«غرف «العقيد» السريَّة... فياغرا واغتصاب

نشر في 31-01-2014
آخر تحديث 31-01-2014 | 00:02
No Image Caption
إحدى علامات الطغاة في العالم أن جعبة أسرارهم لا تنتهي، حتى بعد مرور عقود على سقوط حكمهم وتحول عظامهم إلى مكاحل في القبور، فهم خلال حكمهم يمارسون مختلف أنواع النزوات والملذات والفجور والتعسف والبطش والوحشية، بدءاً من قمع الحريات مروراً بالمجازر وقتل المعارضين والسيطرة على المشهد العام سواء بالصور أو الشعارات. حتى في الأمور الجنسية يمارس الطغاة نزواتهم بأسلوب وحشي وإجرامي، وهذا ما بينته الوثائق عن «عالم القذافي السري».
ذكرت صحيفة «ميل أون صندي» أن القذافي أقام غرفاً للجنس تعرض فيها الآلاف من الفتيات والفتيان للضرب والاغتصاب والإجبار على أن يصبحوا «عبيداً» للجنس على مدى حكمه الذي استمر 42 عاماً. وقالت الصحيفة إن كثيراً من الفتيات العذارى اختطفن من المدارس والجامعات واحتجزن في مخبأ سري أُعد خصيصاً للجنس داخل جامعة طرابلس أو في كثير من قصور القذافي، وأضافت أن برنامجاً وثائقياً ستبثه القناة التلفزيونية الرابعة في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الشهر المقبل تحت عنوان «عالم القذافي السري»، سيكشف وللمرة الأولى عن الصور الأولى لغرف الجنس السرية، التي اغتصب فيها القذافي فتيات وفتياناً من عمر 14 عاماً وأخضعهن لمعاملة قاسية.

وأشارت الصحيفة، نقلاً عن البرنامج، إلى أن الفتيات «أُجبرن على مشاهدة مواد إباحية لتثقيفهن قبل أن يخضعن للمعاملة المهينة على أيدي القذافي، أما اللاتي تمكّن من الهرب فنبذتهن أسرهن بتهمة تلطيخ شرفها بالعار.

بربريَّة

لا يستغرب المرء أن يكون القذافي على هذه الشاكلة، فكل شيء وارد في المملكة القذافية، تعرف هذه الأمور من فضائح أبنائه أولاً على اليخوت في مدن أوروبا مع بعض عارضات الأزياء. كل شيء وارد في قصور القذافي من السياسة البربرية إلى الجنس البربري، وحتى الكتابة البربرية والخطابات البربرية، فـ»العقيد» طفل أنبوب العروبة كما يسميه حازم صاغية، حاول أن يكون زعيم العرب بعد رحيل عبد الناصر، وسمى نفسه «ملك ملوك أفريقيا»، وأطلق على ليبيا «الجماهيرية العظمى»، واشتهر بخيمته البدوية وأخذها معه إلى بلاد الحداثة في أوروبا، اشترى بعض المواقف الأوروبية بالمال، وهو فوق ذلك وضع حرسه الخاص من الجنس اللطيف، اللواتي ارتدين البزات المرقطة، ووضع أموال الدولة باسمه في المصارف الأوروبية حتى أصبح صاحب أكبر ثروة في العالم. واشتهر القذافي بألفاظه النابية والقذرة، وهو موّل الإرهاب من المحيط إلى الخليج، وفتك بما تبقى من لبنان إبان الحرب من خلال تمويل الميليشيا، فضلاً عن أنه متهم بخطف الإمام موسى الصدر، وقد جمع في مكتبته ما يكفي من المرتزقة في الفن والصحافة والسياسة والأدب. وعلى هذا لا عجب على باني السجون الضخمة والفاتك بالمعارضين أن يهتك ببراءة المراهقين وبكارة العذارى، فالتوحش هو نفسه، سواء في الجرائم التي اقترفها بهدف الحفاظ على سلطانه، أو في ممارسته أشكال الاغتصاب مع مراهقين ومراهقات، ويمكن أن تكون مادة عالم القذافي السري مفتاحاً لرواية عن دكتاتور العرب.

وليست المرة الأولى التي يتم فيها التطرق إلى الجنس في قصور «طفل الأنبوب». توثق الصحافية الفرنسية أنيك كوجان في كتابها «لا أحد يسمع صرخاتي- سجينة في قصر القذافي» الدرجة المريعة التي وصل إليها العقيد» في هوسه بالسلطة والجنس وإحدى طرق تعزيزه نفوذه عبر الانتقام من أصحاب الامتيازات بإخضاع زوجاتهم لسيطرته.

الفرائس كانت بالنسبة إلى القذافي، تلك النساء كافة اللواتي تصور الصحافية الفرنسية مصائرهن في كتابها. وكانت كوجان التي تعمل مراسلة لصحيفة {لوموند} قد سافرت في أكتوبر 2011 إلى طرابلس لتقصي الدور الذي قامت به النساء خلال الثورة، ولمعرفة التطور الذي عايشنه بعد الثورة. وخلال قيامها بالبحث الصحفي التقت مصادفةً بامرأة شابة أطلقت عليها في كتابها اسم {ثريا}. كانت هذه الشابة تحمل داخلها، وما زالت تحمل، حكاية مريعة، تعود إلى حقبة معمر القذافي في ليبيا. وتوثق مصائر نساء ليبيات أخريات مررن بتجارب شبيهة بما عايشته ثريا. كان الاغتصاب وسيلة من الوسائل التي استخدمها القذافي. في ممارسة السلطة على مفاوضيه عبر الاستيلاء على زوجاتهم، بدافع من شهوة السلطة، ثم لاحقاً بتأثير من أقراص الفياغرا أيضاً، كان الحاكم الليبي يغتصب يومياً كثيراً من النساء والرجال.

للدكتاتور حيز خاص في علاقته بالجنس والنساء. لنتأمل سيرة هتلر وعاشقاته، ولنقرأ الرسائل التي كانت ترسلها إليه النساء الحالمات بالحمل منه، ولنقرأ علاقة ستالين بالنساء أيضا. وقدر لكثير من الروائيين أن يركزوا على الجانب الجنسي في حياة الطغاة، خصوصاً في أميركا اللاتينية، فيقدّم غابرييل غارسيا ماركيز البطريرك أو الجنرال العجوز التي كانت ذكورته الخصبة وراء ولادة خمسة آلاف لقيط.

أما يوسا فيتناول من خلال تروخللو شخصية إنسانية تصير في ما بعد طاغية. مخلوق يستخدم السلطة المطلقة لصالح نزواته ويستفيد من عبودية الآخرين ليصير إنسانا وحشي النزعة. استخدم الجنس أداة للحكم أو للوصول إلى السلطة، ولم يكن الجنس بالنسبة إليه مسألة لذة، فآلاباء كانوا يقدّمون بناتهم له كأنهم يقدّمون القربان للرب. وفي الرواية شخصية أورانيا، الابنة العذراء الصغيرة لرئيس مجلس الشيوخ المغضوب عليه، والتي قدّمها والدها إلى الرئيس الجنرال الذي كان يغازل نساء معاونيه أو وزرائه ليذلّهم إلى الدرجة القصوى في هذا البلد المازوشي. أو هذه كانت إحدى وسائل الجنرال للتأكد من استعدادهم للتضحية بشرفهم من أجله.

back to top