أفضل رد إفريقي على جماعة «بوكوحرام»

نشر في 27-05-2014 | 00:01
آخر تحديث 27-05-2014 | 00:01
 كريستيان ساينس مونيتور بعد خمسة أسابيع من خطف أكثر من 200 فتاة في نيجيريا على يد جماعة «بوكوحرام»، كان الرد عسكرياً بشكل أساسي، لكن تشير المعطيات التاريخية إلى أن الجماعات المتطرفة المماثلة تنتشر في أفقر الأماكن، وتشهد إفريقيا ازدهاراً متزايداً، لذا يجب أن تتعلم كيفية استغلال ثروتها الجديدة.

تشهد معظم مناطق إفريقيا في هذه الأيام حالة من السلام والازدهار بطرق غير متوقعة، إذ يملك ثلثا سكانها (عددهم 600 مليون نسمة) هواتف خليوية، وبدأت وتيرة النمو الاقتصادي تفوق بقية دول العالم، وقد سجلت الاستثمارات الخارجية مستويات قياسية، ولكن عندما خطفت جماعة "بوكوحرام" أكثر من 200 فتاة في نيجيريا خلال الشهر الماضي، كانت الصدمة التي هزت ضمير العالم كفيلة بتعزيز الفكرة القائلة إن الصراع المتواصل لا يزال يعيق مسار القارة الإفريقية.

مثلما حصل في بعض الصراعات الحديثة في إفريقيا، كما في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى، كان الرد الأساسي، تجاه "بوكوحرام" في هذه الحالة، يقضي بشن هجوم مضاد، ما يعني مواجهة العنف بالعنف، ويوم السبت قبل الماضي أعلنت نيجيريا وأربع من الدول المجاورة لها في غرب إفريقيا الحرب على تلك الجماعة الإسلامية، ويتولى الفرنسيون والبريطانيون والأميركيون من جهتهم تقديم المعلومات الاستخبارية إلى نيجيريا التي تخطط لنشر 20 ألف جندي ضد "بوكوحرام".

تدعو بعض الأصوات اليتيمة إلى إيجاد نوع آخر من الانتشار السريع (أي النمو الاقتصادي) في منطقة إفريقية معروفة بالفقر المدقع واشتداد التصادم بين الإسلام والمسيحية، ومن بين تلك الأصوات، نذكر أغنى رجل في إفريقيا، أليكو دانجوتي، وهو مسلم من شمال نيجيريا، والذي يعتبر أن أفضل طريقة لمجابهة "بوكوحرام" والمجاهدين الآخرين تقضي بتوفير فرص العمل، لا سيما في مناطق نيجيريا التي تبلغ فيها نسبة بطالة الشبان 80%.

أطلق دانجوتي "مبادرة المدارس الآمنة" التي كلفت 10 ملايين دولار في شمال شرق نيجيريا، وهو يخطط الآن لتوفير 180 ألف فرصة عمل، وذلك من خلال القيام باستثمارات بملايين الدولارات في قطاع الزراعة، وبحسب رأيه، يُعتبر تمكين الشباب من الازدهار "أفضل وصفة ضد الإرهاب".

تشمل إفريقيا أصغر السكان في العالم، وهذا الوضع قد يعزز الفوضى لكنه يُعتبر أيضاً عاملاً جاذباً للمستثمرين العالميين الذين يبحثون عن عمال بأجور متدنية، ففي نهاية هذا القرن، من المتوقع أن يصبح العدد السكاني في إفريقيا أكبر من نظيره في الصين والهند وآسيا كلها مجتمعةً، وهذا ما يفسر ارتفاع التدفقات المالية نحو القارة بأربعة أضعاف منذ عام 2000، وقد بلغت مستوى قياسياً بمعدل 200 مليار دولار في السنة الماضية وفق تقرير البنك الإفريقي للتنمية الذي صدر يوم الاثنين.

وتراجع عدد البلدان الإفريقية التي تتابع الاتكال على المساعدات الخارجية راهناً، وفي السنة الماضية، جمعت بلدان عدة 10 مليارات دولار عبر بيع السندات في السوق المالية الدولية، بعد أن بلغت تلك القيمة مليار دولار منذ عشر سنوات. إنه مؤشر على تحسن نظام الحكم وتراجع الفساد، وذكر التقرير: "إذا استمرت وتيرة النمو بالمستوى الراهن، فقد تشكل الاستثمارات الأجنبية المباشرة واستثمارات الحافظة قريباً مصدراً أساسياً للتدفقات المالية في إفريقيا".

اليوم، يتجاوز النمو الاقتصادي في إفريقيا المعدل المسجل في أميركا اللاتينية، وهو يقترب من مستوى النمو في جنوب شرق آسيا، لكن يعيش نحو نصف الأفارقة في الفقر حتى الآن، لا سيما في منطقة الساحل الإفريقي التي تمتد على طول شمال شرق نيجيريا. صحيح أن اقتصاد نيجيريا يُعتبر الأكبر في إفريقيا ويفوق النمو المسجل هناك عتبة السبعة في المئة، لكنه فشل في تحقيق الازدهار في الشمال المسلم في معظمه، هذا ما أنتج بيئة خصبة للجماعات المتطرفة مثل "بوكوحرام".

يجب أن تعوّض نيجيريا سريعاً عن هذا الإهمال عبر تطوير موارد اقتصادية لأفقر منطقة فيها، فقد قام دانجوتي، أنجح مستثمر محلي، باستثمار المال بناءً على هذا الاحتمال، ويجب أن تحذو حكومة الرئيس غودلاك جوناثان حذوه لأن إرسال قوات عسكرية إضافية ليس أفضل حل للمشكلة.

back to top