«تورتة» الانقلاب

نشر في 08-11-2013
آخر تحديث 08-11-2013 | 00:01
 د. محمد لطفـي لأنني أعتبر نفسي رجلاً عاقلاً– أو أحاول أن أكون- يؤمن بالليبرالية واختلاف الآراء وتنوع الأفكار "الليبرالية الحقيقية وليست ليبرالية العين الواحدة" قررت أن أضع نفسي في موقف الزملاء الأعزاء من مؤيدي الانقلاب، فقد أكون مخطئاً أو ضيق أفق، ولا أرى الأمور جيداً وهم على صواب، وهم حادّو البصر أكثر عمقا في الفكر.

 لذلك قررت أن أتخذ موقفهم وأتبنى رأيهم وأفرح وأصفق للانقلاب وقائده، وبمناسبة مرور 4 أشهر كاملة على الانقلاب قررت الاحتفال بشراء "تورتة" كبيرة تتقاسمها عائلتي بهذه المناسبة السعيدة، وحيث إنني أهوى أحياناً عمل بعض الحلويات والأطعمة ولي خبرة في ذلك طلبت من البائع ألا يزينها ويترك لي هذه المهمة.

وأنا في طريق عودتي إلى المنزل أخذت أفكر كيف يمكن تزيينها؟ وما الصورة المناسبة لوضعها على "التورتة"؟ وباعتبار أن الانقلاب من أجل مصر ومستقبلها فكرت أن أزينها بعلم مصر واعتبرتها فكرة جيدة، لكنني تذكرت أغنية الانقلاب "إنتو شعب... وإحنا شعب"، ومنعاً للخلاف بين الشعبين "هم مش ناقصين" أيهما أحق بالعلم؟ ألغيت الفكرة.

 وقلت إذا كان العلم رمزاً فما المانع أن نعود إلى الأصل والواقع، سأضع خريطة مصر، وللأسف أيضاً تذكرت أن مرسي باع سيناء، ولأنني لا أستطيع أن أضع خريطة مصر بدون سيناء تنازلت عن هذه الفكرة أيضاً.

وصلت إلى البيت وما زلت أفكر إذا لم يكن ممكنا رسم صورة لها علاقة بمصر، فلماذا لا أضع صورة قائد الانقلاب؟ وتراجعت سريعاً... فبالتأكيد لن تكون صورتي في جمال الصورة الأصلية وسأحظى بغضب شديد من "فانز" قائد الانقلاب، وزادت حيرتي ثم تساءلت: ما المانع أن أضع مثلاً صورة قائد الانقلاب مع إشارة رابعة كنوع من المصالحة والليبرالية الحقيقية... وأدركت أنني أصبت بالعته والخرف، فإذا كان محمد يوسف وهو البطل الذهبي المصري تم سحب ميداليته وشطبه والتحقيق معه عندما أشار بإشارة رابعة، فهل يمكنني أنا المواطن البسيط أن أضع إشارة رابعة على "التورتة"؟ إن هذا هو الجنون بعينه.

وبدأت أفقد الأمل في وضع صورة تليق بهذه المناسبة السعيدة، وأخيراً خطرت لي فكرة: سأضع صورة التمثال الذي نحته فنان مصر العظيم الراحل محمود مختار ليعبر عن الفلاحة المصرية الأصيلة... يآآآه... لا يجوز... فهذا التمثال موجود في ميدان نهضة مصر أمام جامعة القاهرة حيث اعتصام رافضي الانقلاب سابقاً، وبالتالي وضعه على "التورتة" يتنافى مع ما جاء في صدر المقال من فرحي وتصفيقي للانقلاب وقائده.

 وأثناء انشغالي بالتفكير مددت يدي لدولاب المطبخ لأحضر الشكولاتة اللازمة للتزيين، وبالخطأ سقطت علبة الملح وطار غطاؤها، وانقلبت بالكامل على "التورتة"، ولم يكن هناك مفر من أن أضعها بالكامل– وكلي حسرة وألم وحزن- في سلة المهملات واعتذرت لأسرتي وانتهى الاحتفال... بالدموع والندم (على التورتة... لا على شيء آخر!!!).

وإلى مقال آخر إن كان للحرية متسع.

back to top