تقرير اقتصادي: ترقية البورصة إلى مؤشر «MSCI»... تتطلب حزماً ضد المتلاعبين وتطوير مهنية السوق وأدواته الاستثمارية

نشر في 29-05-2014 | 00:07
آخر تحديث 29-05-2014 | 00:07
No Image Caption
• البورصات الخليجية نجحت في الوصول إليه... وسوف تستقطب الأموال وتزيد مهنيتها

• مساعي تعديل قانون «أسواق المال» تستهدف تدمير السوق أكثر من تطويره

هل تسير الكويت في اتجاه العمل على ترقية البورصة لتدخل في المستقبل القريب مؤشر MSCI للأسواق الناشئة، وبالتالي تستقطب المزيد من الأموال وترتفع مهنيتها؟ الجواب للأسف لا.

شهد منتصف الشهر الجاري تحولاً مهماً في أسواق الأسهم الخليجية تمثَّل في ترقية ثلاث بورصات هي أبوظبي ودبي وقطر إلى مستوى الاسواق الناشئة، حسب تصنيف مورغان ستانلي (MSCI)، مما سيتيح لها استقطاب المزيد من الاموال الاجنبية واضفاء تقاليد مهنية اكثر على التعاملات بما يتوافق مع مستوى هذه الاسواق وتقاليدها المهنية .

اللافت ان ترقية البورصات الخليجية جاءت بعد ان فشلت عام 2008 في دخول مؤشر  (MSCI)، الا انها خلال 6 سنوات عملت على تحقيق هذا الهدف عبر تطبيق حقيقي لمعايير الشفافية والافصاح والتشدد في تطبيق القانون على المخالفين وتوفير قواعد تضمن حقوق صغار المساهمين والاقليات، حتى تمكنت في منتصف هذا الشهر من تحقيق هذه الترقية.

فمن مميزات الانضمام الى مؤشر MSCI  للأسواق الناشئة انه يعتبر المؤشر المرجعي لأسواق الأسهم العالمية الناشئة لدى العديد من المستثمرين الأجانب ومديري الصناديق لدرجة أن نحو 70% من مديري صناديق الاستثمار في أوروبا يستخدمونه لقياس الأداء.

أما بورصة الكويت فرغم أنها تشكل ما يصل إلى 24% من حجم مؤشر مورغان ستانلي للاسواق - دون الناشئة - الا انه تم تخطيها لصالح اسواق قطر التي كانت تحتل 15% والامارات 12%، فوزن السوق ليس مهما بقدر ما فيه من قواعد ونظم تتوافق مع معايير الترقي للاسواق الناشئة.

تساؤل

لكن هل تسير الكويت في اتجاه العمل على ترقية البورصة لتدخل في المستقبل القريب في مؤشر MSCI للأسواق الناشئة وبالتالي تستقطب المزيد من الاموال وترتفع مهنيتها؟

الجواب للاسف لا... فما يحدث في بورصة الكويت يستهدف تدميرها اكثر من تطويرها وهنا نتحدث عن المساعي المستمرة في مجلس الامة لتغيير قانون هيئة اسواق المال بدعم من مجموعة من المتضررين من تطبيق القانون، بهدف تمييع المواد الخاصة بالعقوبات على المتلاعبين في السوق.

ففي الوقت الذي تحض فيه قواعد الانضمام الى مؤشر MSCI للأسواق الناشئة على عدم استغلال المعلومات الداخلية او احتكارها وعدم تقديم معلومات من شأنها تضليل المتداولين او تجميل البيانات والموازنات ثمة من يسعى في الكويت الى تخفيض عقوبات التلاعب بالاسهم وتمييع المواد التي تجرم الحصول على منفعة أو مصلحة للنفس أو للغير مقابل إفشاء «السر أو المعلومة أو الخبر» عبر التلاعب بالتعريفات والمصطلحات، بما يقلل من قدرة الجهات الرقابية على ضبط الانفلات في التداولات.

وفي الوقت الذي تتشدد الاسواق التي على مستوى MSCI للأسواق الناشئة في مسألة حماية حقوق الاقليات والدفاع عن مصالح صغار المستثمرين ومساواتهم بكبار الملاك نجد في الكويت من يسعى الى تعديلات تمثل اضرارا مباشرا بمصلحة صغار المساهمين عبر السعي لرفع نسبة الاستحواذ الالزامي من 30 إلى 50 في المئة، مما يعني استبعاد صغار المستثمرين من اي صفقة تتم بين كبار الملاك نسبتها دون 50 في المئة، مما يعيد الى الاذهان العديد من صفقات الاستحواذ الظالمة التي تمت قبل تأسيس هيئة اسواق المال، وبالتالي فإنه في الوقت التي تتطور فيه بورصات الخليج نحو الترقية في المؤشرات العالمية هناك من يريد ان يعيدنا الى الوراء مع التأكيد ان هيئة اسواق المال ليست مثالية تماما، فهي لم تطبق المطلوب منها كاملا في ما يتعلق بتطوير البورصة او تسويقها او طرحها لمنتجات استثمارية جديدة.

مصادر الأرباح

كذلك يفرض الانضمام الى مؤشر MSCI للأسواق الناشئة على الشركات والاسواق المنضوية تحته ان توضح مصادر الأرباح، سواء كانت تشغيلية أو غير تشغيلية أو استثنائية غير مكررة وآليات تقييم الاصول، ناهيك عن جودة المعلومات المفصح عنها ودقتها، وهذه معايير تتناقض مع سلوك العديد من الشركات المدرجة في سوق الكويت للاوراق المالية ونقصد هنا شركات ورقية متعثرة بلا مشاريع ولا ايرادات ولا حتى موظفين وجودها عبء على البورصة والمتعاملين، وتشوه من قيمة بورصة الكويت وسمعتها وتقلل احتمالات ترقيتها لمستوى اعلى، وهنا يجب على هيئة اسواق المال ان تتعامل بشدة اكثر مع هذه الشركات وتخضعها للملاحظة وتشطبها من البورصة ان لم تستطع ان تستوفي المعايير -خصوصا المالية والتشغيلية- الخاصة بالإدراج.

فمثلاً هناك شركات في الكويت (مصرفية ومالية وخدمية كبرى) لها وزن اعلى من العديد من الشركات الاماراتية والقطرية التي انضمت إلى المؤشر، الا ان وضع الشركات الورقية والمفلسة والمتعثرة قلل فرص بورصة الكويت في الانضمام إلى مؤشر MSCI للأسواق الناشئة.

العلاج

من قصر النظر الذي نعانيه في الكويت اعتبار ازمة البورصة تتمثل في هبوط المؤشرات او حتى قلة السيولة فهذه مجرد اعراض للمرض وليست سببه، فالعلاج يتمثل في خلق بيئة تداول مهنية خالية من المتلاعبين فيها قدر اكبر من الشفافية ومحاربة الاستفادة من المعلومات الداخلية ومساواة صغار المساهمين بكبارهم، مع تنظيف السوق من الشركات التي تشكل عبئا حقيقياً عليه وعلى سمعته، فالبورصة يجب ان تكون اداة تمويل، ويجب ان تستمر هكذا، مع ارتباطها بأدوات استثمارية جديدة كصانع السوق والبيع على المكشوف وتطوير السوق الثانوي وأسواق السندات وغيرها، لتستقطب أفكارا وأموالا من الداخل والخارج.

إذا وصل المؤشر السعري الى 20 الف نقطة فهذا لا يعتبر نجاحا للبورصة بقدر النجاح الذي يمكن ان يتحقق من ترقية بورصة الكويت من مؤشر الاسواق ما دون الناشئة الى مؤشر الاسواق الناشئة، فالترقية هنا تعني مفاهيم وقواعد جديدة تم تكريسها في السوق بما يخدم معايير الشفافية والمهنية والافصاح، وهذا هو المطلوب لتحقيق بيئة سليمة في سوق الأوراق المالية بعيدة عن المتلاعبين، ومن سبق لهم تدمير الشركات وآليات التداول.

back to top