افتتاحية : لا تمسّوا الدستور بل طبِّقوه

نشر في 19-03-2014 | 00:14
آخر تحديث 19-03-2014 | 00:14
No Image Caption
أصاب من وصف الدعوة إلى تعديل الدستور لزيادة عدد النواب بأنها "نغمة متكررة"، لكنه نسي أن اللحن تجاوز هذه المرة الرتابة المملة إلى النشاز الحاد.

ما الداعي لهذه الضجة وجمع التواقيع؟

لم يقل لنا أحد من النواب الكرام أصحاب "المبادرة التاريخية" الأسباب والموجبات. ولم نسمع رأياً حصيفاً يشرح للسائل المبرر، أو يقنع المشكك في الأهداف، أو يُسكت المتحامل المعارض سلفاً لجهود السادة النواب في هذا الإطار.

الأرجح أن اللاهثين وراء التعديل لا يدرون ما يفعلون، ولا هم قرأوا في متن الدستور أن التعديل يجب أن يصب في مزيد من الحريات، ولا فهموا من روحه أن التعديل ليس عملاً برلمانياً روتينياً يبدأ باقتراح وينتهي بتصويت. بل هو استثناء ضروري، وحدث كبير ينتج عنه إلزام مديد.

ليس صحيحاً أن زيادة عدد النواب توسع التمثيل. فالشرائح الممثلة هي تلك الموجودة في المجتمع الكويتي، والنواب الإضافيون سيكونون نسخاً متكررة عن الموجودين وقد يتحولون إلى حمولة إضافية في سفينة المجلس المثقلة بغير الفاعلين. أما عدد الـــ 50 نائباً الحالي، فكافٍ بكل تأكيد إذا قارنا نسبة عدد السكان إلى عدد النواب في أكثر من بلد في المنطقة أو في أعرق البرلمانات في العالم الديمقراطي.

يتذرع بعض مؤيدي الاقتراح بعدد اللجان والحاجة إلى مزيد من الأعضاء لتقوم بما يجب عليها من أعمال. والرد بسيط. أنتم ضاعفتم عددها بلا سبب وجيه، وفي يدكم تقليصها. أما الأهم، فاسألوا أنفسكم عن عدد المتغيبين عن حضورها، والمتهربين من الاجتماعات، والمتفرغين للعلاقات مع الناخبين لتأمين الخدمات وإعادة الانتخاب بعيداً عن هموم التشريع.

هذا ليس وقت تعديل الدستور. فالتعديل يحتاج إلى توافق سياسي واسع، ويجب أن يفرض نفسه أولوية على أجندة القوى الواعية والمسؤولة، لا أن يطرح بخفة فاتحاً الباب أمام صراع سياسي، وامام ردود أفعال الشارع والقوى السياسية المستنكرة لهذا الاقتراح الذي يهبط بالمظلة بلا تشاور ولا تحضير ولا تفسير.

تريدون تعديل الدستور؟ هناك مواضيع أَولى، على رأسها الحريات لتكريس المزيد منها. والأكيد أن زيادة عدد النواب ليست أبداً مناسِبة لا في الأسباب ولا في التوقيت، اللهم سوى أنها تفتح باباً لا نعرف كيف يغلق وشهيات يصعب أن تُضبط، وتثير بلبلة نحن في غنى عنها.

فاقفِلوا الموضوع، واكتفوا بما حصدتم من عناوين في الصحف وبما استعرضتموه على الشاشات. وانسوا تعديلاً كهذا.

الجريدة

back to top