك أوروبا في حكمة الولايات المتحدة وقوتها وتصميمها يتركز بشكل متزايد حول شخص الرئيس بحد ذاته. فبالإضافة إلى عمليات التجسس، تأملوا في تردد أوباما وما آلت إليه المسألة السورية، أو في دوره في إطالة تعطيل الموازنة الأميركية أو في منح الولايات المتحدة برنامج رعاية صحية وطنياً جديداً إنما معطل.

في الوقت الراهن تعتبر حكومات فرنسا وبريطانيا وألمانيا أوباما مشكلة، وإن بدرجات مختلفة. وما عاد التعبير عن هذه النظرة يقتصر على المجالس الخاصة. وهي تعكس تراجعاً في القبول والاحترام التلقائيين اللذين لطفا المواقف الأوروبية من عهد أوباما الرئاسي التاريخي.

في ألمانيا، عبرت Die Welt، الصحيفة الموالية باستمرار للولايات المتحدة، عن أسفها من أن التطورات بلغت اليوم مرحلة يبدو معها أن الولايات المتحدة تحاول أن تؤكد صحة كل تحامل وُجه ضدها.

مع انطلاق المفاوضات مع إيران في جنيف، سمعت أخيراً مسؤولاً أمنياً أوروبياً رفيع الشأن يعبر عن شكوك مماثلة إلى حد ما لمخاوف المملكة العربية السعودية وإسرائيل. فقد تساءل عن مقدار الوقائع التي يريد أوباما التعاطي معها في ما يتعلق بسعي طهران لتطوير أسلحة ذرية.

دار حوار دام ساعة مع هذا المسؤول الأوروبي حول ما إذا كانت إيران تعتقد أن الولايات المتحدة والغرب قد يهاجمانها في حال رفضت طهران تفكيك برنامجها النووي. ففي رد على مسألة سورية، حيث مازال الرئيس بشار الأسد يمسك بزمام السلطة بكل ارتياح، أعلن أوباما على شاشات التلفزيون الأميركية في شهر سبتمبر: "يدرك الإيرانيون، في رأيي، أن عليهم ألا يستنتجوا أننا لن نوجه ضربة إلى إيران لأننا لم نهاجم [سورية]".

أشار هذا المسؤول أولاً إلى ظروف انسحاب إدارة أوباما في شهر يناير الماضي من خطة لتقديم مساعدة عسكرية إلى الثوار السوريين بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا. ثم قال: "لاشك في أن إيران لا تصدق أن الولايات المتحدة والغرب سيوجهان إليها ضربة".

وأضاف: "ترسخت قناعتهم هذه بعد ما حدث أخيراً في الشأن السوري. لذلك تجاهل الإيرانيون هذه الفكرة". كذلك أعلنت الولايات المتحدة سحب إحدى حاملتَي طائراتها في الخليج الغربية، خطوة ستدفع الإيرانيين بالتأكيد إلى التخلي عن حذرهم.

إضافة إلى ذلك، اعتبر أوباما أن تركيبة من "التهديد العالي المصداقية باللجوء إلى القوة" و"الجهود الدبلوماسية الحثيثة" ما أدى إلى عقد "صفقة" مع الإيرانيين. وأضاف إلى ذلك تأكيداً أن تغيير النظام في إيران ليس هدفاً أميركياً.

بدت نظرة المسؤول الأوروبي إلى هذه المقاربة سلبية. فقد ذكر أن ممارسة ضغط مناسب على القيادة في طهران "تحتاج إلى تحدي الوطن الإيراني والجمهورية الإسلامية بصفتهما نموذجاً عالمياً فريداً".

تشمل المشاكل التي يواجهها الحلفاء في التعاطي مع الرئيس الأميركي، وفق هذا المسؤول، أن أوباما "لا يقوم بأي مشاورات، ولا يناقش المسائل مع حلفائه، بل يكتفي بنقل المعلومات والقرارات ووصف عمليته التحليلية".

بدا هذا مناقضاً تماماً للتأكيدات العامة في جنيف عن الوحدة التامة بين أمم الغرب (فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، والولايات المتحدة الأميركية)، التي تسعى بإلحاح إلى وضع نهاية لتطوير إيران أسلحة نووية. ولكن للمخاوف بشأن أوباما وجه عام مفاجئ.

يذكر كتاب Angela Merkel : The Chancellor and Her World (أنجيلا ميركل: المستشارة وعالمها)، سيرة ذاتية للصحافي المخضرم ستيفان كورنيليوس نُشرت في ألمانيا في شهر يوليو الماضي، أن ميركل تعتبر الرئيس الأميركي صعب الفهم. ويؤكد هذا الكتاب أن المستشارة الألمانية تبادلت مع نيكولا ساركوزي وغوردن براون تعابير الانزعاج من أن أوباما يبدو "غريباً وبعيداً وبارداً جداً".

يشير هذا الكتاب أيضا إلى أن الاحتكاك بالرئيس "يكشف أوباما آخر غير ما تراه من خلال صورته العامة". ويتابع الكتاب حديثه عن وجهة نظر المستشارة، ذاكراً أن ثقتها ضعيفة بقدرة الولايات المتحدة "المختلة" سياسياً في عهد أوباما على فهم نفسها، وهي مستاءة من الأفكار النمطية، مثل "أوباما ملاك السلام".

يراقب الفرنسيون والبريطانيون صراع المستشارة الألمانية لإعادة إحياء ثقتها بأوباما. لكن تاريخ فرنسا وبريطانيا المختلف ومفهومها المغاير للاختلافات البسيطة والفرص الدبلوماسية يصوغان شكوك هذين البلدين الحقيقية بشأن أوباما وقدراته.

back to top