تقرير اقتصادي : خطة التنمية الجديدة... كيف نضمن عدم تكرار الفشل؟

نشر في 14-08-2014 | 00:09
آخر تحديث 14-08-2014 | 00:09
No Image Caption
• إفصاح ربع سنوي عن النتائج وربطها بالمؤشرات والميزانية من معايير النجاح

• معاملة الخطة كمشروع دولة ومعالجة اختلالات الاقتصاد أولوية

على غرار ما كان عليه حال الخطة السابقة، تعاني الخطة الجديدة، مجدداً، الاختلالات الهيكلية الرئيسية في الاقتصاد الكويتي بشأن طغيان الإيرادات النفطية على غير النفطية، أو تنامي الإنفاق الاستهلاكي على حساب الاستثماري في الميزانية وغيرهما.

صدرت قبل أيام الخطة الإنمائية للسنوات 2015/ 2016 - 2019/ 2020 التي من المفترض أن تكون بديلة عن الخطة السابقة 2009/ 2010 - 2013/ 2014، والتي أكد عدد من الوزراء وقتها أنها «لم تكن مرتكزة على قواعد صحيحة» حسب ما قال وزير المالية السابق الشيخ سالم الصباح، في حين قالت وزيرة التنمية الحالية هند الصبيح عن الخطة الجديدة إنها ستكون «أقرب إلى الواقع دون إبهار المجتمع بوعود لا يمكن تنفيذها» .

ومع تجاوز التأخير في عرض الخطة التي كان مفترضاً أن تقدم في ابريل الماضي لا اغسطس الحالي، وعدم تضمُّن الخطة العام الحالي 2014/ 2015 دون إبداء سبب مقنع، فإنها مازالت تعاني الاختلالات الهيكلية الرئيسية في الاقتصاد الكويتي من طغيان الايرادات النفطية على الايرادات او تنامي الانفاق الاستهلاكي على حساب الاستثماري في الميزانية او غيرهما، مكررة ما ورد في الخطة السابقة وما سطرته التقارير العديدة الحكومية والخاصة، كتقرير اللجنة الاستشارية الاقتصادية او المجلس الأعلى للتخطيط، فضلاً عن صندوق النقد الدولي وتقرير بلير والعديد من الدراسات الأخرى.

تساؤل

التكرار في عرض الاختلالات الاقتصادية، خصوصا مع تقديم الحلول دون تحقيق النتائج، يستدعي التساؤل التالي: ما الذي يضمن ألا يصيب خطة التنمية الجديدة مصير الخطة السابقة التي تم اكتشاف عدم صلاحيتها بعد 4 سنوات من تطبيقها؟

الجواب على سؤال كهذا يستلزم مجموعة من المعايير أهمها:

- تقديم بيان ربع سنوي يتضمن ما تم انجازه ومقارنة المنجز بما تم التعهد به لاستعراض الخطوات والمعوقات خلال الفترة محل الافصاح مع بيان التكاليف المالية.

- التركيز على ربط اهداف الخطة مع المؤشرات العالمية كمؤشرات التنافسية الدولية خصوصا فيما يتعلق بتطوير بيئة الاعمال وعدم المحاباة بالقرارات الحكومية وجودة التعليم وكفاءة سوق العمل والحرية الاقتصادية وغيرها من المؤشرات، خصوصا ان الكويت اعتادت خلال السنوات السابقة التربعَ في المراتب الأخيرة خليجيا، وبالتالي فإن تحسين أداء هذه المؤشرات سيكون نتيجة طيبة لأداء الخطة ورهان على نجاحها.

- يجب ربط انفاق الميزانية العامة بخطة التنمية، فلا يعقل ان تستهدف الخطة خفض الانفاق العام بينما ترتفع قيمة الميزانية 10% عن العام الماضي او ان تستهدف الخطة زيادة الانفاق الرأسمالي إلى 15.2%، في حين يشير الواقع الى ان الباب الرابع من الميزانية الخاصة بالمشروعات تراجع عن العام الماضي بـ9.9%، مما يشير الى ان خطة التنمية تستهدف شيئا والميزانية تحقق هدفا آخر.

- كان من الأفضل فصل خطة التنمية ومستهدفاتها عن مشاريع البنية التحتية والتركيز اكثر على الضروري منها كمعالجة الخلل في الايرادات من حيث طغيان الايرادات النفطية على غير النفطية واختلالات سوق العمل والتركيبة السكانية، فضلا عن ضآلة الانفاق الاستثماري في الميزانية، فهذا الفصل سيبين أداء الحكومة في كل محور، خصوصاً ان البنية التحتية في الكويت غالباً لا تخدم الإيرادات غير النفطية أو تساعد على توفير العمالة الوطنية، وإن كانت تصب في مصلحة الإنفاق الاستثماري.

- الأهم لتحقيق نجاح في خطة التنمية أن يتم معاملتها كمشروع دولة يتم التعامل معها على أعلى المستويات، فهي تتحدث عن 119 سياسة تنموية اقتصادية و175 سياسة للتنمية البشرية و51 سياسة في الإدارة العامة و56 مطلباً تشريعياً، وغير ذلك من إصلاح للميزانية، وإنعاش منطقة شمال الكويت بعمليات توفر للدولة إيرادات غير نفطية، وبالتالي يجب ألا يظل هذا الكلام قيد التنظير أو الأوهام، بل يتحول إلى مشروع دولة يكون معياراً لنجاح أو فشل هذه الخطة ويتم فيها معاقبة مَن أدى إلى الفشل ومكافأة من حقق النجاح، فليس من المقبول أن نضيع 5 سنوات أخرى في التجربة او محاولة تحقيق انجاز وهمي.

واقعية أم متواضعة؟

لا يمكن رفع سقف التوقعات لخطة تنمية تقول الوزيرة المسؤولة عنها انها «واقعية»، وهي في الحقيقة ترجمة لكلمة «متواضعة»، وهو ما تبين مثلا في خفض مساهمة القطاع الخاص من 15.5 مليار دينار في الخطة السابقة إلى 8 مليارات في الحالية، أو الإخلال بتعهدات وزير الاسكان بتوفير 12 ألف وحدة سكنية في حين تتعهد الخطة بتوفير 5760 وحدة سنوياً فقط، لذلك يجب عدم التذرع بواقعية أو تواضع الخطة لعدم إنجاز ما ورد فيها من مستهدفات، خصوصا أن غياب الإنجاز منذ سنوات يستلزم تحقيق نموذج ناجح للإدارة خلال السنوات القادمة قبل أن يقع المحظور وتتراجع أسعار النفط فيتزايد العجز مقابل تنامي المصروفات.

فالحكومة الحالية وقبلها حكومات كثيرة سارت بنفس النهج والأخطاء والسياسات، إلا أن فشل خطة التنمية يتزامن مع توفر إمكانات لبلد نفطي يحقق الفوائض المالية المتتالية منذ أكثر من 14 عاما، وليس سراً القول إن لدينا إمكانات عالية لتحقيق خطة تنمية حقيقية تحقق سنوياً نمواً في مؤشراتها التنافسية لنتفوق على الأقل على الدول المحيطة بنا، الا ان هذا يتطلب نموذج إدارة سليماً، وهو للأسف مشكوك في توفره حاليا.

back to top