العاهل السعودي يقطع طريق الخلاف... ويطمئن الخارج

نشر في 29-03-2014 | 00:01
آخر تحديث 29-03-2014 | 00:01
No Image Caption
الأمير مقرن أصغر أبناء مؤسس السعودية... والملك عبدالله يعتبره «محل ثقته»

واشنطن تفضل استقرار بيت الحكم ولا تحبذ المفاجآت   

«هيئة العلماء» ترحب بالقرار الملكي

في ظل أزمات عدة تعصف بالمنطقة، فضلا عن أعمال عنف تطوق المملكة من العراق شمالاً إلى البحرين واليمن شرقاً وجنوباً، جاء تعيين الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد السعودي بمنزلة رسائل قوية للداخل والخارج، وكذلك محاولة مسبقة لقطع الطريق أمام أي محاولة لإثارة الخلاف داخل بيت الحكم وضمان استقرار مؤسسات الدولة.

باتخاذه قرارا لا سابق له ينص على تعيين ولي العهد المقبل، بات جلياً أن الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز يسعى من خلال نظرة مستقبلية إلى تأمين خلافته على رأس الحكم دون مشاكل، مع عدم "ترك الأمور للمصادفات والمفاجآت" في الدولة الأولى المصدرة للنفط في العالم والمحاصرة بالتوتر إقليمياً وعربياً.

ووفقا للنظم السعودية السارية المفعول، تنتقل السلطة في المملكة من شقيق إلى آخر، مع الأخذ في الاعتبار التراتبية في العمر بين أولاد الملك المؤسس عبدالعزيز، يقوم بعدها الملك الجديد بتعيين ولي للعهد فور تسلمه مقاليد الحكم.

لكن العاهل السعودي (90 عاماً) أصدر أمس الأول قراراً مفاجئاً ينص على تعيين أخيه غير الشقيق الأمير مقرن، أصغر أبناء الملك المؤسس الخمسة والثلاثين، ولياً للعهد مستقبلاً، والذي يعتبر، بحسب دبلوماسيين، من المقربين جداً من الملك و"محل ثقته".

وبغية قطع الطريق أمام أي محاولة لإلغاء أو تغيير القرار في حال وجود خلافات، أكد الملك عبدالله أنه "لا يجوز تعديله بأي حال من الأحوال أو تبديله بأي صورة كانت ومن أي كائن كان أو تسبيب أو تأويل".

وحصل تعيين الأمير مقرن (69 عاماً)، الذي تولى رئاسة جهاز الاستخبارات بين عامي 2005 و2012، على موافقة "ثلاثة أرباع أعضاء هيئة البيعة" وعددهم 34 أميراً، بحسب بيان الديوان الملكي.

وبينما تأتي عملية التعيين في ظل أزمات عدة وأعمال عنف تطوق المملكة شمالاً وشرقاً وجنوباً، فإنها تتزامن مع زيارة الرئيس الاميركي باراك أوباما، اذ بالإمكان اعتبارها رسالة من الملك إلى الأميركيين.

خطوات انتقالية

في هذا السياق، كشفت مصادر دبلوماسية، لوكالة فرانس برس أمس، أن أوباما سيبحث مع الملك عبدالله خطوات "ترتيب انتقال سلس للسلطة دون مشاكل، في ظل تقدم قادة المملكة في السن وما يعانونه من مشاكل صحية".

وقالت المصادر إن الأميركيين "لا يحبذون المفاجآت في أول بلد مصدر ومنتج للنفط في العالم، نظرا لانعكاساتها المحتملة على سوق الطاقة والإمدادات النفطية"، مضيفة أنه "قد يفضل الأميركيون محاوراً معيناً يتواصلون معه، لكنهم يفضلون استقرار المملكة الذي يشكل أولوية بالنسبة لهم".

في الاطار ذاته، رأت افتتاحية "الشرق الأوسط"، المقربة من دوائر الحكم، ان السعودية "تعيش في وسط إقليمي مضطرب وشديد الهياج، وهناك دول انهارت أو على وشك الانهيار، من حولها"، مبينة أنه "لذلك فهي أكثر حساسية وإدراكا لأهمية التعجيل بحسم ملف انتقال الحكم، وعدم ترك هذا الأمر للصدف والمفاجآت".

3 رسائل

وأكدت "الشرق الأوسط" أن القرار يحمل عدة رسائل، فدولياً، تؤكد المملكة للعالم استقرارها وقدرتها على الاستمرار في ذات النهج المعتدل، وأن دولة بحجم السعودية واقتصادها ستبقى آمنة وفي أيد أمينة.

وإقليميا، وفي ظل الصراعات المحتدمة واجتياح الفوضى دول عربية، ترسل السعودية رسالتين؛ الأولى للأصدقاء: "نحن نزداد تمتينا لتحالفنا، ونشد من أزره بمزيد ثبات واستقرار". والثانية للخصوم: "إن أهدافكم المعادية ستؤول إلى خسارة، وإن طموحاتكم ستنتهي إلى ما لا يسركم".

أما داخليا فهي تعبر عن رغبة صادقة في إطلاع السعوديين بكل شفافية على ترتيبات انتقال الحكم وعلى مستقبل القيادة في البلاد، وأن الطمأنينة والأمن سيزيدان ويتطوران أكثر فأكثر في المرحلة المقبلة.

لكن قرار التعيين تحول إلى مادة دسمة للتعليقات في مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيدين ومعترضين على غرار كل المسائل التي تطرح للنقاش في "تويتر" وغيره، فرأى البعض ان تعيين الأمير مقرن خطوة استباقية لقطع الطريق أمام غيره من الأمراء، بينما كتب آخرون أن الامر مجرد مناورة لكي يتم تعيين وزير الحرس الوطني نجل الملك الأمير متعب نائبا ثانيا لرئيس الوزراء.

هيئة البيعة

وفي حين يمهد القرار الملكي الطريق أمام الأمير مقرن لكي يتبوأ سدة العرش، أكدت مصادر سعودية مطلعة، لـ"فرانس برس"، أن العاهل السعودي طلب من هيئة البيعة الموافقة على تعيين الأمير مقرن ولياً للعهد بعد تولي الأمير سلمان بن عبدالعزيز العرش، على أن يحل الأمير متعب مكان الأمير مقرن نائبا ثانيا لرئيس الوزراء.

وأكد دبلوماسيون لوكالة رويترز أن الأمير مقرن أصغر أبناء مؤسس السعودية، دمث الأخلاق، تلقى في شبابه تدريباً في بريطانيا على قيادة الطائرات المقاتلة، وهو صديق مقرب لابن أخيه الأمير بندر بن سلطان رئيس المخابرات الحالي الذي خدم معه في الجيش.

وتعهد الأمير مقرن بمواصلة نهج الإصلاح الاقتصادي الاجتماعي الحذر الذي بدأه الملك عبدالله، بينما يعد متشددا إزاء إيران وطموحاتها في المنطقة.

كبار العلماء

في غضون ذلك، وبينما رفع الأمير مقرن أمس برقيتي شكر للملك عبدالله والأمير سلمان، أكد فيهما بالغ تقديره للثقة الغالية، متمنيا أن يكون عند حسن الظن، رحبت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالأمر الملكي.

وقال الأمين العام للهيئة فهد بن سعد الماجد، في تصريحات صحافية أمس، إن "اختيار الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد برغبة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وتأييد هذه الرغبة من أغلبية أعضاء هيئة البيعة يؤكد ما تأسست عليه هذه البلاد من الاعتصام بحبل الله جميعاً وتحكيم الشريعة الإسلامية الغراء وصناعة القرار في مناخ من التفاهم والتعاون والشورى، انطلاقا من الأحكام الشرعية التي استقر عليها نظام الحكم في المملكة العربية السعودية".

وأضاف الماجد أن "هيئة كبار العلماء إذ ترحب بهذا القرار الحكيم، لتسأل الله تعالى العون والتوفيق للأمير مقرن، وأن يكون خير معين بعد الله تعالى لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، إنه ولي ذلك والقادر عليه".

(الرياض - أ ف ب، رويترز، واس)

back to top