خيار أوباما الخاطئ بشأن إيران

نشر في 22-01-2014
آخر تحديث 22-01-2014 | 00:01
إذا كان اعتقاد البيت الأبيض أن العقوبات تلغي اتفاق جنيف أو تقود إلى الحرب صحيحاً، فهو بالتأكيد يكشف الكثير عن طريقة تفكير الإيرانيين، لا مجلس الشيوخ الأميركي.
 ريل كلير من المؤسف أن قرار وقف برنامج إيران النووي، الذي طالما كان مسألة تعني الحزبين معاً، اتخذ منحى بشعاً خلال الشهرين الماضيين ليصل إلى ذروته خلال الأيام القليلة الماضية.

نقصد بهذا المنحى حملة البيت الأبيض الشرسة والمتواصلة لمنع الكونغرس من السعي إلى فرض عقوبات جديدة ضد جمهورية إيران الإسلامية. باختصار، تعتقد إدارة أوباما أن الكونغرس، بتمريره عقوبات جديدة ضد إيران، سيقوض الاتفاق الذي وُقع في جنيف، ولتفادي هذه المشكلة، عمد البيت الأبيض بعدائية إلى وصف كل مَن يدعم العقوبات الجديدة ضد إيران (أو يعارض أيضاً اتفاق جنيف) بأنه شخص غير نزيه يهوى الحرب.

بدأت هذه الحملة في الثاني عشر من نوفمبر، حين اتهم المسؤول الإعلامي في البيت الأبيض جاي كارني الكونغرس "بالسير نحو الحرب" لأنه يدرس فرض عقوبات جديدة. وكرر هذا الهجوم في اليوم التالي. بعيد ذلك، أعلن الرئيس أوباما بتحفظ أكبر: "إذا كنا جادين حقاً في محاولتنا حل هذه المسألة دبلوماسياً"، فعلينا إذاً أن نقر بأن "الخيارات العسكرية بشعة دوماً".

استمرت جهود الإدارة خلال عطلة الأعياد، وارتفعت وتيرتها خلال هذا الشهر رداً على مشروع قانون جديدة في مجلس الشيوخ، فأعلنت أخيراً مسؤولة في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، برناديت ميهان: "إذا كان أعضاء الكونغرس يريدون أن تتخذ الولايات المتحدة خطوات عسكرية، يجب أن يصارحوا الشعب الأميركي ويعلنوا ذلك، وإلا لا يبدو واضحا لمَ يدعم أي عضو من الكونغرس مشروع القانون هذا...".

عندما نسمع هذا التصريح، فقد نظن أن ميهان تشير إلى مشروع قانون بسيط تروج له مجموعة صغيرة من أعضاء الكونغرس، لكنها كانت تتكلم عن "قانون إيران خالية من السلاح النووي" في مجلس الشيوخ الذي وضعه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور روبرت منديز (ديمقراطي من نيوجرسي) والسيناتور مارك كيرك (جمهوري من إيلينوي)، والذي يحظى بدعم أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين. ولا شك أن تأكيد ميهان أن أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي يريدون الحرب سراً وأنهم لا "يصارحون الشعب الأميركي" غير منطقي البتة ومرفوض تماماً لأسباب عدة.

أولاً، تُعتبر العقوبات أداة سياسية غير عنيفة تُعتمد لتفادي الحرب، فقد وصف الرئيس أوباما نفسه في خطاب قبوله جائزة نوبل العقوبات بأنها "بديل للعنف" يجب أن يكون "قوياً كفاية كي يبدل السلوك"؛ لذلك لا تبدو فكرة أن درس فرض المزيد من العقوبات (عقوبات مع استثناءات إنسانية، يمكن الرجوع عنها، تتمتع بمرونة كبيرة، تمنح الصلاحيات للرئيس، ويمكن تأخير تطبيقها بما يتلاءم مع اتفاق جنيف) سيؤدي حتماً إلى الحرب منطقية البتة.

ثانياً، يجب ألا ننسى أن الكونغرس قبل بضعة أشهر رفض رفضاً قاطعاً مسألة نشر أصول عسكرية ضد حليف إيران الرئيس، سورية، رغم جهود إدارة أوباما الحثيثة لإقناعه بالعكس. وما من دليل بكل بساطة على أن أعضاء الكونغرس تواقون للحرب.

ثالثاً، إذا كان اعتقاد البيت الأبيض أن العقوبات تلغي اتفاق جنيف أو تقود إلى الحرب صحيحاً، فهو بالتأكيد يكشف الكثير عن طريقة تفكير الإيرانيين، لا مجلس الشيوخ الأميركي. لا شك أن آراء البيت الأبيض المتضاربة الخاطئة بشأن الحرب والاتفاق الحالي تعكس إخفاقاً مقلقاً في محاسبة الإيرانيين على أعمالهم، فتُقدم الحرب كنتيجة منفصلة عن السبب وكتهديد لمنع الخصوم والمشككين من القبول بصفقة وفق الشروط الإيرانية (مثل عدم التوقف عن التخصيب). لكن هذا الطرح مغلوط، فإذا نشبت الحرب، فستتحمل طهران مسؤولية أكبر، مقارنة بالولايات المتحدة.

دعونا لا ننسى أن هذه المشكلة برمتها ترتبط بنشاط إيران النووي غير المشروع، الخطر، والمخادع، فإيران هي مَن تحدت علانية قرارات مجلس الأمن في الأمم المتحدة طوال سنوات، وتعود كل هذه المشاكل إلى عناد إيران وتجاهلها القانون الدولي، فضلاً عن سجلها الحافل بدعم الإرهاب؛ لذلك من المشين إلقاء مسؤولية التصعيد المحتمل في هذه الأزمة على كاهل مجلس الشيوخ الأميركي.

أعلن الرئيس أوباما أيضاً في خطابه أمام لجنة جائزة نوبل ما يلي:

"من الضروري محاسبة الأنظمة التي تنتهك القوانين. يجب أن تحملها العقوبات كلفة حقيقية... ويترتب علينا جميعنا أن نصر على منع أمم مثل إيران وكوريا الشمالية من التلاعب بالنظام، فلا يستطيع مَن يدعون أنهم يحترمون القانون الدولي أن يغضوا النظر عندما تُنتهك تلك القوانين، ولا يمكن مَن يهتمون بأمنهم الخاص أن يتجاهلوا خطر نشوب سباق تسلح في الشرق الأوسط وشرق آسيا".

في هذه الحالة، انتُهك عدد كبير من قرارات مجلس الأمن في الأمم المتحدة وبنود معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وقد يكون سباق التسلح وشيكاً في الشرق الأوسط، كذلك تراهن إيران اليوم على أن العالم "استسلم أخيراً لإرادة الأمة الإيرانية" ويقر بشكل دائم "بحقها في تخصيب اليورانيوم". كذلك وصفت إيران الاتفاق كفرصة لا تنطوي على المخاطر، معلنة: "بما أن هذه اللعبة تجري في ملعبنا، فلا مجال للخسارة... من الممكن التخلص من هذه العلاقات المترابطة ذات يوم".

تكمن المفارقة في أن الولايات المتحدة تقدم رواية مختلفة، فلا تهدد إدارة أوباما بحد ذاتها بعرقلة الاتفاق مع إيران، في حال شهدنا بعض التأجيلات، أو تراجعات عن الالتزامات، أو مواصلة الإصرار على حق إيران بالتخصيب. على العكس، تُعامل الإدارة النظام الإيراني كما لو أنه عميل مدلل وعلينا كلنا مداراته كي لا نسيء إليه.

هذا مرفوض. يجب ألا نسمح لهذه الأزمة بأن توصف بغير وصفها الدقيق، وعلينا بالتأكيد أن نقول "كفى!"، عندما نرى الاعتداءات السياسية الرخيصة على أعضاء من الكونغرس وآخرين بذلوا قصارى جهدهم لتطبيق توجيهات الرئيس بشأن المساءلة، والاحترام، والأمن.

David Ibsen و Mark Wallace

back to top