حشرات اليسروع تنفث النيكوتين في وجه أعدائها
كان اليسروع الأزرق في فيلم {أليس في بلاد العجائب} معتاداً على تدخين النرجيلة وكان الأرنب الأبيض لا يكف عن النظر إلى ساعة جيبه. لا تبدو الأرانب مهووسة بمواعيدها لكن يبدو أن بعض حشرات اليسروع يتوق إلى نفث النيكوتين في وجه كل ما يزعجها.
اليسروع الذي نتكلم عنه هو من نوع الدودة القرنية. هذه الفصيلة تأكل نباتات التبغ من دون أن يزعجها النيكوتين الموجود على أوراقها. بما أن النيكوتين يمكن أن يؤدي دور مبيد حشرات طبيعياً، تساءل كثيرون عما يفعله اليسروع بالسموم التي يستهلكها. يشير أحد الأدلة إلى أن جزءاً من هذه الحشرات يستعمل السموم التي يجمعها كأسلحة (من المعروف أن اليسروع الشرقي ينفث سيانيد الهيدروجين الذي يجمعه من النباتات التي يأكلها في وجه أعدائه). تساءل فريق بقيادة إيان بالدوين من «معهد ماكس بلانك لعلم البيئة الكيماوية» في جينا، ألمانيا، عما إذا كانت الدودة القرنية تتسلح بالنيكوتين.أطلق د. بالدوين وزملاؤه تجربة حيث وُضع الدود القرني في حقول مليئة بنباتات تبغ عادية أو بنباتات معدلة وراثياً كي لا تنتج النيكوتين. وكانت عناكب الذئب تجول في المكان أيضاً، علماً أن هذه الكائنات تفترس بطبيعتها حشرات اليسروع. هل يصبح اليسروع في الحقول الخالية من النيكوتين أكثر ضعفاً أمام العناكب؟
هذا ما حصل فعلاً بحسب ما ذكر فريق البحث في {وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم}. من بين نباتات التبغ المليئة بالنيكوتين، تبين أن 75% من حشرات اليسروع صمدت كل ليلة في وجه اعتداءات العناكب. لكن لم ينجح إلا نصف ذلك العدد في الصمود في الحقول الخالية من النيكوتين. لاكتشاف المزيد عن الموضوع، أخذ بالدوين وزملاؤه بعض حشرات اليسروع وقاموا بإسكات الجينة التي تنقل النيكوتين من أمعائها إلى دمها. هذا ما يمنع إطلاق النيكوتين عبر الفتحات التنفسية على جسمها، ما يجعلها تطلق كمية إضافية من النيكوتين في برازها.كشفت المراقبة الدقيقة داخل غرف الغاز أن حشرات اليسروع العادية التي تنشقت التبغ العادي تطلق النيكوتين عندما تزفر، بينما تطلقها حشرات اليسروع التي تم فيها إسكات الجينة الفاعلة في البراز حصراً. بالتالي، حتى لو استهلكت الأخيرة التبغ الذي يحتوي على النيكوتين، ينتهي بها الأمر تحت فكَّي عناكب الذئب بمعدل ثلاث مرات أكثر من الحالات الطبيعية.حين استُخرج الهواء الذي يحتوي على النيكوتين من مجموعة محاصرة من حشرات اليسروع التي لم تُعدَّل وراثياً واستهلكت تبغاً عادياً ووُضع في وعاء من حشرات اليسروع التي أُسكتت جيناتها، تراجعت اعتداءات العناكب بنسبة 64%. بالتالي، يبدو أن هذه المعلومة أصبحت مثبتة بالنسبة إلى الدودة القرنية على الأقل. أما بالنسبة إلى اليسروع الأزرق الذي يُذكَر في قصة لويس كارول، فلا أحد يعلم ما كان يدخنه في نرجيلته!