{فيسبوك} ورؤوس تماثيل مقطعة وتخوين

نشر في 01-01-2014 | 00:01
آخر تحديث 01-01-2014 | 00:01
No Image Caption
على أبواب نهاية 2013 شهد الـ {فيسبوك} اللبناني معارك طاحنة وسخيفة حول بعض القضايا، من بينها: مواقف فيروز السياسية والتبغ الجنـوبي في الذاكـرة، فضـلاً عن المناوشـات حول الكيمـاوي السـوري والمجازر اليوميـة في المـدن السوريـة. حضـرت هذه الأمـور بقوة في النسيج الـ {فيسبوكي} وعكست الواقع الثقافي المتردي في العالم العربي.
صار الـ {فيسبوك} صحيفة شخصية لكل مواطن ومثقف في العالم العربي، تعكس توجهاته الفكرية والشعرية، بل إن كاتباً مثل أحمد بيضون، نشر تعليقاته التي كان يضعها على صفحته، في كتاب بعنوان {دفتر الفسبكة}، في إشارة إلى ثقافة الـ {فايسبوك} المستحوذة على اهتمام الجميع، فهم ينشرون آراءهم في الجرائد ويسارعون إلى نشرها على الـ {فايسبوك} و}تويتر}، كأن لا حضور لها إلا من خلال هذه الوسائل الـ {ميديائية}، وصار الـ {فايسبوك} مكاناً لما تبقى من الشعر. في هذا السياق يكثر الشعراء ويقل الشعر، خصوصاً  في مرحلة استسهال النشر واستعجال البعض الكتابة والتعبير، بل برز الـ {فايسبوك} كمقهى للذاكرة الـ {فاست فودية}، وثمة من يحاول التركيز على ظواهر وإشهارها، ولكن الـ {فايسبوك} في مساره أشبه بالمطحنة، وبالمثل القائل: {كلام الليل يمحوه النهار، أو الكلام الافتراضي يمحوه الواقع}.

 واللافت في ثقافة الـ {فايسبوك} في 2013 أنها شهدت حملات تخوين، وهي اشبه بدعوات إلى القتل، من تخوين حازم صاغية إلى اتهام فواز طرابلس بـ{الارهاب والتفكير} من قبل بعض أقطاب {حزب الله}، مع أن الرجل ماركسي ولا ينتمي الى الفكر الديني، إلى جانب التحريض على الناشط لقمان سليم بسبب المعارض التي تنظمها جمعية {أمم} للتوثيق،  والطيش الـ {فايسبوكي} حول بعض مواقف الكاتب وسام سعادة.

قطع رؤوس

برزت في العالم العربي موجة لافتة من قطع رؤوس التماثيل  أو الهجوم على الأضرحة، خصوصاً في مصر وليبيا وسورية. فقدت شهدت سورية ومصر قطع رؤوس بعض تماثيل الشعراء من بينهم: أبو العلاء المعري في مسقط رأسه بمعرة النعمان، كانت جريمة قطع رأس تمثال أبي العلاء في مطلع فبراير 2013. ترافقت هذه الظاهرة  مع صعود مثير للجدل للتطرف الديني وابتلاع عناصر القاعدة بشقيها {داعش} وجبهة النصرة.

لم يقتصر الأمر على تمثال المعري، فقد طالت الحملة، كل تمثال تصل إليه {جبهة النصرة} سواء كان لأديب أو فنان أو حتى فلاح، فهي تزيله وتدمره من إدلب إلى درعا. وفي مصر سرق تمثال الأديب طه حسن وتم تحجيب تمثال أم كلثوم. ليست الهجمة على التماثيل إلا أحد وجوه أحوال الثقافة العربية المستجدة والتي لا توحي بالتفاؤل.

مجلات

على صعيد الإعلام، شهد 2013 صعود موجة المجلات الثقافية والفكرية ثم هبوطها، كأن هذه الظاهرة كانت ردة فعل أكثر منها مشاريع يمكنها الاستمرار. فاحتجبت {كلمن} ثم عادت إلى الصدور بعد الاتفاق مع ممول، واستمرت {بدايات} رغم الصعوبات المادية، وأصدر العراقي صموئيل شمعون مجلة {كيكا}، واحتجبت مجلة الآداب ورقياً، ويطمح صاحبها سماح إدريس إلى تفعليها من خلال الانترنت، وراجت سلسلة مجلات ثقافية تزامناً مع موجة الثورة السورية لكن سرعان ما خفت بريقها.

جوائز

ثمة ظاهرة باتت مريبة وتنامت في 2013، وهي اندفاع الكثير من الكتاب نحو الجوائز ووهجها وثمنها. من يراقب معرض الكتاب في بيروت يعرف الهوس بكل شيء اسمه جائزة، حتى وإن كانت الجائزة تسيء إلى الكتاب وصاحبه، والعرف الذي بات سائداً أن كل جائزة هي وسيلة لترويج الكتاب أولاً، ثم لتأمين راحة  الكاتب مادياً.

 وفي كل الأحوال، نالت جائزة نوبل للآداب الكندية أليس مونرو التي وصفت بأنها {سيدة فن الأقصوصة الأدبي المعاصر}، وأول كندية تفوز بنوبل للآداب والمرأة الـ 13 التي يُدوَّن اسمها في سجل هذه الجائزة.اشتهرت أليس مونرو، بكتابتها الأقاصيص الراسخة في الحياة الريفية في أونتاريو ما دفع إلى مقارنتها بتشيخوف.

وفاز أحمد فؤاد نجم بجائزة الأميرة كولاس، ونال الروائي السوري خالد خليفة جائزة نجيب محفوظ عن رواية {لا سكاكين في مطبخ الخليفة}... وثمة عشرات بل مئات الجوائز هناك وهناك...

على صعيد الكتابة، تابع كتّاب الرواية جموحهم، وما زالت الرواية حتى الآن {ديوان العصر}، حتى الشعراء استسلموا لهذه الظاهرة وباتوا يسابقون الروائيين في كتابة الرواية أو ما شابه. لا يدلّ هذا الأمر على أن الشعر لم يعد يعبّر، بل لأن الشعراء {الجدد} في الواقع لم يعد لديهم ما يقولونه، وفي الأساس لم يقدموا لغة تصل إلى القارئ، وبسبب منطق العزلة قتل شعرهم في مهده، هذا قبل أن يأتي الـ {فايسبوك} ويطحن أي معنى لأي قصيدة محتملة.

راحلون

رحل في 2013 مبدعون وشعراء وروائيون عرب وأجانب. ففي لبنان رحل الناقد اللبناني محمد دكروب (84 عاماً)  صانع مجلة {الطريق} والعصامي الآتي من مدينة صور الجنوبية الذي اختار القلم على {السمكرية}، وقُدّر أن يشكل ظاهرة في الوسط الصحافي اليساري والشيوعي. كذلك رحل رفيقاه المسرحيان يعقوب الشدراوي وأسامة العارف، اسمان بارزان في عالم المسرح والكتاب والمواقف، عرفا بقربهما من اليسار اللبناني ومسرحهما الـ {بريشتي} الذي شكل تحولاً في لبنان.

 وأسدل الفنان بيار صادق الستارة على ريشته الشهيرة، فهو أحد كبار رواد الرسم الكاريكاتوري السياسي في لبنان، كذلك رحل الفنان التشكيلي عبد الحميد بعلبكي السيزاني المقلّ والعاشق لجمع المخطوطات.

  وفي العراق رحل الشاعر شيركو بيكس، أحد أشهر الشعراء الأكراد وأبرزهم في النصف الثاني من القرن العشرين. ولد عام 1929 في عائلة مثقفة، إذ كان والده فائق بيكس أحد الشعراء القوميين المعروفين في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين. في السنوات الأخيرة انكب على تأليف ملاحم شعرية مطولة وصدر قبل سنوات كتابه {مضيق الفراشات}.

 في مصر رحل أحمد فؤاد نجم (1929- 2013)، أحد أهم شعراء العامية في مصر، لقب بـ{الفاجومي}، وسجن مرات عدة بسبب مواقفه وقصائده. يترافق اسم نجم مع اسم الشيخ إمام، إذ تتلازم أشعار نجم الانتقادية مع غناء إمام لتعبر عن روح الاحتجاج الذي بدأ بعد نكسة 1967، وشكلا ظاهرة صعلوكية في تاريخ الشعر والغناء، وثمة من وصف أعمالهما بأنها {بلوز لكن على العود}.

في سورية رحل سليمان العيسى عن 92 سنة، وهو من مواليد النعيرية في أنطاكية (لواء اسكندرون) عام 1921.  بدأ كتابة الشعر في التاسعة من عمره، فكتب أول باقة من شعره في القرية، متحدثاً عن هموم الفلاحين وبؤسهم. بعد نكسة حزيران (يونيو) 1967 انصرف إلى كتابة الشعر للأطفال، فأنجز دواوين كثيرة انتشرت عربياً، وهو من مؤسسي {اتحاد الكتاب العرب} في سورية (1969)، وانتخب عضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق (1990).

في انكلترا رحل كولن هنري ولسون (1931-2013)، كاتب إنكليزي، عمل في وظائف مختلفة ساعده بعضها على القراءة في وقت الفراغ، وبسبب قراءاته المتنوعة والكثيرة، نشر مؤلفه الأول {اللامنتمي} (1956) وهو في الخامسة والعشرين من عمره، تناول فيه عزلة المبدعين (من شعراء وفلاسفة) عن مجتمعهم وعن أقرانهم، فضلا عن تساؤلاتهم الدائمة. حقق الكتاب نجاحاً وأصداء نقدية قوية.

كذلك رحل اثنان من حملة جائزة نوبل هما: دوريس ليسينغ (1919- 2013)، كاتبة وروائية بريطانية، تعتبر السيدة الـ 11 التي تحوز الجائزة في فئة الأدب، وأكبر الفائزين عمراً في هذه الفئة. شيموس هيني (1939- 2013)، شاعر إيرلندي بدأ بكتابة الشعر حين كان طالباً في الجامعة، وكان شعره في الغالب انعكاساً لتجاربه الشخصية، وللوضع في مسقط رأسه إيرلندا الشمالية.

وفي أميركا رحل توماس كلانس (1947- 2013): مؤلف أشهر الروايات الحربية والسياسية والتجسس التي حققت أفضل المبيعات في الولايات المتحدة الأميركية والعالم.

في نيجريا رحل تشينوا أتشيبي (1930- 2013)، أول روائي بارز في القارة السوداء، تتناول كتاباته المخلّفات المأساوية للإمبريالية البريطانية على المجتمعات الإفريقية، حلّل أتشيبي العلاقات الأسلوبية بين الأدبين الأفريقي والإنكليزي، واستحوذت أعماله على اهتمام النقد الأدبي.

وفي فرنسا رحل الشاعر الفرنسي جاك دوبان( مواليد 1927)، مخلّفاً وراءه مجموعات شعرية، حفرت عميقاً، بجدتها، وثورتها، ومجازفتها في الشعر الفرنسي، بعد المدارس و}الرواد} أمثال: بروتون، إلويار، أراغون، بونفوا، بيار جان جوف، سان جون برس.

 

back to top