قاسم الدجاجات*

ذكر أهل الاختصاص في علم النفس أن الضحك يعالج الأمراض الجسيمة، بحيث يقوي مناعة الجسم ضد الأمراض، ويساعد في علمية شفاء المريض من أمراض عدة مثل: القلب، والضغط، والربو، والقولون العصبي؛ لذا اخترت لكم قصة طريفة من أجل رسم الابتسامة والضحكة على شفاه المرضى والأصحاء، ولأخفف عنكم ضغوط العمل والتوتر والقلق الذي يعيشه بعضكم يوميا، وإليكم قصة قاسم الدجاجات:

حدّث أعرابي كان ينزل بالبصرة قال: قدم أعرابي من البادية، فأنزلته وكان عندي دجاج كثير، ولي امرأة وابنان وابنتان، فقلت لامراتي: بادري واشوي لنا دجاجة وقدميها إلينا نتغدّها، فلما حضر الغداء جلسنا جميعا، أنا وامرأتي وابناي وابنتاي والأعرابي، فدفعنا إليه الدجاجة وقلنا له اقسمها بيننا، نريد أن نضحك منه، فقال: لا أحسن القسمة، فإن رضيتم بقسمتي قسمتها بينكم، قلنا: فإنا نرضى، فأخذ رأس الدجاجة فقطعه وناولنيه، وقال: الرأس للرأس، وقطع الجناحين وقال: الجناحان للابنين، ثم قطع الساقين وقال: الساقان للابنتين، ثم قطع الزَّمِكَّي (منبت ذنب الطائر) وقال: العجُز للعجوز، ثم قال: الزَّور للزائر، وأخذ الدجاجة بأسرها وسخر منا.

فلما كان الغدُ قلت لامرأتي: اشوي لنا خمس دجاجات، فلما حضر الغداء قلت: اقسم بيننا قال: إني أظن أنكم وجدتم في أنفسكم، قلنا: لا، لم نجد في أنفسنا فاقسم، قال: أقسم شفعا أم وتراً؟ قلنا: اقسم وتراً، قال: أنت وامرأتك ودجاجة ثلاثة، ثم رمى إلينا بدجاجة، ثم قال: وابناك ودجاجة ثلاثة، ثم رمى إليهما بدجاجة، ثم قال: وابنتاك ودجاجة ثلاثة، ثم رمى إليهما بدجاجة، ثم قال: أنا ودجاجتان ثلاثة، وأخذ دجاجتين وسخر مناء فرآنا ونحن ننظر إلى دجاجتيه فقال: ما تنظرون؟ لعلكم كرهتم قسمة الوتر، الوترُ لا يجيء إلا هكذا، فهل لكم في قسمة الشفع؟ قلنا نعم، فضمّهن إليه، ثم قال: أنت وابناك ودجاجة أربعة، ورمى إلينا بدجاجة، ثم قال والعجوز وابنتاها ودجاجة أربعة، ورمى إليهن بدجاجة، ثم قال: وأنا وثلاث دجاجات أربعة، وضم إليه الثلاث، ورفع يديه إلى السماء وقال: اللهم لك الحمد أنت فهّمتنا.

* من كتاب الحيوان، للجاحظ.

التعليق:

من خلال سردي لهذه القصة الطريفة استخلصت بعض الدروس المستفادة منها:

1 - إكرام الضيف وعدم إحراجه.

2 - عدم السخرية من الناس.

3 - الذكاء والفطنة وسرعة البديهة من أسرار النجاح.

4 - حسن التصرف في المواقف.

5 - فكر قبل أن تقرر.

6 - اضحكوا تصحوا.

7 - شكر الله سبحانه وتعالى على نعمة الذكاء.