علّميهم لغة المال

نشر في 05-04-2014 | 00:01
آخر تحديث 05-04-2014 | 00:01
لا يُعتبر الأولاد مطلقاً أصغر من أن يبدأوا بالتفكير في مستقبلهم المالي. فلهذا السبب ابتُكر صندوق المحاسبة البلاستيكي مع أوراق مالية ومعدنية مزيفة.
غاية لعب مماثلة تعريف الأولاد إلى مفهوم المال في أبكر وقت ممكن. ولا تهدف خطوة مماثلة إلى مساعدة الولد على النجاح في المستقبل، بل تقبّل العمل المستمر لتأمين حاجاته وقوته. فلا يستطيع الولد النجاح في هذه العملية في المستقبل، إلا إذا فهم الهدف الحقيقي من المال وكيفية استخدامه.

من المؤسف أن كثيرين في مختلف دول العالم يواجهون صعوبة مع هذا المفهوم في سن البلوغ. ففي حالات عدة، يتحدّر هؤلاء من أسر لم تنعم بوفرة من المال. لذلك كان الأهل، الذين يناضلون أساساً للحصول على المزيد منه، يترددون في التحدث إلى أولادهم عنه، مهما بلغ سنهم. في المقابل، قد يشعر أهل آخرون أن من الأفضل للولد أن يبدأ ببناء علاقته بالمال بنفسه مع بلوغه السادسة عشرة أو الثامنة عشرة، حين يتعلم القيادة ويذهب للتبضع بمفرده. ولكن إذا كان المال محور العالم والأولاد جزءاً لا يتجزأ من دورة الحياة، فلا يُعتبرون مطلقاً أصغر من أن نعلّمهم دروساً مهمة عن المال تعود عليهم بالفائدة اليوم وفي المستقبل.

إنجازات ومهارات

أطلقت {برنامج اللغة العالمي}، الذي يهدف إلى تعليم أولاد الأسر الفقيرة أن إتقان لغة أخرى يشكّل أحد أهم إنجازاتهم في الحياة. فمن خلال هذه المهارة، يمكنهم جني مبالغ أكبر من المال، مقارنة بما كانوا سيحققونه إن لم يجيدوا لغة أخرى. وبما أن هذا البرنامج مخصص لأولاد الأسر الفقيرة في المدارس الرسمية في مدينة نيويورك، يُظهر أن هؤلاء الأولاد ما كانوا ليفكروا على الأرجح في مفهوم مستقبلهم المالي، فكم بالأحرى استثمار المال لتحسين مهاراتهم؟

لكننا نفرح حين نرى الحماسة في أعين أولادنا والشرارة الحقيقية التي أشعلناها في قلوبهم، خصوصاً عندما يلاحظون أنهم بدأوا {يتقنون} اللغة ويدركون ما يعني ذلك بالنسبة إلى مستقبلهم. فستفتح أمامهم هذه الخطوة باب الجامعات التي ما كانوا ليفكروا فيها بسبب غياب المنح، أو البرامج التدريبية التي ستوصلهم ذات يوم إلى مناصب تتيح لهم السفر ورؤية ما يخبئه لهم العالم خلف محيط حيهم الصغير.

يجب أن يدرك الأهل من مختلف شرائح المجتمع قدرة اللغات على تغيير عقول أولادهم وفتح أبواب أمامهم ما كانوا يعلمون بوجودها. لذلك على الأهل التوصل إلى طرق ليعلّموا أولادهم لغة ثانية، سواء من خلال المقرر الدراسي الرسمي أو حصص بعد المدرسة، ويثيروا اهتمامهم بهذا المجال. تحتاج بلدان كثيرة إلى موظفين يجيدون أكثر من لغة. على سبيل المثال، تُضطر شركات أميركية من مختلف المجالات إلى توظيف آلاف العمال الأجانب الذين يتقنون الإنكليزية أو نقل أعمالها إلى الخارج. ويمكن سدّ هذه الفجوة لو توافر لهذه الشركات أميركيون يتقنون أكثر من لغة. لكن هؤلاء قليلون في المجتمع الأميركي.

إذاً، يُعتبر إدراك الفوائد الكبيرة لتعلم لغة ثانية بالغ الأهمية بالنسبة إلى الأولاد، مهما كان وضع أسرهم المالي. كذلك من المنطقي أن يطوّر الولد باكراً في حياته علاقة سليمة مع المال، ويعي أن جني المزيد منه سيتيح له النجاح في المستقبل، بغض النظر عن شريحة المجتمع التي ينتمي إليها. لكن الأهم، بالنسبة إلى الولد، من التعرف إلى مفهوم المال في سن مبكرة يبقى تنمية رغبة قوية في إتقان لغة ثانية، ما يؤدي إلى تعمّق أكبر في ثقافات أخرى واكتساب فهم أوسع، بما أن الأولاد هم قادتنا في المستقبل. ولا شك في أن هذه الخطوة ستتيح لهم أيضاً جني المزيد من المال. إذاً، المال هو بالتأكيد محور العالم، إلا أن التعاطف والفهم العالميين يمنحان هذا المحور هدفاً أهم.

back to top