«إسرائيكا!»

نشر في 03-08-2014
آخر تحديث 03-08-2014 | 00:01
 د. ساجد العبدلي لا أجرؤ على أن أحلم باتخاذ موقف عربي عسكري تجاه ما يحصل، فقد صار مثل هذا الأمر بعيدا حتى عن نطاقات الأحلام، ولا أتخيل قطعا للإمدادات النفطية أو سحبا للأرصدة المالية أو ما شابه، بل حسبي أن أنظر عند موطئ قدمي متأملا موقفا عربيا سياسيا معلنا يعاتب ويضغط على أميركا عله يؤدي إلى إحراجها في الداخل والخارج.

لست متخصصاً في علوم السياسة، كما أنها ما عادت تستهويني أصلا إلا بمقدار ما يفرضه علي التزامي الإنساني تجاه قضايا بني الإنسان في كل مكان، ولكن لا يمكن لأحد أن ينكر حقيقة الاندماج العضوي القائم دائما بين إسرائيل، ذلك الكيان الصهيوني الغاشم، والولايات المتحدة سياسياً، وأن يتجاهل واقع أن كل عربدات هذا الكيان الوحشي على مر تاريخه تحصنت عن الإدانة الدولية في مجلس الأمن بفعل "الفيتو" الأميركي الحاضر والجاهز دوما، والذي يذكر بأن أميركا قد قامت باستخدامه لإحدى وأربعين مرة حماية لإسرائيل (من أصل 79 مرة استخدمته فيها لموضوعات شتى).

ولا يمكن كذلك التغاضي عن حقيقة أن الترسانة العسكرية لإسرائيل مدعمة طوال الوقت وتلقى إسنادا أميركيا مفتوحا يمدها بمختلف أنواع الأسلحة هي الأشد فتكا بين مثيلاتها، بل قد دافعت بنفسها مؤخرا عن استمرار دعمها هذا لإسرائيل في أحداث غزة، بزعم أنه إمداد عسكري روتيني، دون أدنى تردد أو قطرة من خجل، بل صرحت بأنها "سمحت لإسرائيل بالاستفادة من المخزون الأميركي داخل إسرائيل لسدّ النقص".

وفي جانب آخر، من يتابع الآلة الإعلامية الأميركية يمكن له أن يشاهد ويلمس، دون أدنى جهد، حجم الانحياز الدائم للجانب الإسرائيلي، ومقدار التحوير والتزوير في تسليط الضوء على حقيقة ما يجري حاليا في غزة، وقبلها في كل الأحداث المشابهة.

لهذه الأسباب لا يمكن لي أن أتقبل أن للحكومات العربية التي تدعي وقوفها مع غزة، واترك عنك طبعا تلك الصلعاء مكشوفة السوءة في موقفها، أدنى مصداقية في مواقفها السياسية المتمثلة بخطابات الشجب والاستنكار وتوبيخ إسرائيل، في حين أنها لا تزال ترتمي في الحضن الأميركي ليس في الليل فحسب إنما في وضح النهار!

أدرك مقدار ارتفاع السقف، ولذلك لا أجرؤ على أن أحلم باتخاذ موقف عربي عسكري تجاه ما يحصل، فقد صار مثل هذا الأمر بعيدا حتى عن نطاقات الأحلام، ولا أتخيل قطعا للإمدادات النفطية أو سحبا للأرصدة المالية أو ما شابه، بل حسبي أن أنظر عند موطئ قدمي متأملا موقفا عربيا سياسيا معلنا يعاتب ويضغط على أميركا عله يؤدي إلى إحراجها في الداخل والخارج، فتضطر لكبح جماح عربدة إسرائيل المنفلتة.

هذا الأمر وحده هو آخر خيط في نسيج مصداقية الحكومات العربية إن كان قد بقي في ذلك النسيج شيء أصلاً.

back to top